تفاقمت أزمة النقل العام خلال الأيام الماضية بشكل كبير في كل المحافظات نتيجة تخفيض مخصصات وسائل النقل التي تعمل على المازوت بنسب وصلت إلى خمسين بالمئة خلال أيام العطل وأقل منها في الأيام العادية، وقد تركت هذه الأزمة آثاراً سلبية على المواطنين بشكل عام، وعلى العاملين في الدولة والمؤسسات التي يعملون فيها، والإنتاج والإنتاجية بشكل خاص، فقد عاشوا وما زالوا يعيشون معاناة كبيرة جراء الانتظار لساعات على الطرقات، والازدحام غير المسبوق في الكراجات ورفع الأجور بشكل كبير من قبل العاملين على وسائل النقل، ولم يتمكن الكثير من المعلمين والمدرسين من الذهاب إلى مدارسهم، كما لم يتمكن الكثير من العاملين في هذه الجهة العامة أو تلك من الوصول إلى أماكن عملهم رغم حاجة دوائرهم ومؤسساتهم الماسة إلى عملهم سواء في المدارس أو المصارف أو التنظيفات أو الجامعات أو..الخ، وترافق ذلك مع توجيه ملاحظات للجهات الحكومية المعنية بسوء التقدير وسوء الإدارة، وعدم اتخاذها الإجراءات اللازمة سواء لجهة الوقاية من حصول هذه الأزمة وغيرها من الأزمات المؤلمة جداً أم لجهة معالجة آثارها وتداعياتها دون تأخير.
وما دمنا نتحدث عن النقل لا بدّ من الإشارة إلى موضوعين مهمين يعكسان خللاً، ويعتبرهما الكثير من المواطنين وأصحاب السيارات (تكاسي عمومي)ضمن إطار الصفقات التي تحصل على حسابهم:
الموضوع الأول يتعلق بالعدادات التي تمّ إلزام أصحاب سيارات التكسي العمومي بطرطوس منذ سنوات عديدة بتركيبها بعد أخذ ثمنها منهم وأجور تركيبها على أمل تشغيلها ومن ثم إعطاء السائق حقه، ومنعه من استغلال الراكب، لكنها بقيت منذ ذلك الحين وحتى اليوم دون أي تشغيل وسط تساؤلات عن سر الإلزام بشرائها من جهة محددة، واتهامات عن عدم الإلزام بتشغيلها ومن ثم دخولها في عالم النسيان والتجاهل!.
أما الموضوع الثاني فيتعلق بإلزام أصحاب تلك (التكاسي العمومي) بتركيب أجهزة (جي بي اس)وتسديد قيمتها الكبيرة منذ منتصف العام الماضي على أساس تفعيلها وتخصيص مادة البنزين لهذه السيارات بناءً عليها، لكن حتى الآن لم يتم تفعيلها وتشغيلها والاعتماد عليها وسط تساؤلات واتهامات مماثلة لموضوع العدادات، خاصة وأن الشركة المشغّلة لنظام التتبع الإلكتروني تقوم منذ فترة بإرسال رسائل إلى مالكي تلك السيارات تتضمن ضرورة تسديد رسم الاشتراك (المرتفع القيمة) بالانترنت لأجهزة التتبع المركبة فيها رغم عدم تفعيلها لتاريخه كما ذكرنا.
والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم: إذا كان تخفيض كميات المحروقات لسيارات النقل العام يعود في جزء كبير منه لسرقة نفطنا من قبل أميركا وللعقوبات الجائرة المفروضة على بلدنا، فهل يعود عدم تشغيل عدادات التكسي وعدم تفعيل أجهزة التتبع و..الخ لنفس السبب أم لأسباب أخرى تتعلق بغياب رقابة الجهات المعنية وسوء أدائها؟!
الجواب برسم من يهمهم الأمر.