الثورة _ رفاه الدروبي:
أمسكت بخيط الكتابة الأول، وراحت تخطُّ يمينها الخواطر والقصص، وعندما قرأت معلّمة اللغة العربيّة ما كتبته في موضوع التعبير في الامتحان أعجبها، وأثنت عليها، لكن خالها الكاتب القصصي عندما اطَّلع على ما كتبت قال: إنّها مشروع كاتبة قصصيّة، وفي الصف الثامن كتبت موضوعاً لم تستشهد فيه بأبيات لشعراء كبار، وإنما ببعض الأبيات المُتضمنة معاني الصّداقة، واستخدمتها في موضوعها الأدبيّ، كي تتميّز عن أقرانها في الصّفّ، فنالت أبياتها إعجاب المدرسة، وطلبت منها أن تكتبها لها على ورقة، وأملتها على الطّلّاب في الشُّعب الأخرى، مفتخرة بها.
وكانت الأبيات بلا وزن، لكنّها مقفّاة:
لي صديقٌ إن غبت عنه يوماً
يأتي ويسأل عن أخباري
صديقٌ مخلصٌ لم أرَ مثله
لا يبالي ببُعد داري
محبٌّ للخير وللمعرفة وللعلم
ومُحبٌّ لصحبةِ الأخيار
جبران
تأثّرت بما قرأتهُ من كتب لجبران خليل جبران، صنعت منها عالماً بخيالها أنّها ستصبح كاتبة موهوبة يقرأ النّاس كتبها، ونمّت موهبتها، وصقلتها بالمثابرة، والمطالعة، والكتابة، والتّعلّم، ولم تنكر سليمان دور الأهل، وخاصة والدها، فكان المشجّع الأكبر، لذا تدين له بالفضل لما وصلت إليه الآن، كما للمدرسة دور كبير من خلال معلمي مادّة اللغة العربيّة إذ عشقتها، وتميّزت بها، فنالت اهتماماً كبيراً منهم، ومن صديقاتها، لم تقف مكتوفة الأيدي عند إعجاب مدرستها وخالها وتشجيع والدها، بل تابعت دراستها بشغف حتى نالت دبلوم دراسات عليا في الأدب العربيّ من جامعة دمشق، فكانت شاعرة وقاصَّة وناقدة وروائيَّة طرقت باب أدب الطِّفل شعراً، وقصَّةً، ومسرحاً، ونقداً كاتبةً أدب الحكمة، وسيناريو وحوار نالت شهاداتِ تكريمٍ كثيرة لفوزها في مسابقاتٍ أدبيَّةٍ متنوِّعةٍ، ومشاركتها في سجالات أدبيَّة، وتميُّزها فيها، كما نالت المركز الأول عن جائزة اتّحاد الكتّاب العرب في مجال القصّة القصيرة السّاخرة العام الماضي، ووزارة الثّقافة عن فئة قصّة الطّفل، والمركز الثالث عن جائزة أبجد السّوريّة فئة القصّة القصيرة.
قصيدة النثر
الشاعرة والقاصة ميادة سليمان ترى أنَّ القصيدة حالة جماليّة غريبة من الصّعب وصفها، لكنّها شعور روحانيّ رائع يجعلها تحلّق بسعادة كبيرة حين يأتيها ملاك الشّعر.
فكتبت جميع أنواع الشّعر: الموزون، النّثريّ، النّبطيّ، العامّيّ، لكنَّ رأت أنَّه حماقة كبيرة لأنَّ كثيرين يعتقدون أنّ كتابة قصيدة النّثر أسهل من كتابة قصيدة الموزون، لكن قصيدة النّثر بمعناها الحقيقيّ مَنْ يكتبها شاعر متمكّن، لا تلك السّطور المنثورة حيث يوهمُ كاتبُها نفسَه أنّها شعر! أمَّا الجانب الثاني فرأت نفسها موهوبة، وليست بحاجة لأن تستسهلَ جنساً أدبيّاً لتبدعَ فيهِ، وعلى العموم لا يوجدُ في الإبداع سهلٌ وصعبٌ بالمعنى المُطلق، فكلّ جنس أدبيّ له ميزاته، وجماليّاته، وصعوباتُه فأنشدت في قصيدة نثرية عنوانها حسرة:
حسرة
فِي الوَاجهةِ النَّقيَّةِ
لِقلبِهِ
يُخبِّئْ قِطعةً لذيذةً
منَ الـ» أحبُّكِ»
مُزيَّنةً بِشُوكولا صَوتِهِ
ومكسَّراتِ لُطفِهِ
أرقبُها كلَّ يومٍ بِحَسرةِ طفلةٍ
تلبسُ فُستانَ اشتِيَاقٍ ممزَّقاًً
ولَيسَ في جَيبِ قلبِها
سِوى قَصِيدةٍ!
كما أردفت عن تأثرها بالشعر الخليلي فأشارت إلى أنَّها أحبّت الشّعر القديم، لكن كتبتهُ من باب أنّه لا ينبغي أن يصعبَ عليها جنسٌ أدبيّ، ولأنّ بعض الّذينَ أزعجهم تميّزها بقصيدة النّثر، حاولوا التّلميحَ إلى أنّها لا تتقن كتابة قصيدة عموديّة، فكان ردّها من خلال مجاراة شعراء أصدقاء لها، وكتابة بعض القصائد الموزونة، فاستطاعت أن تقف باقتدار وتثبت عكس أقوالهم، -حسب رأيها- عندما بينَّت أنها كي تكون منصفةً لنفسها، ليست من الشعراء الكبار في الموزون، وتحليقها الجميل من خلال الشّعر الحديث، لافتة إلى أنَّها لم تحفر بئر إبداع شعريّ لتنهلَ منهُ، ولتروي حقولَ لغتها الشّعريّة آبار الآخرينَ بل لتروي ظمأ زهور مفرداتها، وشجيرات صورها الإبداعيّة، ودلوها ممتلئٌ شعراً عذباً، كما اعتبرت المرأة الجميلة الحكيمة، المثقّفة، مَنْ تقرأ باستمرار، وتطوّر ذاتها.
غزة وجع في ضمائرنا
وأوضحت أنَّ أهمّ مفرداتها كانت في حبِّ الوطن واليوم يؤلمها ماتراه يحدث في غزّة فقد 8تركت وجعاً في الضمائر والقلوب، لذا سنناضل بأقلامنا ككتَّّاب، ومبدعين، ونفضح ممارسات العدوّ الغاصب.
نقتطفت جزءاً ممّا كتبته لأطفال غزّة:
حمام السّلام سعيداً يطير
يرنّمُ لحنَ انتصارٍ طروب
وطفلٌ شهيدٌ حِماهُ الغمام
ينادي: يَا أمّي كرهتُ الحروب
فكم نمتُ ليلاً أنادي الضِّياء
وذُعري وحوشٌ تصيدُ الهناء
وكم جعتُ فجراً وما من طعام
وكم ذقتُ مراً وبطني خواء
فقرّي عيوناً أنا في الجنان
وحولي رفاقي ضيوف السَّماء
أعمالها
مؤلَّفاتها الشعرية المطبوعة «تباً للقرنفلِ الأحمرِ» مجموعة ، و»عنايةٌ فائقةٌ للحبِّ» عام ٢٠١٧، و»كيفَ أُقنِعُ العصافيرَ؟ « ٢٠١٩.
مجموعات قصصية قصيرة «رصاصٌ وقرنفلٌ» ٢٠١٨، وحكاياتٌ شاميّةٌ ٢٠٢١، ومجموعة من الحكم «قالتْ ليَ الفراشاتُ» ٢٠٢٢، وكتاب نقدي «في رحابِ السَّردِ القصصيِّ» ٢٠٢٣، إضافة إلى مجموعتين قصصيّتين وثلاث مسرحيّات ومجموعة قصصيَّة للأطفال «قريةُ الفراشات».