الثورة – يمن سليمان عباس:
مما لاشك فيه أنكم تحفظون قصيدة نزار قباني “الرسم بالكلمات” التي كانت نقطة تحول في إبداعه.. فهل يقتصر الرسم على القلم والشعر فقط؟
ماذا عن الرسم بالضوء..؟
هذا ما يجيب عنه كتاب “الرسم بالضوء”، تأليف: جون التون، قدم له: تود ماكارثي، ترجمته إلى العربية: سماح قاضي أمين.. وصدر عن الهيئة العامة للكتاب بدمشق.
بين يدي الكتاب
يقول المؤلف: أُلف هذا الكتاب على افتراض تفوق من الإضاءة المتمثل في التصوير السينمائي في هوليوود على فروع التصوير الأخرى، بيد أنه من الممكن تطبيق جميع أساليب الإضاءة السينمائية بغير استثناء تقريباً على فن التصوير الثابت، إذا تمتع المصور بالخبرة والبراعة اللازمين، وقد جمع المؤلف ٢٩٥ صورة ورسماً في هذا الكتاب بغية تعريف القارئ ببعض الطرائق والمواد الجديدة، وشرح بالتفصيل مستعيناً بالصور جميع التقنيات والتطبيقات التي ذكرها.
في معرض كتابه، بما في ذلك جميع الأدوات والآلات وجميع حيل الإضاءة المستعملة في هوليوود، وثمة أجزاء خاصة في الكتاب تبحث جوانب أخرى من فن الإضاءة، كالجزء الذي يبحث في أنسب الطرق لإضاءة الأشخاص في المنازل وغيرها، وكذلك الجزء الذي يبحث في مختلف أساليب إظهار الإضاءة، وإذا كان لهذا الكتاب فلسفة ما فهي الرغبة الصادقة لدى المؤلف في مشاركة ثمرات خبرته مع من يشاطرونه الشغف بالتقاط نواحي الصورة التي يبرزها الضوء في الأشياء.
التصوير في هوليوود
يرى المؤلف أنه قلما نجد مكاناً يضم عدداً كبيراً من المديرين، مثلما نجد في استوديو سينمائي في هوليوود، مدينة العباقرة، فلدى زيارتنا للاستوديو تقابل أول مدير، وهو بواب الاستوديو الذي يدعي أنه دونه لا يتم أي تصوير، وهو محق تماماً في ذلك، فبصفته بواباً يحمل مفاتيح الاستوديو، كما أنه يدعى بمدير الحركة، لأنه يرشد الزوار في جولاتهم داخل الاستوديو، ثم يريهم مكان الجلوس لانتظار الحافلة الذي يدعى بـ “مجلس الإدارة”، ثم يردف قائلاً: هذا لا شيء، انتظروا حتى تروا مطعم الاستوديو، إننا نطلق عليه اسم “الإدارة العامة”.
كما أن قائمة أسماء العاملين قد سميت بمجلس المديرين- يا لها من تسمية ملائمة وإذا ما دخلنا الاستوديو فإننا تقابل المساعد الأول للمدير، والمساعد الثاني للمدير، والمدير الفني، ومدير الموسيقا، ومدير الفرقة الموسيقية، ومدير الحوار، ومدير العمليات، ومدير قسم الصوت، وغير- المدير وهو الذي (يغار) من مدير الفيلم أي المخرج.
يعد كتاب الرسم بالضوء” أول كتاب عن التصوير السينمائي، ألفه أحد رواد مصوري هوليوود وقد بدأ الكتاب على شكل سلسلة من المقالات كتبها لمجلة المصور العالمي في عام 1945.
ويهم هذا الكتاب طلاب التصوير السينمائي وهواة التصوير على حد سواء، وينقل فيه المحور السينمائي العربية خلاصة تجاربه وخبرات الطويلة في التصوير السينمائي، ويشرح لنا في فصول الكتاب المختلفة المعدات الكثيرة العامة في التصوير السينمائي وأنواع الأضواء واستخداماتها، وتلك الشخصية، كما يقدم نصائح للتصوير في الاستوديو، ويفشي لنا بعض أسرار هوليوود في تأثير الإضاءة على العمل وإضفاء المزيد من السحر والجمال على ممثلات هوليوود.
جون التون
كان جون التون دود ١٩10- ١٩٩٦ مصوراً سينمائيا من الطراز الرفيع، صور ما يزيد عن مئة فيلم في الأرجنتين والولايات المتحدة، منها رجال تيي، ومعاملة جائرة، ومشى ليلاً، وحادثة على الحدود، وحاز جائزة الأوسكار العام ١٩٥١ لأفضل تصوير في باريس، مشاطرة مع الفريد جيلكس، كان المفضل لدى كثير من المنتجين والمخرجين، لسرعته الفائقة واستخدامه القليل من الأضواء، كان ملك الأفلام القاتمة، وقد دفع الفيلم الأسود إلى أقصى حدوده البصرية إثارة.
يقول جون التون: “إنّ الأسود والأبيض لونان”، ولم يسبق لأي مصور سينماني في تاريخ السينما استكشاف قيمة هذين اللونين أو طبيعة التباين الصارخ بينهما على نحو أكثر عمقاً من جون التون، ويؤكد: “أستطيع أن أرى في الظلمة أكثر مما أرى بالألوان”.