هيمنة اللغة الإنكليزية وأثرها في “المثاقفة”

الثورة – رفاه الدروبي:

تعرف البشر من خلال اللغة على العديد من الحضارات القديمة وتاريخها كالحضارة السومرية والمصرية والبابلية، إذ دُونت تلك الحضارات من خلال رسومات وكتابات وجدت على جدران آثارها حفظت اللغة هويتها، ولولاها لاندثرَ تاريخهم مع أفول حضاراتهم، وشكلت الترجمة، آلية اعتمدتها الشعوب على مدى العصور للتواصل الحضاري والثقافي للتعريف بتراثها وآدابها وتقاليدها. فالشعوب غير متطابقة ثقافياً، ولكلِّ شعب خصوصيته تمايزه عن غيره، بحث استهله الدكتور محمد نجدة شهيد خلال الندوة الوطنية للترجمة بعنوان “هيمنة الإنكليزية وأثرها على المثاقفة”، في مكتبة الأسد الوطنية.
تاريخها
الدكتور شهيد أشار إلى أنَّ الاحتفال بيوم اللغة الإنكليزية يجري في الثالث والعشرين من نيسان من كل عام، ويُعتبر أيضًا عيد ميلاد وتاريخ وفاة الشاعر والكاتب المسرحي العالمي وليم شكسبير حيث تُشكل أعماله أول استخدام مسجل لأكثر من 1700 كلمة في اللغة الإنكليزية، واخترع العديد منها الكاتب المسرحي نفسه. ويُرَّوج الاحتفال لتاريخ وثقافة اللغة الإنكليزية كلغة هجينة ترتبط بغيرها من اللغات ومكوَنة من مزيجٍ يضم عناصر لاتينية وألمانية ورومانية، ويُمكن تتبع أصولها إلى حوالي عام 450 بعد الميلاد عندما غزت بريطانيا قبائل أنكلو ساكسونية من الشعوب الجرمانية أثناء الاحتلال الروماني، وجاءت في الأصل من منطقة شمال ألمانيا والدنمارك الحالية. جلبت القبائل الجرمانية لغتها الخاصة معها، وتطورت في النهاية إلى ما نسميه الآن اللغة الإنكليزية القديمة.
هيمنة اللغة الإنكليزية
كان الاستعمار البريطاني أحد الأسباب الرئيسية لهيمنة اللغة الإنكليزية في العالم، لأن بريطانيا في صورة الإمبراطورية الاستعمارية لا تغيب عنها الشمس، كانت تحكم ثلث مساحة العالم يقطنها ربع سكان العالم، فكان الاستعمار كفيلاً بفرض الإنكليزية لغة وثقافة في تلك البقاع الشاسعة. في الواقع، حين فرضتْ بريطانيا سطوتها الاستعمارية على العالم، حرصتْ على فرض ثقافتها أيضاً وعلى رأسها الكاتب وليم شكسبير باتت أشعاره وأعماله المسرحية مقرراً إلزامياً في كل المستعمرات حتى عمّت شهرته الآفَاق لدرجة أنّ عدم الإلمام بحبكة إحدى مسرحياته يُعَدُّ في الغالب مدعاة للشعور بالحرج، وحتى بعد أن نالت الدول استقلالها في جميع أنحاء العالم، سعت بريطانيا لتصدير الثقافة الإنكليزية عبر اللغة، عن طريق إنشاء رابطة دول الكومنولث عام 1931، كرابطة ثقافية سياسية بامتياز، تضم كل الدول المستعمرة في الماضي، في الواقع هناك أشياء كثـيرة للاهتمام حول خصوصيات اللغة الإنكليزيـة حيث يرى فيها الكثيـرون وسيلة مفضلة للتواصل عبر الثقافات العالمية، فهي تتميز بالمرونة المتمثلـة في التنوع الكبير في المفردات وتزداد يوماً بعد يوم مع توسع العولمة، كما أن ظهور الإنترنت ساهم في العديد من الإضافات الجديدة ذاتها، وكذلك الاختراعات والتقنيات الجديدة الأخرى، حيث يُقدِّر المجلس الثقافي البريطاني عدد الناطقين باللغة الإنكليزية بحوالي ملياري شخص، أي ما يقرب من ربع سكان العالم، منهم فقط حوالي 400 مليون شخص يتحدثونها كلغة أم، كونها تحتوي على العديد من اللهجات الإقليمية، مثل الإنكليزية البريطانية، والإنكليزية الأمريكية، والإنكليزية الأسترالية، وما إلى ذلك، ولكل منها تعبيراتها ومصطلحاتها الخاصة.
عملية المثاقفة
كما رأى المحاضر أنَّ عملية المثاقفة ظهرت مع ظاهرة الاستعمار عرفتها دول العالم الثالث، وظهور الحركات التحررية كونها حاولت التصدي للمستعمر ومقاومته بكل الوسائل المتوفرة لديها. ويقول عالم النفس الكندي جون باري المعروف بعمله في مجال تكيَّف المهاجرين والشعوب الأصلية بعد الاتصال بين الثقافات، في المجال نفسه أنَّ العملية يُمكن أن تُسفر عن أربعة نتائج مُمكنه: أهمِّها: الذوبان والانصهار ويتمثَّل في التخلي عن الهوية الثقافية الأصلية وتبني الثقافة المهيمنة، والتهميش الثقافي: وهو التخلي عن الثقافة الأصلية دون الأخذ من الثقافة المهيمنة، والانفصال الثقافي: يكون بالتمسك بالهوية الثقافية الأصلية وترك الثقافة المهيمنة، إضافة إلى الاندماج الثقافي: ويعتمد للتمسك بالثقافة الأصلية والتعامل مع الثقافة المهيمنة.
ثم أضاف بأنَّ الترجمة تعتبر إحدى أهمِّ وسائل المثاقفة لأنَّها تؤدي إلى استيعابِ أكبر قدر مُمكن من المعارف الإنسانية، واكتساب خبرات الآخرين وجعلها أداة في التطور والارتقاء والمنافسة ثم العطاء الحضاري الثري، كما أنَّها تشكل مفتاحاً تتفادى به الأمم الانغلاق الفكري من جهة، وتتخلص من خلاله من التبعية المطلقة المُفضية إلى الذوبان في الآخر من جهة أخرى. فالترجمة فعل تواصل بين الثقافات، ودائماً ما تنطوي على كل من اللغة والثقافة حيث تُعَّبر عن الواقع الثقافي وتشكّله على حد سواء.

هنا تصبح الترجمة بمثابة رديف لعملية المثاقفة على اعتبار أن النص المُترجم قادر على تحقيق الاعتراف الثقافي، عكس الإلغاء الثقافي بالآخر، وبواقعه.

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض