مصطفى المقداد:
بعيداً عن كل التوقعات، وخلافاً لرؤية الكثير من المحللين، جاء تكليف الدكتور محمد الجلالي بتشكيل الحكومة الجديدة ليضع حداً لتلك الاجتهادات والتوقعات التي كان بعضها يستند إلى تحليل واقعي ورؤية استشرافية، فيما كان بعضها يبني رؤاه وفق أهواء ورغبات شخصية.
ومع هذا التكليف الرئاسي غير المتوقع فإننا أمام رؤية جديدة تنظر للواقع بكثير من التحليل والرؤية الصادقة والنظرة الموضوعية، فالمشاورات التي أجراها الرئيس الأسد مع أعضاء القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي مثلت حالة تختلف عما سبق من خيارات، وخاصة في انتخابات مجلس الشعب، التي أعادت تدوير معظم الأعضاء السابقين بمن فيهم رئيس المجلس، الأمر الذي عزز فكرة الإبقاء على الحالة الراهنة وإجراء تعديلات بسيطة.
إلا أن هذا الخيار فتح الباب أمام توقعات عديدة ترى أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون أكثر قدرة على التصدي للتحديات التي تواجه سورية، ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى العالمي باعتبار أن المتغيرات الدولية وحالة التوتر المستمرة في المنطقة واحتمالات المزيد من المخاطر يستدعي وجود قيادات أكثر كفاءة وحضوراً، أهم ما يجمع بينها وحدة الرؤية وتكاملها ما بين العاملين المحلي والخارجي في آن واحد، وهو أمر صعب التحقق، لكنه ليس مستحيلاً أبداً.
فالوزراء الذين أبدوا حيوية كبيرة في إدارة وتوجيه مؤسسات وزاراتهم هناك من يماثلهم في قطاعات الدولة كلها، لتبقى الحالة تحتاج الوقوف الدقيق على المقدرات الذاتية والبنى النفسية والوجدانية لمن ستقع الخيارات عليهم ليقودوا مرحلة شديدة الصعوبة، مليئة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قبل التحديات السياسية الكبرى.