ما تطرحه الحكومة اليوم على رأس أولوياتها، لاشك أنه يحتاج لخلطة سحرية، فالأمر ليس بمعجزة بل إنه تغيير شامل في السياسة الاقتصادية، وخروج من النمطية السائدة يحتاج لأدوات صحيحة التنفيذ.
كيف، ومتى، وإلى أين؟ هذا ما يجب أن نسمعه من رأس الهرم الحكومي قبل قاعدته، فعندما تبدأ الخطوات التنفيذية نحو التغيير الجذري في السياسات الاقتصادية القائمة، من الضروري أن تكون وصفة العمل محددة.
الأمر المهم الآخر، إن الجميع متفق ويريد تغيير السياسة الاقتصادية الحالية، لأنها لم تجلب للمواطن ـ محدود الدخل ـ سوى الفقر والمستوى المعيشي المتدني، وعدم القدرة على تأمين أبسط احتياجاته، وهذا يعني أن هيكلية الاقتصاد بشكلها المهترىء اليوم لم تعد محببة إلى الغالبية.. وأما الأسباب فهي قديمة متجددة وتبدأ منذ أعوام..
وهذا ما أشار إليه وزير التجارة الداخلية “إلى أن السياسة الاقتصادية بدأت تأخذ شكلاً مختلفاً نحو التحول إلى “اقتصاد السوق” منذ التسعينيات من القرن الماضي”، وهذا يعني أن الاستمرار بالمنظومة الحالية غير مجدٍ وربما نتائجه وعواقبه كبيرة.
أما وزير الصناعة فتحدث “عن ضرورة الانطلاق من تحديد دور الدولة في القطاع العام والسعي لاحقاً لوضع برامج تطوير هذا القطاع، ورأى أن هناك خسارة كبيرة جداً في وزارة الصناعة، وهناك أيضاً معادلة صعبة وخطيرة تتمثل بحقيقة خسارة عدد كبير من الشركات والمؤسسات والمعامل، وبالتالي خسارة الوزارة، وخسارة الخزينة العامة للدولة، مقابل وجود عدد محدود من الرابحين الانتهازيين والفاسدين”، وهذا يعني أن استمرار المنظومة القائمة هو تكريس للفساد والانتهازية.
حقاً أصاب رئيس مجلس الوزراء ومعه الوزراء بضرورة التغيير في دور الدولة الأبوي كونها تتحمل أكثر مما يجب، وبالنهاية المستفيدون قلة قليلة من المتنفعين والفاسدين، فيما المزاج العام غير راض، لكن في المقابل أثار الأمر العديد من التساؤلات والهواجس لدى الناس، وهذا ما يجب أن يتضح في الأيام القليلة القادمة.