الثورة – فؤاد مسعد:
من قال إن الثقافة السينمائية غائبة؟ ومن قال إن هناك غياباً للعروض السينمائية؟.. هي مبررات ليس أكثر تعبر عن عجز، فما يحدث على أرض الواقع مخالف تماماً لهذا الكلام، فعديدة هي الفعاليات التي تعمل على تنشيط حراك العروض السينمائية هنا وهناك، وليس في العاصمة فقط بل في مختلف المحافظات، والحضور الجماهيري لهذه الفعاليات وما يعقبها من نقاشات في العديد من الأحيان يثبت ما يحمله الجمهور من ثقافة سينمائية عالية المستوى، تعكس ما بداخله من شغف وحب لعوالم ساحرة تنضوي تحت مُسمى “الفن السابع”.
هذا الكلام لم يأتِ من فراغ، والمتتبع للعروض السينمائية التي تم الاعلان عنها خلال الأيام القليلة الماضية يكتشف أن هناك حراكاً متصاعداً وفي أكثر من مكان، فقد عرض “مقهى السينما” في فندق “بيك باش” يوم الخميس الماضي مجموعة من الأفلام القصيرة، وهي “موعد غرام” إخراج بلقيس التلا، “الصراع من الداخل” و”داخل الصندوق” إخراج يزن نكدلي، “هاجر” إخراج كارول نيقولا، “الزريبة” إخراج الأيهم. “الزريبة” فيلم صامت يعتمد على المشاعر، من بطولة مروان خلوف وإنتاج المؤسسة العامة للسينما، يحكي عن شاب في مطلعِ العمر تنقلب حياته رأساً على عقب، حيث يختلط لديه العام بالخاص، والحقيقة بالخيال، والجنون بالتعقل. أما فيلم “داخل الصندوق” فيتناول معاناة اللاجئين في الغربة من الظلم الاجتماعي والتمييز.
كما عُرض ضمن فعالية “عبور” في “نادي سينما ألبيرتو” بجرمانا يوم الجمعة فيلم “الحياة جميلة” “La Vita è Bella” إنتاج عام 1997، إخراج روبيرتو بينيني. أما في حمص فكان هناك عرض للفيلم الكوميدي الأمريكي “Ocean’;s 8” إخراج جاري روس، في “دير الآباء اليسوعيّين” يوم الخميس الماضي، وتدور أحداثه حول ديبي أوشن “ساندرا بولوك” التي تخطط لسرقة عقد ثمين في حفل فتُجنّد فريقاً من ثماني نساء ماهرات لتنفيذ هذه المهمة.
في حين عُرض الفيلم الوثائقي “إلى سما” “For Sama” ضمن قصر الثقافة في حمص، وعلى مسرح جمعية التعليم المسبحي في حلب، وعكس جانياً من التجربة السورية خلال سنوات الحرب والحصار، وهو الحائز على أكثر من 107 جوائز دولية، بما فيها جائزة البافتا لأفضل فيلم وثائقي، وجائزة مهرجان كان، ورُشح لجائزة الأوسكار. يقدّم فيلم “إلى سما” رواية شخصية عميقة عن الثورة السورية من قلب مدينة حلب. تروي مخرجة الفيلم وعد الخطيب، بصوت أمّ ومواطنة، يوميات الثورة والحصار والقصف بين عامي 2012 و2016، موثّقة الحياة كما عاشها المدنيون الذين واجهوا آلة الحرب بإصرارهم على البقاء، والأمل، والنصر، حيث يعتبر “إلى سما” شهادة على كرامة شعب، وصرخة من أجل العدالة، ورسالة حب من أمّ إلى ابنتها، ومن جيل اختبر الألم إلى عالم لم يسمع القصة كاملة.
أما في مدينة “دريكيش” فكان هناك عرضان ليومين متتالين “الخميس والجمعة” ضمن فعالية “سينما حرير” في لامارا كافيه، الفيلم الأول “A Beautiful Mind” إخراج رون هاوادر، وسبق أن نال جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وأفضل مخرج، يحكي قصة حياة جون فوربس ناش الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، وهي قصة مستوحاة من كتاب يحمل الاسم نفسه تأليف سيلفيا نصار. والفيلم الثاني رسوم متحركة إخراج بيتي دوكتر بعنوان “Monsters, Inc.” ويتناول حكاية وحوش يريدون إخافة الأطفال، ولكن للأطفال رأي آخر في الموضوع. ويضاف إلى تلك العروض كلها ما تُقدمه صالات العرض السينمائية القليلة جداً، من أفلام متنوعة.
