الثورة – ناديا سعود:
لا شك أننا وقعنا في حالة من فوضى المعلومات، وخاصة بعد سقوط النظام البائد، والتي يمكن أن نطلق عليها “حرباً الكترونية شرسة” حيث تدفقت الشائعات والأخبار غير الموثوقة بشكل كبير، في حين سعت كثير من الأطراف المستفيدة لفرض رواياتها الخاصة التي تناسب أهدافها وغاياتها، ولا يبدو أن الشائعات المتعلقة بشأننا ستنتهي قريباً، ما يجعل من الضروري التعامل معها بحذر واعتماد التشكيك والحس النقدي في ظل توفر الوعي والإحساس بالمسؤولية للتصدي لهذه الظاهرة.
حول تفاقم حجم التضليل الإعلامي وانعكاسه السلبي على الحراك الاجتماعي، بعد نجاح الثورة، تحدث الإعلامي المتخصص بالمحتوى الرقمي حسين إبراهيم لصحيفة الثورة عن هذا الموضوع.
التضليل الإعلامي
يقول حسين: في فترات الثورات والانعطافات الاجتماعية، يمكن أن يصبح التضليل الإعلامي أداة قوية تستخدمها الأطراف المستفيدة لتحقيق مصالحها، هذه الأطراف قد تكون تنظيمات، جماعات سياسية، شركات، أو حتى أفراد يسعون لتحقيق أهداف معينة.
وبين أن أحد الأسباب الرئيسة لتفاقم التضليل الإعلامي في هذه الفترات، هو الفوضى وعدم الاستقرار الذي يصاحب الثورات والتغيرات الاجتماعية، في هذه الأوقات يكون الناس أكثر عرضة لتصديق المعلومات غير المؤكدة أو المشوهة بسبب القلق والخوف من المستقبل، فتستغل الأطراف المستفيدة هذا الوضع لنشر معلومات مضللة تخدم مصالحها، سواء أكانت سياسية، اقتصادية، أم اجتماعية.
تفاقم الانقسامات
ونوه بأن هذا ما يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية وزيادة التوترات بين مختلف الفئات، وبالتالي يخلق حالة من الشك وعدم الثقة بين الناس، ما يجعل من الصعب تحقيق التفاهم والتعاون اللازمين لبناء مجتمع مستقر ومزدهر.
وأوضح حسين أن للتضليل أشكالاً مختلفة والتي جميعها تؤدي لنتائج سلبية تؤثر على الأفراد والمجتمعات، ومنها انتشار معلومات غير صحيحة أو مشوهة، مما يخلق حالة من الفوضى والارتباك بين الناس وتتشكل الانقسامات بين مختلف الفئات الاجتماعية، مما يؤدي إلى زيادة التوترات والصراعات وعندما يكتشف الناس أنهم تعرضوا للتضليل، يفقدون الثقة في وسائل الإعلام، ما يجعل من الصعب عليهم التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة مما يؤثر على القرارات السياسية من خلال توجيه الرأي العام نحو مواقف معينة تخدم مصالح الأطراف المستفيدة.
تحدٍ كبير
ولفت حسين إلى أن الأمية الإعلامية تشكل تحدياً كبيراً في فترات التغيير الاجتماعي والسياسي، إذ يكون الناس أكثر عرضة للتضليل الإعلامي بسبب عدم قدرتهم على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة.
فالأمية الإعلامية تعني عدم القدرة على فهم وتحليل المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام، مما يجعل الأفراد عرضة للتأثير السلبي من قبل الأطراف المستفيدة، ففي مرحلة التغيير، يكون من الضروري تعزيز الوعي الإعلامي بين الناس لتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة ومبنية على معلومات دقيقة، وهذا يتطلب تعليم الناس كيفية التحقق من مصادر المعلومات، وفهم السياق الذي تُقدم فيه الأخبار، وتطوير مهارات التفكير النقدي.
فانتشار الشائعات والأخبار الكاذبة يزيد من الفوضى والانقسامات الاجتماعية، لذلك، يعتبر تعزيز الوعي الإعلامي جزءاً أساسياً من بناء مجتمع مستقر ومزدهر في فترات التغيير.
مهارات التحقق
وعن الآليات التي يمكن اعتمادها لتوعية الجمهور للكشف عن الأخبار المضللة وتعزيز مهارات التحقق من المعلومات قال حسين: هذا يتطلب مجموعة من الآليات الفعّالة، ومنها: تقديم دورات وورش عمل حول كيفية التحقق من المعلومات وفهم مصادر الأخبار و تشمل هذه الدورات تعليم الناس كيفية استخدام أدوات التحقق من الحقائق.
– استخدام وسائل الإعلام المختلفة لنشر الوعي حول أهمية التحقق من الأخبار وكيفية التعرف على الأخبار المضللة، وتشمل هذه الحملات إعلانات تلفزيونية، مقاطع فيديو على الإنترنت، ومقالات في الصحف.
– إدراج موضوعات التحقق من المعلومات في المناهج الدراسية لتعليم الطلاب كيفية التحقق من الأخبار منذ سن مبكرة.
– تطوير تطبيقات وأدوات تساعد الناس على التحقق من الأخبار بسرعة وسهولة، وتشمل هذه الأدوات محركات بحث مخصصة للتحقق من المعلومات، وتعزيز مهارات التفكير النقدي بين الناس من خلال تشجيعهم على طرح الأسئلة والتحقق من المصادر قبل تصديق أي خبر، وكذلك العمل مع منصات التواصل الاجتماعي لتطوير سياسات وأدوات تساعد في الكشف عن الأخبار المضللة ومنع انتشارها.
سلاح ذو حدين
ويرى حسين أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، وبالتالي فإن استخدامها بشكل ذكي هو الذي يحد من تأثيراتها السلبية على مصداقية الأخبار، ويمكن أن تكون أداة قوية لنشر المعرفة والمعلومات، ولكن إذا لم تُستخدم بحكمة، يمكن أن تؤدي إلى انتشار الأخبار المضللة والمعلومات الخاطئة، وهذا يتطلب الاستخدام الذكي للتكنولوجيا من خلال تعزيز الوعي الإعلامي بين الناس وتعليمهم
كيفية التحقق من المعلومات والاستفادة من التطبيقات والأدوات التي تساعد في التحقق من صحة الأخبار والمعلومات، وتشجيع الناس على التفكير النقدي وعدم تصديق كل ما يرونه على الإنترنت من دون التحقق مع القيام بتطوير سياسات وأدوات تساعد في الكشف عن الأخبار المضللة ومنع انتشارها.
#صحيفة_الثورة