الثورة – رنا سلوم:
في كل مرّة أحضر ندوة ثقافيّة عن الهويّة والانتماء أخرج من الندوة وأنا ممتلئة بالمعلومات المهمة، وبنفس الوقت عتب كبير يتملّكني على تقصيرنا في تعزيز تلك الثقافة بيننا وبين أجيالنا، مع أطفالنا وفي حياتنا اليوميّة.
ثقافة حقّة عليها أن تكون واضحة المعالم مستقيمة تحملُ من معناها الكثير، ثقافة تكون حرّة، تمتلك منعة ذاتيّة في الحفاظ على نفسها، ثقافة تربطني بك ككائن اجتماعيّ ننتمي إلى هذه الأرض أنا وأنت، نملك الولاء لهذا الانتماء، ثقافة واعية بالوجود تدرك قيمة الهُويّة والعروبة، تمتلك قرارها وفق مفهوم الاختيار والاحتماء، ثقافة متجذّرة بالحريّة والحق والدفاع والعدالة في الذات والمجتمع.
يقول أرسطو: “من مزايا العقل المثقّف أنه قادر على التأمّل في فكرة من الأفكار من غير أن يقبلها”، فكم نحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مرنة أصيلة لماضيها وتراثها، منفتحة على الحداثة وعلى الآخر، تحتفظ بشخصيّة مستقلّة لا تتبع القطيع ولا تغرق بالمعمعة، تمتلك قدرة الانفتاح على الآخر في المواقف، تقبل الآخر وتعترف به.
هذا ما نأمله من الثقافة، ولكن ما يحزن القلب فعلاً، أنه في نهاية كل ندوة أو نقاش ثقافي نسأل هل الثقافة بخير، تكون الإجابة الثقافة تعيش انفصاماً مع واقعها، فلا يمكن أن يكون خيالها مستقيماً وهي معوجّة! وبالتالي عليها أن تطبّق كل ما سبق ذكره حتى تكون ثقافة منتمية أصيلة تمثّلنا جميعاً.