شاعرة المأساة.. مارينا تسفيتا ييفا

الثورة- رشا سلوم:

تمر هذه الأيام ذكرى ولادة الشاعرة الروسية مارينا التي عاشت حياة المأساة وانتهت منتحرة تحت ضغوط حياة سياسية واجتماعية..
ولكن بعد حين من الزمن يكتشف الكثيرون أنها كانت مظلومة، وهاهم يعودون إلى إعادة قراءتها والاحتفاء بها.
الناقد اللبناني اسكندر حبش يكتب في جهات الشعر عنها قائلاً:
ولدت مارينا تسفيتاييفا العام ١٨٩٢ في عائلة مثقفة موسكوبية، كان والدها أستاذاً لتاريخ الفن في جامعة موسكو (وفي رواية أخرى، كان كاهنا أرثوذكسيا)، وتميّزت عن باقي أفراد هذه الأسرة، بنضج موهبتها الشعرية، إذ بدأت الكتابة وهي في السادسة من عمرها، ونشرت ديوانها الأول، وهي في السادسة عشرة. عرف عنها، ثورتها على التقاليد.
في العام ١٩٢٢ هاجرت مع ابنتها لتلتحق بزوجها، فعاشت في برلين ومن ثم براغ، وفرنسا أخيراً، لكن سرعان ما تدهورت علاقتها بالمهاجرين البيض، حتى انقطعت كلياً، عاشت في بؤس كليّ، وانشغلت كثيراً بالجوانب المادية للوجود. وقد كتبت الكثير لكنها لم تنشر إلا القليل. ولم ينشر لها المهاجرون البيض أي كتاب بعد العام ١٩٢٨.
وحين عادت إلى وطنها، العام ١٩٤٠ بعد “حرب الجلاء” النازي، بقيت أيضاً، موضع اشتباه من قبل السوفييت، ومع صعود الفاشية، كتبت سلسلة من الأشعار أهدتها إلى تشيكوسلوفاكيا، تهاجم فيها الهتلرية بقوة. قتل زوجها رميا بالرصاص، نفيت ابنتها، فوجدت نفسها وحيدة، معوزة، رازحة تحت اليأس المطلق، وتحت الألم والحرمان، فانتحرت في ٣١ آب .١٩٤١
الإخلاص للفن الشعري
نحن أيضاً أمام يوميات ودفاتر عمل وانطباعات تسجلها الشاعرة خلال القراءة وأمام تأريخ كرونولوجي لكل يوم بيومه. وبين ذلك كله نحن أمام شيء أكيد: تشكل هذه المقاطع الهاربة والآسرة مكانا يلتقي فيه النثري والعادي مع الماورائي. أي تبقى الشاعرة في نصوصها هذه مخلصة لفنها الشعري حيث تربط الواقع بسحر وعيها في حوار داخلي تقيمه مع نفسها ليصبح أيضا، وفي مرحلة لاحقة، حوارا بين الأنا والعالم.
من إبداعها
دفاتر تسفيتاييفا هذه كانت بدأت كتابتها قبل الحرب العالمية الأولى، وتنتهي عشية الحرب العالمية الثانية، إنها تمرين في القسوة يضع أمامنا مفاتيح أسرار الشاعرة من خلال فتح المشهد على التاريخ وإن كان ذلك لا يمنعها من التقدم في هذه العوالم الحميمة التي اكتشفها قارئ شعرها ونثرها. في مواجهتها الدائمة مع الكلمة، في همها المستمر في أن تهب الأبدية لهذه الأشياء الصغيرة، تقف الشاعرة في هذا الفاصل لتسمع لا ضجة الدمار الذي كان يلف وطنها اولا والعالم فيما بعد ولكن أيضا كانت تسمع هذا الهمس الحميمي للأشياء التي كانت تبحث عن أسماء جديدة لها.
ويضيف حبش: وما يميز هذه الطبعة الفرنسية من دفاتر تسفيتاييفا، الملف الخاص الذي يسترجع فيه المشرفون على الكتاب، الكتابات والأحاديث والمقالات التي كتبت عن الشاعرة الراحلة وذلك بعد الحصول عليها من أرشيف الدولة الروسية للفن والأدب، ما يعطينا، إضافة العديد من الوثائق التي تضيء هذه الكتابات.
أما الكتاب الثاني فهو كان نشر في موسكو العام ،١٩٨٨ ويجيء كوثيقة كبيرة عن حياة الشاعرة بقلم ابنتها التي عاشت بقربها لفترة طويلة. كانت أريادنا ابفرون قد بدأت منذ العام ١٩٥٥ في تجميع كل الوثائق المتعلقة بوالدتها، لتدرس وتنقب وتفحص كل المخطوطات الباقية. من هنا، يبدو كتابها وكأنه “معركة” ما من أجل إنقاذ هذه الذاكرة ومدى تقاطعها مع التاريخين العام والخاص. يقال إن الكتاب حين صدر في الاتحاد السوفييتي (قبل أن يختفي) كان يحمل في طياته بعض الرسائل المتبادلة بين الشاعرة وشعراء آخرين، كما كان يحمل بعض الملاحظات التي كتبتها المؤلفة. في الترجمة الفرنسية لا اثر لذلك، فقط يترجم الكتاب الذي عرف يوم صدوره نجاحا كبيرا حيث طبع لمرات عدة، إذ إنه في النهاية المرجع الأكثر تكاملا عن حياة الشاعرة.
مارينا تسفيتاييفا، شاعرة القدر المأساوي، التي عرفت وبالرغم من كل الاضطهاد التي تعرضت له كيف تبقي كلمتها نقية، ساطعة، على الأقل هذا ما تخبرنا به الدفاتر التي نترجم بعض الفقرات منها. ملاحظة أخيرة، إن الترقيم الذي تحمله هذه المقاطع غير موجود في الأصل، بل هو من وضع المترجم هنا.
من دفاتر تسفيتاييفا
“لا يعرف الناس كم تشكل الكلمات بالنسبة إليّ قيمة لا متناهية. (أكثر من المال، لأنه يمكن لنا أن نعبر عن العرفان بالجميل بسهولة أكبر!)
نهاري: أنهض- النافذة بالأعلى بالكاد بيضاء- برد- برك مياه- غبار نثارة- دلاء- جرار- مماسح- أثواب الأطفال وقمصانهم في كل مكان. أنشر الخشب. أشعل النار. أغسل بمياه مثلجة حبات البطاطا التي أضعها لتغلي في مياه السماور. أضع تحت السماور الحطب المشتعل لأعود وأضع فوقها المقلاة. (أرتدي نهاراً ومساء ثوب البزان البني عينه الذي خاطته لي آسيا في ربيع العام ،١٩١٧ في ألكسندروف، والذي ضاق، ذات يوم، بشكل فظيع. أصبح مثقوبا من جميع الجهات بسبب الجمرات والسجائر التي تتساقط عليه.

أما أكمامه- التي كانت، في ما مضى، مشدودة بالمطاط- فقد صارت مشمرة كبوق ومثبتة بدبوس أمان).
من ثم يبدأ العمل المنزلي- “أليا، أخرجي الدلو!” لكن قبل أن أضيف أي شيء سأقول كلمتين عن الدلو- إنه يشكل الشخصية المحورية في حياتي. في قلب الدلو أضع السماور، إذ حين نغلي البطاطا نجده يرشح من حوله. في الدلو، تمتزج المياه المنزلية- لقد تجمدت مياه الأقنية- لذلك، وبعنايتي، أفرغ الدلو ليلا تحت نافذتي. إذ من دونه- الموت.
لم أبحث عن قصائدي أبداً. إنها قصائدي التي تبحث عني.
أضف إلى ذلك، تبدو غزارتها فائضة لدرجة أنني لم أعد أعرف ماذا أكتب، أو ماذا أهمل.
من هنا تجدون مليار بيت غير مكتمل، غير مدون.
يحدث لي أحيانا أن أكتب بهذه الطريقة: أبياتا على يمين الصفحة، وأخرى إلى اليسار، في مكان ما من زاوية- بيتا آخر، تطير اليد من مكان إلى آخر، تطير فوق الصفحة بأسرها، تنتزع بيتا، ترتمي على آخر كي لا تنسى! تلتقطه! تحتفظ به! الوقت غير ملائم- ينقصني يدان
ومن ترجمة الدكتور إبراهيم استنبولي من شعرها نختار:

توّقفْ، يا عابرَ السبيل…
اِقرأ، أيّها الأعشى،
وقد جمعتَ باقةً من زَهرِ الخشخاش،
أنّني أُدعى مارينا…
اِقطفْ لِنفسك سويقًا برّيًا
واَتبعْهُ بِثَمرة –
فَليسَ ثمّة ما هو أحلى وأشهى
من التوتِ الأرضيّ في المقبرة…
لكن لا تقفْ وأنتَ عابسٌ،
مُنكّسًا رأسكَ على صدرِك،
بل تذكّرني بِيسر،
وبيسرٍ اِنسني!
وأرجو ألا يُعكِّر صفوَك
صوتي من تحت الأرض…

قديسة الشعر الروسي
مارينا تسفيتاييفا
ولدت في مثل هذا اليوم من عام ١٨٩٢.

آخر الأخبار
الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات إجراءات لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في بلدة حلا مفاعيل قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة على سوق البيع باللاذقية  الاستثمار في الشركات الناشئة بشروط جاذبة للمستثمر المحلي والدولي