الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
يوم الثلاثاء الماضي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في كلمته التي ألقاها في الأمم المتحدة إنه يعمل على تحقيق “قدر أكبر من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”، في الوقت الذي تضخ فيه الحكومة الأميركية الأسلحة إلى “إسرائيل” حتى تتمكن من مواصلة مذابحها الدموية في لبنان وغزة.
وقالت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ للصحافة يوم الأربعاء الماضي “نحن لا نريد أن نرى هذا التصعيد” في لبنان وأن الولايات المتحدة تعمل على “تجنب حرب إقليمية”.
إن مثل هذه المزاعم كاذبة ومن الواضح أن القول بأن الولايات المتحدة تسعى إلى السلام في الشرق الأوسط غير صحيح، لأن الحروب هي جوهر الإمبراطورية الأميركية.
كل شيء في هيكل السلطة المركزية في الولايات المتحدة يشير إلى التوسع العسكري المستمر والعنف العسكري الجماعي.
بمجرد أن تقرر أن من وظيفتك محاولة إخضاع سكان كوكبك بالكامل لحكم مظلة قوة واحدة بأي ثمن، فإنك تقبل أنك ستستخدم القوة العنيفة إلى الأبد.
إن طبيعة النار هي الاشتعال، وطبيعة الإمبراطورية الأميركية هي شن الحرب، والحرب متشابكة، وبمجرد أن ينتهي الاستخدام الجماعي للعنف، فإن بنية القوة التي تمتد عبر العالم والتي تتركز بشكل فضفاض حول واشنطن سوف تنتهي، لذلك فإن الحرب هي الغراء الذي يربط بين بنية القوة هذه.
تحاول كل من “التقدمية” السائدة التي يتبناها بيرني ساندرز و”الشعبوية” اليمينية التي يتبناها دونالد ترامب، كل بطريقته الخاصة، أن يدافعا عن إمبراطورية أكثر لطفاً تتجنب الصراعات والانتهاكات غير الضرورية، ولكن هذه الحجج هي خداع في حد ذاتها، لأن الإمبراطورية الأمريكية مصنوعة من الصراعات والانتهاكات.
كلما قلّت الحروب والعسكرة والخنق الاقتصادي والتدخل بالوكالة، قلّت قوة الإمبراطورية الأميركية التي لا تستطيع التراجع عن عنفها أكثر مما تستطيع سمكة القرش السباحة إلى الوراء. والطريقة الوحيدة لإنهاء حركة سمكة القرش إلى الأمام هي إنهاء حياتها.
ولن تنتهي الحروب إلا بعد أن تنتهي الإمبراطورية الأميركية ذاتها، وهذا لا يعني نهاية الولايات المتحدة كدولة، بل يعني نهاية هيكل القوة الممتد على مستوى العالم والذي يتألف من حلفاء وأصول ورعايا، والذي يتماسك معاً بفعل العنف اللامتناهي. وقد تم إعداد كل مسؤول في السياسة الخارجية في واشنطن ولندن وباريس وكانبيرا للنظر إلى هذه النتيجة باعتبارها أسوأ نتيجة ممكنة، وتجنبها بأي ثمن، وقضاء حياتهم المهنية في تفانٍ في مشروع ضمان استمرار اشتعال النار واستمرار القرش في التحرك إلى الأمام. ولن يتمكن من رؤية هذا إلا أفراد عاديون من عامة الناس يتمتعون بقيم إنسانية صحية طبيعية.
إن أولئك الذين يؤيدون الإمبراطورية الأميركية سوف ينظرون بين الحين والآخر إلى التاريخ ويعترفون بأن بعض القرارات الفردية السيئة التي اتخذت فيما يتصل بفيتنام أو العراق أو أي مكان آخر، ولكنهم لن يعترفوا قط بوجود بنية قاتلة فطرية تضمن استمرار حدوث ما يشبه فيتنام والعراق في المستقبل.
ولكن هذه هي الحقيقة، ولن تسمعوا قط عن اعتراف بهذا في أجهزة الدعاية الحكومية المعروفة باسم الصحافة الغربية السائدة.
إن حكام الغرب منغمسون إلى حد كبير في الآلة الإمبراطورية إلى الحد الذي يجعلهم غير قادرين على إدراك حقيقة هذا الأمر، لذا فمن المؤكد أنك ستسمعهم يثرثرون حول السعي إلى السلام وتجنب معاناة المدنيين، حتى وهم يتخذون خطوات تضمن عدم حدوث السلام واستمرار معاناة المدنيين.
وإن الخيارات التي من شأنها أن تؤدي إلى السلام الحقيقي لا يُعترف بها حتى باعتبارها تحركات قانونية في اللعبة. لذا فهم يواصلون تحريك العالم وفقاً لقواعد الإمبراطورية، ويقولون “يا له من أمر محزن” عندما تُدمر المنازل وتُهجّر الأسر ويُمزق الأطفال إلى أشلاء، لكنهم يقولون إن هذه كانت الحركة الوحيدة المتاحة على رقعة الشطرنج.
إن عالمنا يحترق، والإمبراطورية التي تتمركز حولها الولايات المتحدة هي اللهب، ويتعين علينا نحن الناس العاديين أن نجد طريقة لإخماده، قبل أن يحرقنا جميعاً.
المصدر- غلوبال ريسيرش