الثورة – رنا بدري سلوم:
“البصيرة” نور القلب الذي وهبه الله للإنسان، فماذا إن غُيّب هذا النّور تحوّل الإنسان جسداً بلا حكمة أو عقلاً ضلّ سبيله وغدر بأخيه الإنسان، فقتل ودمّر وانتهك حرمة الأديان، كل تلك الأفكار أفردتها اليوم المستشارية الثقافيّة للجمهورية الإسلاميّة الإيرانية في سورية على طاولتها اليوم تحت عنوان “البصيرة الاستراتيجية في مواجهة التحديّات الحضاريّة المعاصرة”، والتي ألقاها الباحث الاستراتيجيّ والخبير في الفلسفة الإسلاميّة والأبحاث الحضاريّة الدكتور محمد نجفعلي ميرزايي، الذي أوضح في الندوة الفكريّة التحليليّة المعنى الأساسي للبصيرة منذ نشأتها الأولى وتحوّلاتها عبر العصور إلى يومنا هذا، مستعرضاً الفلاسفة الذين بنوا عليها نظرياتهم، ومستذكراً آيات من القرآن الكريم التي تحثّ على البصيرة في تقوى القلوب وطمأنينة النفس البشريّة، والوصول إلى تقواها، “قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة”.
وأكد أن تقبّل الآخر والاختلاف الفكري ضرورة لابد منها، إضافة إلى التصدّي للفتنة والنزاع بين صفوف المسلمين، عارضاً مثالا ما يدور في شمال سورية اليوم وما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلّحة على مرأى العالم بحق الأبرياء والآمنين باسم مدّعي الدين والشريعة الإسلاميّة.
وأشار الدكتور ميرزايي إلى أن العدو يستخدم الأدوات الفكريّة في الصراع الفكري والنفسي لاستغلال العقول والتأثير عليها، وهو السلاح الأنجع لينهش بجسد الأمة الإسلاميّة، تحقيقاً لمصالحه العسكرية في الاستعمار والاستيطان، ومن هنا لابد من إصلاح تلك الأفكار فيما بيننا وتوضيحها لدى الأجيال القادمة، لأن ظروف الأمّة مليئة بالتحديات والابتلاءات، ولا بد التعلم من الدروس الماضية والتحصين الفكري والتوعوي في هذه المرحلة المهمة في نشأة العقول.
وتطرّق الدكتور ميرزايي في محاضرته إلى المفكّر حسن حنفي، وإلى قوة ما يمتلكه الإنسان من بصيرة وعلم، وأن تعدديّة الأفكار والطروحات والثقافات، رغم اختلافاتها، موجودة رغم التحفظ عليها، لذا لا بد من التمسك بجوهر العلم والبصيرة التي تربط العقل والقلب، وليس كما هو معروف أن البصيرة للعقل وحده، وهو ما أكدته الفلسفة الإسلاميّة عبر التاريخ.
وأجاب على مداخلات الحضور بدءاً من رسوخ الدين في الأمّة العربيّة وشيّطنة بعض المثقفين بالتلاعب وتحريف الأفكار الدينية التاريخية عن حقيقتها، مروراً بتطابق المفهوم الفلسفي ونشأته في الدعوة الإسلامية، ونظرية التصوّف وما تمثّله في البصيرة، وصولاً إلى التفسيرات القرآنية وتأويلاته بين النسخ والمنسوخ،وأفكار التكفيريين، والتطرّف الديني وما تعانيه المنطقة بأكملها من أفكار متطرّفة تلغي الآخر ولا تقبل به، فتحلل ذبحه وقتله وهو ما ينافي جوهر الدين الإسلاميّ الرحيم.