الثورة – رنا بدري سلوم:
لم يمت غسّان وأحمد جبريل والزّياد.. لم يمت السّاعدي بالأمس، وكيف يموتون من كانت قصصهم وقصائدهم وأدبهم المقاوم معاقل للمقاومة ومتاريس للصمود في فلسطين والعالم.. كتّابٌ أحرار نماذج للمثقف الذي لا يفنى إرثه النضاليّ ولا يموت، كالشّهداء العظماء القابعين هنا بيننا، تتقمّص أرواحهم، حروفهم، فيعيشون انتصارات المرحلة في كل حين ومع كل عين تقرأ باسم الحياة والنضال والتحرير، عاكسة مؤلّفاتهم ثقافة المواجهة ورفض الهيّمنة الثقافيّة الغربيّة.
تفتقد السّاحة الثقافيّة الفلسطينيّة والعربيّة اليوم علماً من أعلام الفكر الأديب المقاوم رافع السّاعدي، لكن يبقى حاضراً بأدبه وإرثه النضاليّ، كما كل المقاومين الشّرفاء الذين وهبوا دماءهم لكلمة الحق والحقيقة، متجذّرين الأرض بحبرهم وأرواحهم يكتبون بها وعنها ولها، يعشقون الأرض ككوفيّاتهم التي تلفّ أعناقهم، بهم تبقى فلسطين حرّة عربيّة فعلى “هذه الأرض ما يستحقّ الحياة”، وما يستحق الموت أيضاً ليكتب التاريخ أدباً يشهد على قوّة الكلمة في الدّعوة إلى الاستقلال وتحدّي القمع، سنحافظ على الذّاكرة الجماعيّة، وسياقاتها التاريخيّة المقاومة متمثلاً بأدبٍ مقاومٍ كان ولا يزال أداة فعّالة للتعبير عن مظالم الشعب الفلسطينيّ الذي يستعيد هويّته العربيّة مع كل إشراقة شمس، ويحشد حركات مقاومته من تراب تطهّر بدماء الأبرياء والشّرفاء تراب مجبول بالحريّة حدّ التوحّد، الحريّة التي تسكن هذا الوجود بطوفان دمائه.. نتشاركه مع دمعة السّماء وحبّة الحنطة وذرة التراب بكلّ الأمداء.