الثورة – يمن سليمان عباس:
هل فكرت يوما ما أن تقرأ اللوحة الفنية بطريقة مختلفة وأن تحاورها بثقافة تعطيها البعد الجمالي؟.. وهل تجاوزت كل القراءات القديمة للإبداع.. هذا ما يجب عليك أن تفعله وأنت تتأمل اللوحات المترفة بالجمال والنور.
مجلة جسور التي تصدر عن الهيئة العامة للكتاب احتفت في عددها الجديد بالفنان الروسي مايكل شيفال الذي هو من رواد الفن المعاصر في العالم يمثل فنه واقعاً مقلوباً ومعاكساً للمناطق، بريشته يأسر خيالك، وبفلسفة فنه العبثي وتقنيته الفريدة، يحث عقلك لاستنباط مغزى لكل عمل من أعماله، ولا يمكن لعقل الرائي الكف عن التفكير والتحليل لفك رموزه الخفية لأن مجمل لوحاته فن مجازي يتطلب عيناً ثاقبة وخيالاً واعياً.
بطاقة
ولد شيفال في كوتيلنيكوفو بلدة صغيرة في جنوب روسيا في عام ١٩٦٦ عشق الفن وطوره منذ طفولته. وكان للثقافة أوروبا الغربية انطباع كبير على فنه بانتقاله مع عائلته إلى ألمانيا في عام ١٩٨٠.
في عام ١٩٨٦ انتقل إلى تركمانستان وتخرج من مدرسة عشق آباد للفنون الجميلة مستوعب الفلسفة الشرقية وطابع آسيا الوسطى، بدأ عمله بالفن باحترافية واستقلالية وشكل أسلوبه واتجاه السريالي وأقام أول معرض فردي في عام ١٩٩٠ في متحف تركمانستان الوطني.
في عام ١٩٩٧ قرر الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية حاملا معه تجربته الخاصة وفلسفته ورؤيته.
في عام ١٩٩٨ أصبح عضواً في نادي الفنون الوطني في نيويورك، وكرم بجائزة لجنة المعارض عام ٢٠٠٠ وهو أيضاً عضو في جمعية فن الخيال منذ عام ٢٠٠٢.
نشر شيفال ألبومين فنيين ملونين بالكامل في عام ٢٠٠٤ و٢٠٠٧.
ينبع أسلوب شيفال السريالي من تأثره بأساليب عظماء الأدب وأفكارهم مثل لويس كارول والفنان السريالي رينيه ماغريت وسلفادور دالي الذي كان أساس عشقه للفن منذ عمر ١٥ عاماً.
ويستوحي فنه من كل شيء… يمكن أن يكون كتاباً أو فيلماً أو أغنية، فهو يضبط عقله على موجة إبداعية وينشئ كل لوحة على حدة ضمن عملية طويلة تبدأ من ولادة الفكرة، ثم يبحث عن تكوين ويصور التفاصيل والشخصيات الرئيسة والأزياء والإضاءة، كما لو أنه ينشىء مسرحية، بمجرد الانتهاء من ذلك يبدأ العمل على القماش وأحياناً يستعير من الواقع لينجز بعض التفاصيل.
تعد الموسيقا جزءاً لا يتجزأ من حياة شيفال ولها تأثير جم على أعماله، ويستمع إلى الروك والجهاز الكلاسيكية أثناء الرسم كأنه يدير حوارات معها ويرغب بعكسها على سطح اللوحة.
البثية بالنسبة إلى شيفال لعبة خيال ومتنفس للإبداع يستخدم فيها جميع العناصر ليحيك مؤامرة أدبية يبني فيها قصصاً معقدة وتلميحات، يدعو المشاهدين فيها ليصبحوا مؤلفين ومخترعين لفك الألغاز، فبنظرة ينبغي ألا يتفق المشاهد مع الفنان إطلاقاً، فلكل منهما زاوية يرى منها فكرة ينبثق منها موضوع.
يقول شيفال: (أريد أن أنشئ حواراً بين المشاهد واللوحة.. على أن تكون نتيجة هذا الحوار أن يصنع المشاهد عرضه ومفهومه الخاصين بناء على فكرة لوحاتي هذا ما اسميه الخلق المشترك).
الفن الحقيقي بالنسبة إلى شيفال رحلة خيال لا حدود لها ليس لها قواعد ولا محظورات، وحتى هذه اللحظة ما زالت أعماله ولوحاته تنتشر في المعارض.