الثورة- ترجمة هبه علي:
بذل زعماء البلاد الجدد مبادرات مبكرة نحو المصالحة. في الأسابيع الأخيرة، عرضت الإدارة الجديدة التي أطاحت بنظام الأسد اتفاق عفو مؤقت على أولئك الذين خدموا الدولة الأمنية الوحشية السابقة.
أما أولئك الذين يسلمون أسلحتهم و”يتصالحون” مع الحكومة الجديدة فقد يعودون إلى حياتهم ــ في الوقت الحالي على الأقل.
وقال أبو سرية الشامي، وهو مقاتل سابق في هيئة تحرير الشام التي تسيطر على سوريا الآن، لصحيفة الغارديان يوم الإثنين: “نريد أن نستفيد من هؤلاء الأشخاص في إدارة سوريا الجديدة.
إن العديد من السوريين، الذين لحقت بهم ندوب عقود من الانتهاكات العنيفة في ظل النظام السابق، يريدون العدالة قبل التفكير في الصفح والغفران. ومع ذلك، فإن النهج السوري للعدالة الانتقالية لديه القدرة على أن يكون بقيادة المواطنين بشكل فريد. وذلك لأن النظام ترك وراءه في الانهيار المفاجئ كنزًا من الوثائق والأدلة المصورة.
لقد اكتسبت فكرة المصالحة بين المجتمعات من خلال استبدال التسامح بقول الحقيقة شكلها الحالي قبل ثلاثين عاماً في جنوب أفريقيا. فقد وعدت البلاد مرتكبي الجرائم العنيفة التي ارتكبت خلال حقبة الفصل العنصري بالعفو عنهم إذا كشفوا عن أفعالهم بالكامل وأظهروا ندمهم.
إن تأثير مثل هذه النماذج من المصالحة، كما كتبت مي النقيب، وهي أكاديمية كويتية، يكمن في مراعاة الماضي من أجل تجاوزه.
وأشارت في مقال لها في مجلة “ماركاز ريفيو” العام الماضي إلى أن “الكلمة اليونانية التي تعني الحقيقة، aletheia ، تعني حرفياً “عدم النسيان”. والجذر اليوناني الكلاسيكي لكلمة العفو هو amnestis ، أي “عدم التذكر”.
“إن البقاء على قيد الحياة يتطلب الرؤية، شيئاً ما في هيئة حلم نصفه متذكَّر ونصفه الآخر منسي، نصفه متذكَّر حتى لا نكرر أهوال الماضي، ونصفه الآخر منسي من أجل إفساح المجال لطرق غير مجربة للرعاية والتواصل والوجود الإنساني في الحاضر، من أجل الحفاظ على مستقبلنا”.
إن سوريا لا تزال بعيدة كل البعد عن امتلاك القدرة المؤسسية اللازمة لمتابعة المساءلة عن الجرائم التي ارتكبت في عهد نظام الأسد. ولكن من خلال الحفاظ على سجلات النظام، يضع مواطنوها الأساس لمستقبل يتشكل من خلال الكرامة الفردية الخالية من عبء الماضي المؤلم.
المصدر- منيتور
#صحيفة_الثورة