مباشرة ودون إمهال وضعت الظروف العامة الحكومة الجديدة على المحك خلال أيامها الأولى، بل قبل أن تكمل أسبوعها الأول، ليبدأ الامتحان في ظل الظروف القائمة وتطلعات المواطنين والأدوات الممكنة للتنفيذ، ولا ينكر أحد أن الامتحان صعب وعسير.
الظروف التي واجهت الحكومة بدأت بما يحصل في لبنان الشقيق والنزوح اللبناني إلى الداخل السوري والاستنفار الذي قام تأسيساً على ذلك، لتنهض في نفس الأيام مشكلة المحروقات بغياب البنزين غياباً شبه تام وارتفاع أسعاره في السوق السوداء ليصل اللتر الواحد منه إلى 25 ألف ليرة وفي الوقت نفسه غياب تام للرقابة التموينية في الأسواق، فالبنزين شبه مفقود في محطات الوقود، في حين أنه متوفر وبكثافة تثير الحسد على الأرصفة حيث تباع العبوة الواحدة من المادة على أنها 10 ليترات مجازاً، في حين أنها ثمانية فما دون قليلاً، تباع بسعر 250 ألف ليرة سورية، أي أن صفيحة واحدة منها بمعدل 16 لتراً أو 15 يصل ثمنها إلى نصف مليون ليرة، ولا أحد يرى ولا أحد يحاسب.
هي ظروف ليست الحكومة الحالية مسؤولة عن كلها، ولكن ما هي مسؤولة عنه بشكل كامل هو إيجاد الحلول العاجلة والإسعافية، لأن وزارات أساسية مهمة ومعنية مباشرة بكل ما يجري من أزمات يتولاها اليوم وزراء كانوا في وزارات أخرى، ومنهم من كان معاون وزير، أي أن مطبخ القرار والإجراءات والاقتراحات والاستراتيجيات موجودة لديهم أصلاً، الأمر الذي يجعل انتظار إجراء أو تصرف من الحكومة أمراً منطقياً وواقعياً، لأنهم لم ينقطعوا عن العمل الحكومي.
الأمور على جانب آخر على ذات المنوال، فالقروض شبه متوقفة وبعض المصارف العامة كالعقاري لم تعد تستطيع باستراتيجيتها والمركزي يقتّر بالسيولة وتعليماته تسبب شحاً شديداً فيها، فمن يرغب بسحب 25 مليون ليرة سورية وفقاً لقرارات المركزي نفسه لن يتمكن من سحب أكثر من مليون أو اثنين أو ثلاثة في أفضل الحالات.
المبادرة مطلوبة والحكومة مكلفة بإيجاد الحلول، ومهمتها ليست صعبة. وبعبارة أخرى ننتظر لنرى أفعالاً لا أقوالاً.
السابق