الثورة أون لاين: لم تكن المشاركة القطرية وبعض العرب في مؤتمر هرتسليا الأولى.. لكنها كانت الأكثر إثارة للانتباه، باعتبارها بهذه العلنية من جهة، ولأنها تحاضر فيما قدمته من خدمات للإسرائيلي من جهة ثانية. الصفاقة القطرية ليست في المشاركة، على مافيها، فحسب، بل أيضاً في هذا الشعار الذي يولّد في الأفق صقيعاً عربياً، ويؤسس لعصر جليدي سيحتاج العرب لعقود أخرى حتى يتمكنوا من تجاوز تداعياته.
كان من الواضح أن الأفعال القطرية تحتاج بين الفينة والأخرى إلى جردة حساب يقدمونها للإسرائيلي حتى يقيّم الأميركيون مدى الرضا الذي نالوه.. والأوضح ربما أن عمله الذي يؤديه لحساب الإسرائيليين والأميركيين يستدعي بين فترة وأخرى إعادة تقييم لما حققه. في جردة الحساب قدم «القطري» كل ما لديه، وأضاف إليه بعضاً من وعود لم تتحقق بعد، وتعهد علناً بأنها ستأتي في الخطوة التالية.. نال على إثرها تصفيق الإسرائيليين، وسيغدق عليه الأميركيون ثناءهم المنتظر. وفي جردة الحساب أيضاً ورغم الصعوبات والعقبات التي اعترضت دوره، لم يتردد في الحديث عن أدوار ومهمات تتواءم مع الصفقة الجديدة على أمل تمديد صلاحية خدماته. تباهى القطري بما أنجزه،.. ولم تخلُ السطور التي قدمها من تورماته وأوهامه، حين بالغ في استطالاته حتى أمام الإسرائيلي حيث إنه حقق في أشهر .. ماعجزت عنه إسرائيل في عقود.. وما تمكن منه عبر ترتيبه لأوضاعٍ فشل بها الاسرائيليون والأميركيون مراراً وتكراراً, وأمضوا دونها سنوات وخططاً وحروباً ودراسات واستراتيجيات دون طائل. قدم القطري استراتيجيته في الخدمة الموصوفة للإسرائيلي والأميركي.. ونال على أثرها تصفيقاً حاراً وبالاجماع, وأصبح مشروعه نافذاً في العمالة المطلقة علناً.. شرح بإسهاب حدود الخدمات التي قدمها في الماضي وتلك المعدة في خطواته للمرحلة المقبلة ، وجلب معه البقية شهوداً على ما قاله.. ووعوداً ممن يمثلهم من « اخوانه» بالمزيد .
لم يكن ممكناً للإسرائيلي أن يفوّت هذه الفرصة.. ولا أن يتخلى عن هذه الخدمات التي أنبتت وضعاً عربياً كانت تخطط له منذ عقود، وحلمت به دون جدوى.
مرت أشهر على مايقوم به «القطري» سراً وعلانية .. وقبلها كانت هناك سنوات.. تكشفت أصابعه الوالغة بالدم العربي.. وأُميط اللثام عن دوره في خدمة الإسرائيلي والأميركي.. ولايزال مستمراً.
ربما السؤال الأكثر حساسية.. هو لماذا هذه العلنية في دور الخادم القطري؟!.. لماذا أماط اللثام عن كل أدواره .. لماذا لم يعد يخجل من هذا ولم يعد يداري ولا يوارب؟!
الإجابة قد تبدو منطقية إذا ما أخذنا بالاعتبار دروس التاريخ بأن الخائن يكشف عن وجهه حين يصل دوره إلى نهايته.. حين يؤدي خدماته كاملة ويصبح وجوده عبئاً على من جنده..
فهل وصل الدور القطري إلى هذه النهاية فعلاً؟!
من الناحية المنطقية فإن قطر أعلنت ذلك صراحة.. في حين كل الملفات التي تسلمت وكالتها وصلت إلى النهاية.. ما نجحت فيه وما فشلت… ما حققت فيه ما هو مطلوب.. وما عجزت عن تحقيقه.. استعانت بالسعودية لدعم موقفها في الذهاب الى مجلس الأمن ولتخليصها من ورطة المراقبين وتقريرهم.. وفجأة أضحت السعودية مظلة يستظل بها القطري بعد سنوات من المناكفة مع دورها.. ومن التطاول عليها وصل حد القطيعة..!!
الأكثر من ذلك ألا تؤشر إماطة اللثام عن المشاركة القطرية في «هرتسليا» إلى أن الخاتمة كانت بهذه الاستخلاصات التي قدمها.. فاحترق آخر مالديه.. ورمى آخر ما في جعبته..
أسئلة لا نريد الإجابة عليها… لكن لا أحد يستطيع أن يتجاهلها أو أن يتغاضى عمّا خلفها…
تستطيع قطر أن «تفاخر» بعمالتها وعلناً.. لكنها يجب ألا تتغاضى عن الحقيقة الموازية لها.. بأن انكشافها يعني في المبدأ على الأقل أن ما تستطيع تقديمه من خدمات.. قد انتهى.. لأن خائناً وعميلاً بوجه مكشوف أمران لا يلتقيان..
وتستطيع «قطر» أن تنسب لنفسها تلك الخدمات في الخيانة.. لكن ليس بمقدورها أن تنفي عن نفسها حقيقة أنها استنفدت كل مالديها.. قدمت كل ما تستطيع، والعميل حين يستنفد خدماته.. فمصيره معروف ودوره محتوم.. ليس الآن فقط.. بل على مرّ التاريخ.
a-k-67@maktoob.com
الثورة