حلب – الثورة – جهاد اصطيف وحسن العجيلي:
استبشر عموم الشعب السوري خيراً تخفيف واشنطن جزءاً من العقوبات لمدة ستة أشهر، ما يفتح الباب واسعاً أمام اقتصادنا المحاصر ليلتقط أنفاسه بعد أزمات خانقة وضربات قاصمة تعرض لها منذ اندلاع الثورة آذار عام ٢٠١١، وتشديد العقوبات الغربية على البلاد، جراء الممارسات القمعية والإجرامية للنظام البائد خلال فترة حكمه.
تخفيف وطأة
من المرتقب أن تخفف هذه الخطوة من وطأة الأزمات المعيشية وتدهور الخدمات التي يعاني منها شعبنا، ورغم ذلك اعتبر مراقبون أن هذه الخطوة غير كافية- رغم أهميتها، وأن السوريين جميعاً يترقبون رفع وإلغاء- ليس فقط العقوبات الأميركية، بل والأوروبية أيضاً بشكل كامل.
صحيح أنه بموجب الاستثناءات بات مسموحاً- كما فهمنا- النقل، التوزيع، البيع، التوريد، التبرع، إصلاح الشبكات سواء للكهرباء أم النفط أم الغاز وإيصالها إلى سورية وداخلها، ولا يسمح بإنشاء محطات كهرباء جديدة للتوليد، ولا حفر أو تطوير آبار النفط والغاز.
إلا أن العقوبات على المصارف وتحويل الأموال، وفتح سقف تحويلات مساعدة الأهل والعائلة، ما عدا المشمولين بقوائم العقوبات الأميركية، خصوصاً عبر المصرف المركزي، كافية في الوقت الحالي لتتمكن الحكومة الجديدة من الحصول على تبرعات فردية أو مساعدات ومنح من دول ومنظمات دولية لتستطيع تسديد الرواتب للموظفين، لأن عدم توفر النقد الكافي لدى الحكومة لتسديد تلك المبالغ الكبيرة شهرياً بسبب عدم انتظام واردات الحكومة من تسديد الفواتير والضرائب والرسوم للخزينة المركزية في وزارة المالية، قد يضعها في مأزق، وهذا ما لا يأمله أي مواطن سوري بكل تأكيد.
مسبب العقوبات.. سقط
وبهذا الاتجاه يرى الكثير ممن تحدثت معهم صحيفة الثورة أن مسبب العقوبات قد سقط، والمقصود هنا بطبيعة الحال النظام البائد، لذا لا مبرر لاستمرارها على الإطلاق، معتبرين أن الشعب السوري هو من دفع، ولم يزل، ثمن ذاك الحصار والعقوبات الأوروبية والأميركية، التي لم تنعكس يوماً على نظام الأسد المخلوع، بل كان أمام مرأى العالم يلتف عليها أو على بعضها خلال تعامله مع إيران، سواء بالنفط أم غير النفط، وهذا ما اتضح جلياً فور سقوطه، ولا تزال الكثير من الخيوط تتضح شيئاً فشيئاً.
في مصلحة السوريين ولكن..!
إذاً هي فرصة في مصلحة السوريين بطبيعة الحال، إن تعاملنا معها كما يجب، ولكن اليوم بعد سقوط النظام وهروب الأسد، لا بد من رفع العقوبات، كما قلنا، والنظر بوضع السوريين جميعا، لأن الاستمرار بها- وإن جزئياً، يمكن أن يبعد الرأسمال والاستثمارات ويقلق أصحاب الأعمال، سواء السوريين والعرب أم حتى الأجانب، فسوريا بأمس الحاجة اليوم للدعم الدولي والمساعدات، حتى تستطيع الحكومة تحقيق ما هو مطلوب منها، وتبدأ بتأهيل القطاعات المهدمة ومن ثم إعادة الإعمار، لأن التردد من قبل الغرب، سيعيق عودة انطلاقة الصناعة والزراعة وقطاع الطاقة، الأمر الذي سيؤثر على كفاية الأسواق وإعاقة التصدير وإيجاد مناخ جاذب للأموال السورية المهاجرة وحتى الاستثمارات الدولية، ولعل ما تشهده سوريا وما تقوم به من حراك سياسي غير مسبوق على مختلف الصعد لهو دليل على أن سوريا مهتمة بشأن شعبها ويهمها بالمقام الأول رفع العقوبات المفروضة عليه لينال ما يستحقه بعد سنوات طوال من العزاب.
أوروبا على الخط
لا شك أن الخطوة القادمة المنتظرة من أوروبا تجاه تخفيف العقوبات عن سوريا مهمة هي الأخرى، خاصة وأن نتائج تقرير الأمم المتحدة الذي أصدرته في تموز الماضي، قد أكدت أن العقوبات المفروضة على سورية تعطل توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية والمساعدات الإنسانية، مما يحد بشكل مباشر الوصول إلى الإمدادات الطبية والمياه واستيراد المعدات والمواد التعليمية وغير ذلك من خدمات، وما نسمعه من كبريات الدول الأوروبية المؤثرة بالمشهد مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها مشجع للغاية في هذا الاتجاه.
خلاصة القول..
في العموم، ردة فعل السوريين تجاه رفع العقوبات الأمريكية، والأوروبية لاحقاً، خطوة إيجابية تساهم في تحسين الظروف الاقتصادية والإنسانية في البلاد، وتزيل شكوك أو مخاوف التأثير السلبي الذي قد ينجم عن رفع العقوبات التي ينتظرها المواطن والحكومة بأقرب الآجال.
#صحيفة_الثورة