الثورة – غصون سليمان:
يبدو أن الحياة التقليدية البسيطة التي كان يعيشها الناس في محيطهم الاجتماعي والجغرافي ولت إلى غير رجعة، بعد الثورة التقنية التي عصفت بكل تفاصيل العلم والتطور والتقدم واختاره كل ما هو جديد.
وبالتالي يمكن القول: إن المتغيرات الحديثة التي طرأت، وخاصة على التكنولوجيا الإعلامية المتطورة في المجالات المادية أحدثت تغيراً واضحاً وصل إلى حد الجذرية فيما تعتنقه الجماعات والفئات الاجتماعية، وتستخدمه من ثقافات، تمثل في تغيير مجرى الحياة بشكل مادي ولا مادي، حيث يخضع مجتمع الإعلام خضوعاً تاماً لهذه التحولات في المسارات كافة نظراً لضرورة استخدام ما أنتجته هذه المتغيرات الحديثة المشار إليها آنفاً.
وعليه فإن مهمة علم اجتماع الإعلام هو التعرف على الأبعاد المختلفة للتغير الناشئ عن المتغيرات الحضرية الحديثة في التفاعلات الاجتماعية داخل وخارج النطاق الإعلامي.
وحسب رأي الخبراء أنه ليست كل الاكتشافات والاختراعات تسهم في رفع مستوى الحياة البشرية، ولا ينحصر دور تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال بتحقيق التعارف والتكامل بين البشر، بل إن في هذه الاختراعات ما يفتك بالحياة البشرية.
كما أنه في وسائل الاتصال ما يعزز العزلة والتنافر وتدمير قيم المجتمعات المستهلكة لمصلحة قيم المجتمعات المنتجة.
الأسرة والمدرسة
وإذا ما نظرنا إلى الماضي قليلاً نجد أن الدور الرئيس في عملية التنشئة الاجتماعية يستند إلى مؤسسات المجتمع، وعلى رأسها الأسرة والمدرسة، فهي تعمل دائماً على غرس قيم المجتمع لقوانين يعاقب من يتجاوزها بالرفض والنبذ من باقي أفراد المجتمع.
لكن هذا الدور بدأ يضعف بعض الشيء عندما بدأت وسائل الاتصال الحديثة تغزو حياة معظم أفراد المجتمع، حسب رأي الدكتورة أمل دكاك من قسم علم الاجتماع جامعة دمشق، نظراً لتزايد استخدامها بدرجة كبيرة يوماً بعد يوم، وخاصة ضمن الجيل الناشئ والشباب، وبالتالي هذا التزايد في الاستخدام قد ولد أنماطاً ثقافية وسلوكاً اجتماعياً ارتبط معه.
فلم تعد ظروف الحياة، ولا القيم والعادات الاجتماعية، ولا حتى طرق التنشئة الاجتماعية، كما كانت قبل حدوث هذه الثورة في عالم الاتصالات ودخول الفضائيات والهواتف النقالة والإنترنت إلى معظم البيوت في المجتمع، حيث بات كل شخص يفكر بعلمه الخاص وفقاً لتبعات المزاج والرؤية والاهتمام والرغبة فيما يحب ويطمح إليه.
#صحيفة_الثورة