الثورة – ترجمة ختام أحمد:
حان الوقت لأن يقف الشعب الأميركي في وجه واشنطن ويطالب بإنهاء الدعم اللامتناهي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل العنصرية في جرائمها الهمجية خلال العام الماضي.
منذ سبعة وخمسين عاماً، أخضعت “إسرائيل” ملايين الفلسطينيين لاحتلال عسكري أجنبي شمولي. حُرم الشعب الفلسطيني بشكل منهجي من حقوقه الطبيعية في الحياة والحرية وحرية التنقل والممتلكات.
وبفضل حماية الجيش الإسرائيلي ومشاركته، قامت حركة المستوطنين غير الشرعية على مدى عقود من الزمان بسرقة الممتلكات الفلسطينية وهدم المنازل والاستيلاء على الأراضي الزراعية وإرهاب المدن والقرى ومخيمات اللاجئين. وقد تسارعت هذه العملية بلا رحمة في الضفة الغربية المحتلة خلال العامين الماضيين.
في الوقت نفسه، وبدعم كامل من الحكومة الأميركية، استولى الجيش الإسرائيلي الآن على ما لا يقل عن 26% من غزة، ودمَّر البنية التحتية للقطاع بشكل شامل، وذبح الفلسطينيين بشكل جماعي، وجعل المكان غير صالح للسكن.
في قطاع غزة المحاصر قتلت “تل أبيب” ومثلت بجثث نحو 215 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال. ولاتشمل هذه الأرقام آلافاً لا حصر لها من الفلسطينيين المفقودين أو المفترض أنهم ماتوا تحت أنقاض تزن أربعين مليون طن خلفتها الحرب الإسرائيلية.
وبفضل الدعم الذي تقدمه واشنطن ــ بما في ذلك أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة ومنصات الذكاء الاصطناعي التي يقال إن شركات المجمعات الصناعية العسكرية العملاقة مثل بالانتير قدمتها ــ تعمل إسرائيل على إبادة أمة بأكملها علانية.
وفي الشهر الماضي، نشرت وزارة الصحة في غزة وثيقة مكونة من 649 صفحة تتضمن معلومات بشأن 34,344 فلسطينياً قُتلوا حتى الآن.
حالياً يبلغ العدد الإجمالي للأطفال الفلسطينيين الذين ذبحوا في غزة حوالي 16800.
لقد تطوع نائب رئيس الكلية الدولية للجراحين، الدكتور مارك بيرلموتر، وهو جراح عظام مقيم في ولاية كارولينا الشمالية، بخدماته في غزة بين نيسان وأيار من هذا العام.
وفي تموز، أعرب عن أسفه لشبكة سي بي إس نيوز بشكل لا لبس فيه قائلاً: “إن كل الكوارث التي شهدتها مجتمعة ــ أربعون رحلة مهمة، وثلاثون عاماً، والزلازل، ــ لا تعادل مستوى الدمار الذي رأيته ضد المدنيين في أسبوعي الأول فقط في غزة..
وقد أكد العشرات من الأطباء والجراحين والممرضات وأطباء غرف الطوارئ الأميركيين هذه الروايات، وكتبوا عدة رسائل مفتوحة إلى البيت الأبيض يحثون فيها إدارة جو بايدن على وقف دعم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، ويحذرون من أن حصيلة القتلى الحقيقية تشمل بالفعل أكثر من 118 ألف فلسطيني، وهو ما يتجاوز بكثير تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية.
وفي إحدى رسائل شهر تموز، وصفت أسماء طه، وهي ممرضة أطفال تعمل في ولاية أوريجون، كابوس العيش كأم حامل أو رضيع حديث الولادة أو جنين محاصر في معسكر الموت في غزة. وكتبت: “كل يوم كنت أرى أطفالاً يموتون، لقد ولدوا بصحة جيدة. كانت أمهاتهم يعانين من سوء التغذية لدرجة أنهن لم يستطعن إرضاع أطفالهن، وكنا نفتقر إلى الحليب الصناعي أو المياه النظيفة لإطعامهم، لذلك كانوا يموتون جوعاً”.
وفي هذا الشهر، أرسل تسعة وتسعون طبيباً وممرضة وجراحاً وقابلة أميركية رسالة مفتوحة إلى البيت الأبيض، قضوا مجتمعين 254 أسبوعاً في العمل التطوعي في غزة.
وجاء في الرسالة: “إن هذه الرسالة والملحق المرفق بها يقدمان دليلاً دامغاً على أن الخسائر البشرية في غزة منذ تشرين الأول أعلى كثيراً مما هو مفهوم في الولايات المتحدة.
ومن المرجح أن تكون حصيلة القتلى في هذا الصراع أكبر بالفعل من 118.908، وهو ما يمثل 5.4% من سكان غزة”.
ويواصل الأطباء وصف الخسائر المدمرة التي خلفتها الحملة الإبادة الجماعية على السكان المدنيين بالكامل:
“باستثناءات طفيفة، فإن الجميع في غزة مرضى أو مصابون أو بكليهما، وهذا يشمل كل عامل إغاثة محلي، وكل متطوع دولي.
إن حرب الحصار الوحشية التي تشنها “إسرائيل”، إلى جانب القصف المستمر للبنية التحتية المدنية بما في ذلك أنظمة المياه، تهدف إلى نشر الأمراض عن طريق تصفية وإصابة الأطفال الفلسطينيين والمواليد الجدد والرضع بشكل منهجي.
كما أوضح المتطوعون الطبيون الأمريكيون بالتفصيل:
“لقد كان كل طفل دون سن الخامسة تقريباً ممن قابلناهم، سواء داخل المستشفى أو خارجه، يعاني من السعال والإسهال المائي.
كما وجدنا حالات من اليرقان (الذي يشير إلى الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي في ظل هذه الظروف) في كل غرفة تقريباً من المستشفيات التي خدمنا فيها، مع العديد من زملائنا في مجال الرعاية الصحية في غزة.
كما أصيبت نسبة عالية بشكل مذهل من شقوقنا الجراحية بالعدوى نتيجة لسوء التغذية، وظروف التشغيل المستحيلة، ونقص الإمدادات الصحية الأساسية مثل الصابون، ونقص الإمدادات الجراحية والأدوية، بما في ذلك المضادات الحيوية.
“لقد أدى سوء التغذية إلى انتشار حالات الإجهاض التلقائي، وولادة أطفال ناقصي الوزن، وعدم قدرة الأمهات الجدد على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية.
وقد أدى هذا إلى تعريض أطفالهن حديثي الولادة لخطر الموت في ظل عدم القدرة على الوصول إلى مياه الشرب في أي مكان في غزة.
وقد توفي العديد من هؤلاء الأطفال.
وفي غزة شاهدنا الأمهات اللواتي يعانين من سوء التغذية وهن يطعمن أطفالهن حديثي الولادة ناقصي الوزن بحليب الأطفال المصنوع من مياه سامة.
ولا يمكننا أن ننسى أبداً أن العالم تخلى عن هؤلاء النساء والأطفال الأبرياء.
إننا نحثكم على إدراك حقيقة مفادها أن الأوبئة مستشرية في غزة.
إن استمرار “إسرائيل” في تهجير سكان غزة الذين يعانون من سوء التغذية والمرضى، والذين نصفهم من الأطفال، إلى مناطق لا تتوفر فيها المياه الجارية أو حتى المراحيض أمر صادم للغاية.
لقد كان ولايزال من المؤكد أن يؤدي هذا إلى انتشار الوفيات على نطاق واسع بسبب أمراض الإسهال الفيروسية والبكتيرية والالتهاب الرئوي، وخاصة بين الأطفال دون سن الخامسة. والواقع أن فيروس شلل الأطفال المروع عاد إلى الظهور في غزة نتيجة لمزيج من التدمير المنهجي للبنية الأساسية للصرف الصحي، وانتشار سوء التغذية الذي يضعف أجهزة المناعة، وتغيب الأطفال الصغار عن التطعيمات الروتينية لمدة عام كامل تقريباً. ونحن قلقون من أن آلافاً غير معروفين قد ماتوا بالفعل بسبب المزيج القاتل من سوء التغذية والمرض، وأن عشرات الآلاف سوف يموتون في الأشهر المقبلة، وخاصة مع بداية هطول الأمطار الشتوية في غزة. وسوف يكون معظمهم من الأطفال الصغار”.
وأكد هؤلاء الأطباء الادعاءات الواردة في الرسائل السابقة وشهادات المتطوعين الطبيين بأن القناصة الإسرائيليين يستهدفون بلا هوادة الأطفال، حتى الأطفال الصغار، بطلقات في الرأس.
من الواضح تماماً أن دعم “إسرائيل”، حرفياً، يعني قتل الأطفال بشكل جماعي كل يوم باسمنا وعلى حسابنا. منذ تشرين الأول 2023، سرق الكونغرس المملوك للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية أكثر من 22 مليار دولار من أموال الأمريكيين التي كسبوها بشق الأنفس، وسط تضخم معوق، لتسهيل ودعم هذه الإبادة الجماعية. والآن تريد “إسرائيل” أن تأخذ أطفالنا إلى الحرب مع إيران واليمن والعراق وسورية ولبنان وفلسطين في وقت واحد.
إن الأميركيين يتعرضون باستمرار لمحاضرات، بما في ذلك من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مفادها أن كل هذا إلزامي وضروري. ويقال لنا إن الأميركيين لابد أن يقاتلوا ويموتوا في صف ما تسمى “الحضارة” الإسرائيلية ضد “الهمجية” في الشرق الأوسط. ويتحدى هذا المؤلف أي شخص يحاول الدفاع عن “قيمنا المشتركة ” مع الإسرائيليين بعد قراءة شهادات هؤلاء الأطباء الأميركيين.
المصدر – ليبريتاريان انستيتيوت