«الكتاب الورقي» و «الكتاب الإلكتروني».. إقصاء أم تكامل

الثورة- تحقيق فؤاد مسعد :
في عصر باتت تُقدم فيه الخدمات بـ «المجان» عبر الانترنت، وتُعرض الكثير من التسهيلات التي تعكس في أحد أوجهها حالة من التطور تهدد بشكل أو بآخر الآليات القديمة في القراءة، ألا يزال للكتاب المقروء مكانة؟ بورقه وحبره وطقسه الذي يبدأ من التفتيش عن «الكتاب المُبتغى» وإيجاده واقتنائه رغم سعره الذي غالباً ما يكون مرتفعاً وصولاً إلى حالة مطالعته.. ألا يزال لهذا الطقس من معنى في ظلّ سهولة الحصول على غالبية الكتب من خلال متاجر مجانية على الأنترنت وقراءتها بصيغة «PDF» على جهاز الكمبيوتر أو الموبايل؟ أو ربما الاستماع إليها دون الحاجة أصلاً للقراءة. ألا يزال هناك حضور لرائحة الورق وسط الخيارات المفتوحة أمام القارئ؟.
مما لا شك فيه أنها تسهيلات تحمل الكثيرمن العناصر الإيجابية التي قد تشكل حافزاً للمزيد من المعرفة، ولكن ما مدى تأثيرها على حضور الكتاب في حياتنا؟ وهل تُعد العلاقة بين الكتاب الورقي والكتاب الالكتروني إقصائية أم تكاملية؟.. هي أفكار طرحناها للنقاش على هامش إقامة الدورة الثالثة من معرض الكتاب السوري الثالث في مكتبة الأسد الوطنية، والإجابات نحصدها عبر السطور التالية:
علاقة تكاملية
يشير مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور نايف الياسين إلى أن صناعة الكتاب الورقي تعاني عالمياً شيئاً من الركود، لكن هذا لا يعني تخليه عن مكانته للكتاب الإلكتروني، ويتابع كلامه قائلاً:


«أعتقد أن العلاقة تكاملية بينهما، بمعنى أنه لا يزال هناك جمهور كبير يفضل قراءة الكتاب الورقي. لكن الكتاب الإلكتروني بات يحظى بشعبية متزايدة، بالنظر إلى سهولة الحصول عليه وانخفاض سعره قياساً بالكتاب الورقي. كما أن له مزايا أخرى بالنسبة للباحثين، إذ يمكّنهم من القراءة والكتابة باستعمال جهاز واحد، سواء كان جهاز الحاسب الثابت أو المحمول، أو الأجهزة اللوحية، أو حتى أجهزة الهاتف المحمول. وتتمثل إحدى هذه المزايا في أنه يمكن للشخص أن يخزّن عشرات الكتب على هاتفه المحمول، ويعود إليها في أي وقت وأي مكان. ويمكن للباحث، مثلاً، أن ينتقل بين وثيقة يكتبها ومرجع يستعمله بسهولة ويُسر وسرعة. ويتميز الكتاب الإلكتروني بسهولة البحث فيه عن معلومة محددة يرغب الباحث بالحصول عليها».
ويضيف: «يبدو لي أن التقانات الحديثة تستجيب لحاجة الباحثين عن المعرفة بوسائل مختلفة، إذ يمكن أن يتضمن الكتاب الإلكتروني، بمختلف صيغه، روابط تحيل الباحث إلى مراجع كثيرة موجودة على الشابكة، وهذا أمر مهم للباحثين. وهناك اليوم أيضاً الكتاب الصوتي الذي يمكن يستجيب أيضاً لحاجة الأشخاص الذين لا يتاح لهم الوقت أو الظرف للجلوس وقراءة الكتاب بهدوء. فهذه الصيغة تمكِّن الشخص المهتم من الاستماع إلى محتوى الكتاب بينما يقوم بنشاط آخر لا يتطلب منه تركيزاً كبيراً».
ويرى الدكتور نايف أن العلاقة بين هذه الصيغ المختلفة تكاملية وليست تنافسية، حتى الآن، موضحاً أننا لا نعرف ما ستقدمه التكنولوجيا في المستقبل، فهي تتطور بسرعة كبيرة. والمهم في الأمر أن نتمكن من الاستجابة لهذه التطورات بإيجابية. لافتاً إلى أن الاستجابة على صعيد العالم العربي ضعيفة جداً حتى الآن، ليس بسبب غياب التكنولوجيا المتقدّمة فحسب، بل بسبب فقر المحتوى أيضاً.
وينهي كلامه بالإشارة إلى إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب، يقول: «وفيما يتعلق بإصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب، فنحن ننشر الكتاب الورقي والإلكتروني، ونتيح الأخير مجاناً حتى الآن. وتدرس وزارة الثقافة إقامة منصة شاملة لجميع المؤسسات التابعة لها، وتشمل الهيئة العامة السورية للكتاب، بحيث يتاح الكتاب الإلكتروني عليها مقروءاً وربما مسموعاً. ونأمل أن تتوفر الإمكانات البشرية والمادية اللازمة لإنجازه».
مشكلة قراءة
يرى مديرعام مكتبة الأسد الوطنية فادي غانم أن العلاقة بين الكتابين «الورقي» و «الالكتروني» تكاملية، ولكن ينبه إلى أن المشكلة اليوم أبعد من ذلك، فهي مشكلة قراءة في المنطقة العربية ككل، يقول: «وفق آخر الاحصائية، نصيب الفرد في الوطن العربي ربع ورقة في السنة كقراءة للتثقيف، ربما تجد من يقرأ كتاب أو اثنين في الأسبوع، ولكن ما نسبتهم؟. وبالتالي هناك مشكلة، ومسؤوليتنا جميعاً دعم القراءة وخاصة تجاه الفئات الناشئة والعمرية الصغيرة»، ويوضح أن المسؤولية لا تتحملها وزارة التربية أو غيرها، وإنما هذا الأمر ينبع بداية من المنزل، مشدداً على أهمية وجود مبادرات وطنية لهذا الموضوع.


وفيما يتعلق بالكتاب الورقي والكتاب الالكتروني، يقول: «هناك استسهال في الحصول على المعلومة عبر الكتاب الالكتروني، ما أدى إلى طغيانه، وزاد الأمر بعد جائحة كورونا، حيث ترافق معها ارتفاع أسعار الورق والأحبار وأجورالطباعة عالمياً، وحتى منظمة الأمم المتحدة باتت تصدر منشوراتها الكترونياً»، ولكن في المقابل يؤكد أنه يبقى للكتاب الورقي رونقه، إضافة إلى جانب صحي لا بدّ من الإشارة إليه، فكثيرون ليس لديهم قدرة القراءة من خلف الشاشات ويفضلون الكتاب الورقي، كما أن الكتاب المسموع بدأ يزداد حضوره.
ويضيف قائلاً: «هناك كتب لا تُنشر الكترونياً للمحافظة على محتواها، ونلاحظ ذلك في الأبحاث العلمية التي لا تنشر الكترونياً فور صدورها، وإنما ينتظرون شهرين أو أكثر وربما سنة، لأنه ينبغي أن تحصل عليها من المنبع الأساسي. واليوم كثيرة هي المواقع التي تجد فيها الكتاب الكتروني غير متاح وإنما ويضعون ملخصاً له، وإن أردت الحصول عليه فعليك دفع ثمنه». ويشير إلى أن معظم المكتبات على الانترنت غير مرخصة، وتقدم كتباً مقرصنة، لأن هناك شروطاً للمكتبة الرقمية، أهمها حماية حقوق المؤلف، لذلك نجد أن سعر الكتاب الالكتروني في بعض الدول متقارب إلى حد ما مع ثمنه ورقياً، والفارق أجور الطباعة.
وحول أهمية حصول الباحث على المعلومة من خلال الكتاب الالكتروني، خاصة في ظل صعوبة الحصول على الكتاب الورقي من منبعه الأساسي، يقول: «نقدّم في مكتبة الأسد الوطنية خدمات الكترونية، وتأتينا من الخارج طلبات بشكل يومي، فإن أراد باحث يقيم في الخارج معلومة موجودة لدينا ورقياً، هناك حلان ليحصل عليها، إما أن نحوّلها له رقمياً ونرسلها إليه، أو أن يأتي إلى سورية، وهو أمر حدث فعلاً مع باحثة من البرازيل، أتت إلى سورية لتفتش عن كتاب لم تجده إلا هنا، ولم يتم تحويله بشكل الكتروني».
وفيما يتعلق بفكرة إقامة معرض «كتاب الكتروني» إضافة لمعرض «الكتاب الورقي»، أشار إلى إمكانية تحقيق ذلك، وأن هناك دراسة بالخطوط العريضة، ولكن هناك موضوع «آلية التحصيل المالي»، يقول: «المعرض هو أولاً ظاهرة صحية اجتماعية لكافة الأطياف وإقامته اليوم رسالة للخارج، الشق الثاني: إنه جسر ثقافي بين الناشرين والمؤلفين والكتّاب، أما الشق الثالث :فهو اقتصادي للمنظم والزائر وصاحب دار النشر، لذلك هم يفضلون معرض الكتاب الورقي».
وينهي كلامه بأمنية ألا يُلغى الكتاب الورقي وأن يحافظ على خصوصيته، مؤكداً على أهمية استمراره على المدى المنظور، ولكن «بعد عدة سنوات ووفق التطور التكنولوجي لا نعرف ما الذي يمكن أن يحصل».
مزايا وخصائص
مدير المكتب الإعلامي في دار الفكر، الكاتب والإعلامي وحيد تاجا، يرى أن العلاقة بين الكتابين الورقي والالكتروني متكاملة، لأن لكلّ منهما مزايا وخصائص لا يمكن أن يصلها الآخر، يقول:


«مما لا شك فيه أن الكتاب الالكتروني من الجانب الاقتصادي منافس وبشدة، ربما لا يكون منافساً في المرحلة الحالية ولكن قد تزداد حدته في أجيال قادمة، فأجيالنا والأجيال المتوسطة يفضلون الكتاب الورقي برائحته وملمسه وكتابتهم الملاحظات عليه، بينما الكتاب الالكتروني لا يتمتع بهذه الميزة، لكنّه يتمتع بمزايا أخرى، فهو أرخص ثمناً، وضمن بلادنا هو أرخص بكثير لأنه يمكن قرصنته، بينما في الغرب هناك صعوبة في ذلك بسبب حقوق المؤلف ودار النشر. ويمكن الحصول على الكتاب الالكتروني بسرعة وأن يبقى لديك لفترة أطول، والاحتفاظ بعدة كتب في ملف واحد للعودة إليهم في أي وقت. فهو من هنا يشكل منافساً، ولكن من اعتاد على الكتاب الورقي لا يمكن للكتاب الالكتروني أن ينافسه».
الإقبال على الكتاب الورقي


مدير دار دلمون الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع عفراء هدبا تؤكد أنه ليس هناك وسيلة يمكنها التفوق على الكتاب الورقي، فهو سيبقى موجوداً وإن تأثر حضوره قليلاً بسبب الظرف الاقتصادي، خاصة أن الكتاب الالكتروني متاح بشكل مجاني، تقول: «عندما يأتيني كتاب لأطبعه، أسحبه ورقياً لأقرأه ومن ثم أقرر إن ستتم طباعته أم لا»، مشيرة إلى أنها لاحظت في معرض الكتاب السوري إقبال الناس على الكتب الورقية، وأن عدد الزوار أكبر من الأعوام الماضية، تقول: «ترى طلاب المدارس يأتون مع معلماتهم أو مع أهاليهم لينتقوا ما يشترون من كتب، ومن خلال ما يشترون تلمس أن وعيهم أكبر من عمرهم».

 

آخر الأخبار
ليس مشروع إعمار فقط   بل إعلان عودة التاريخ العربي من بوابة دمشق  تسهيل لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة بدير الزور تعزيز الطاقة المتجددة والربط الكهربائي في زيارة الوزير البشير لمحطة سدير السعودي سوريا تطلق خطة طموحة لإعادة هيكلة قطاع الطيران وتطوير مطار المزة كمركز للطيران الخاص تعديلات جديدة على النظام الانتخابي ومجلس الشعب القادم بـ210 مقاعد اتفاقية استراتيجية بين سوريا والسعودية لتعزيز التعاون في الطاقة وفتح آفاق التكامل الإقليمي نقطة طبية في جدل بدرعا لخدمة المهجرين من السويداء 1490 مريضاً استقبلتهم العيادة الأذنية في مستشفى الجولان الوطني تأهيل مدرسة سلطان باشا الأطرش في حلب قرار حريص على سلامة الطلاب..  تأجيل امتحانات الثانوية في السويداء  عشرة أيام وحارة "الشعلة" في حي الزهور بلا مياه .. والمؤسسة ترد  الأردن يجدد التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة و استقرار سوريا   مظاهرة حاشدة في باريس تنديداً بالعدوان الإسرائيلي ورفض التقسيم إزالة 32 مخالفة تعدٍّ على خطوط مياه الشرب في درعا "الجبهة الوطنية العربية" تقدم مساعدات طبية إسعافية لصحة درعا وزير الإعلام من حلب: إعادة هيكلة الإعلام الحكومي.. وعودة الصحافة الورقية منتصف أيلول  خطة عاجلة لتأمين الاحتياجات الأساسية بدرعا للمهجرين من السويداء متابعة الخدمات الصحية المقدمة في المركز الطبي بقطنا صحيفة الرياض: استعادة سوريا لمكانتها العربية ضرورة وليس خياراً مناشدات لتخفيض أسعار الأعلاف بعيداً عن تحكم التجار.. الشهاب لـ"الثورة": نعمل على ضخ كميات كبيرة في ا...