الثورة – مها دياب:
عند خروجي من عملي الساعة الثانية ظهراً لم أكن واثقة من إيجاد “سرفيس” غير مكتظ للعودة إلى بيتي، ويعتبر سابقاً الخروج في هذا الوقت مأساة حقيقية بالنسبة للمواصلات عامة، سواء أكان في دمشق أم ريفها وخاصة المناطق المحيطة بالعاصمة، على سبيل المثال لا الحصر صحنايا، قدسيا، جرمانا، وذلك لأسباب عديدة منها الأزمة المستمرة للمشتقات النفطية والتي كانت تنعكس سلباً على كل مقومات الحياة، والسبب الأكبر هي عقود الاحتكار الموقعة مع شركة الباصات الكبيرة، والتي مع أي موافقة على رفد الخطوط بسرافيس داعمة ترفض وبشدة بحجة عقد الاحتكار الذي بحوزتها.
وطبعاً مع نقص الباصات على الخطوط- خاصة المناطق المحيطة، كان المواطن يعيش مأساة يومية من بعد الساعة الواحدة ظهراً، إذ عليه انتظار وقت طويل لعودة الباص والكم الهائل من الركاب فيه لدرجة الاختناق، ولاسيما في فصل الصيف، وبالتالي البديل كان السيارات المتحكمة بالأجرة بغياب الرقابة حيث تزيد الأجرة بين ليلة وضحاها، حتى وصلت للراكب الواحد 25 ألف ليرة سورية والمواطن لا حول له ولا قوة، عدا عن التعامل السيئ من قبل العديد من سائقي الباصات والسيارات.
طبعاً فهم المتحكمون بالمواطن كونه بحاجة لهم، وحتى لو حدثت أي مشكلة معهم وحكم عليه بالنزول لا يستطيع الاعتراض، لأن الشكوى في هذه الحالة من دون فائدة، لطالما حلقة الفساد كانت كبيرة وسلبية في ملف النقل والمواصلات.
وبالعودة إلى المقدمة فعند وصولي للموقف كانت الصدمة بأن أجد ولأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات الكثير من السرافيس الفارغة ولعدة خطوط لمحيط العاصمة دمشق، وخاصة خط صحنايا، تنتظر المواطنين.
للوهلة الأولى لم أصدق المشهد، وعند صعودي وعلى وجهي ابتسامة دهشة كان التعليق مع ابتسامة من الركاب المنتظرين إكمال العدد، أنت غير مصدقة بالفعل إنها معجزة أليس كذلك؟! نحن أيضاً لم نكن مصدقين لهذا المشهد.
التمست الراحة والتفاؤل من قبلهم والتعليقات الإيجابية حتى مع حديثهم بأن الأجرة مرهقة للكثيرين وبحاجة لإعادة النظر لتتناسب مع دخل المواطنين.
ولكن السائد هو مشاعر الشكر لله على الخلاص والحرية، فالشعور بتوفر كل شيء هو حفظ للكرامة والإنسانية، فالشعب السوري شعب عظيم يستحق أن يمتلك أسباب الحياة والحرية.
#صحيفة_الثورة