إدمان الأطفال تحدٍ اجتماعي وحكومي.. “شم الشعلة” صورة لهشاشة الواقع الاجتماعي 

الثورة – إيمان زرزور:

يلقي إرث الحرب المدمرة التي خلفها نظام الأسد على الشعب السوري ككل، بظلاله بشكل رئيس على الفئة الأضعف في المجتمع وهم “الأطفال”، فليس القتل وحده ما واجههم، بل انتهاكات جسمية وإرث صعب جرّاء الإهمال المتعمد، والذي ساهم في تدميرالجيل، لتتفشى ظواهر سلبية وسيئة في المجتمع السوري لاسيما العاصمة، منها التسول و “شم الشعلة” والتي باتت حدثاً لافتاً لكلّ من زارها، تحتاج لتحرك حكومي جاد لمواجهة هذه الظواهرالقاتلة على الأطفال والجيل.

تصاعدت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة “شم الشعلة” في شوارع العاصمة السورية دمشق، حيث تنتشر هذه الظاهرة الخطيرة في أوساط الأطفال واليافعين، خصوصاً في الأحياء الشعبية والحدائق العامة والزوايا المهملة من المدينة، ويعكس هذا المشهد تفاقم التدهورالاجتماعي والمعيشي في مناطق سيطرة النظام البائد، وغياب منظومة الرعاية والحماية التي تفككت خلال سنوات الحرب.

تُعرف “الشعلة” بأنها مادة لاصقة تجارية تُستخدم في أعمال البناء والنجارة، إلا أن تركيبها الكيميائي يجعل منها مادة مُخدّرة عند استنشاقها، ويلجأ إليها الأطفال باعتبارها الأرخص والأسرع تأثيراً، إذ تُباع في الأسواق بأقل من دولار واحد، ما يجعلها في متناول الفئات الأكثر فقراً وتهميشاً. ويرى خبراء اجتماعيون أن “شم الشعلة” بات جزءاً من ظواهر الإدمان المبكر، الناتج عن ظروف اقتصادية قاهرة، وانعدام البيئة الأسرية والتعليمية الحاضنة، ويلجأ الأطفال لهذه المادة هرباً من الجوع والبطالة والتشرد، بعد أن خسروا المعيل نتيجة القتل أو الاعتقال أو النزوح القسري خلال الحرب التي شنها نظام الأسد على السوريين.

يحذر أطباء ومختصون من أن استنشاق مادة “الشعلة” يؤدي إلى أضرار بالغة على الجهازالعصبي، ويُسبب فقداناً تدريجياً في الذاكرة، واضطرابات سلوكية، وقد يؤدي إلى تلف دائم في الدماغ، فضلاً عن احتمالات فقدان الوعي، والوفاة في بعض الحالات عند التعرض المتكرر.

وتكمن خطورة الظاهرة في سهولة الوصول إلى المادة، وغياب أي رقابة فعلية على بيعها أو تداولها بين القاصرين، إضافة إلى انعدام برامج التوعية في المدارس أو الأحياء، وانشغال الأجهزة الحكومية في ملفات أخرى وسط واقع أمني وخدمي هش.

في ظل هذه الأوضاع المتفاقمة، أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية الجديدة، بالتعاون مع وزارتي التربية والداخلية، خطّة أولية لمتابعة الظاهرة.

وتشمل الخطّة “رصد مواقع انتشارالظاهرة بالتعاون مع المجالس المحلية، وإطلاق حملات ميدانية لتوعية الأهالي في المناطق الفقيرة والمخيمات العشوائية، وتجهيز مراكز إيواء وإعادة تأهيل للأطفال المدمنين بالشراكة مع منظمات دولية.

أيضاً تسعى الوزارة إلى تشديد الرقابة على بيع المواد الكيميائية القابلة للاستخدام كمخدرات، ومنع بيعها للقاصرين، وتدريب فرق من الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين على التعامل مع حالات الإدمان الطفولي.

وفي ظل استمرارالظروف المعيشية القاسية، والانهيار المتراكم لمؤسسات الرعاية السابقة، تبقى ظاهرة “شم الشعلة” جرس إنذار مدوٍ على حافة كارثة اجتماعية، تتطلب استجابة وطنية عاجلة، تنقذ الطفولة السورية من براثن الإهمال والانهيار، ويُطالب نشطاء في الحراك المدني بإعلان حالة طوارئ اجتماعية تشمل العاصمة ومناطق الريف، وتكثيف التعاون مع المنظمات المحلية والدولية للحدّ من هذه الظاهرة التي تهدد جيلاً كاملاً بالضياع.

آخر الأخبار
سوريا تختار الحياد.. التركيز على الشأن الداخلي وتعزيز الحضور الدولي   الأكثر تحصيناً وعمقاً ورعباً لإسرائيل.. "فوردو" تحت العين الأميركية  أنقرة ولندن وباريس يرحبون بخطوات الانتقال السياسي في سوريا   الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على سوريا غير مقبولة ويجب أن تتوقف  بريطانيا تشيد بالتقدم السياسي في سوريا وتدعو لضمان العدالة والشفافية  سوريا ولبنان تعبدان الطريق لتحويل الإرث الثقيل لمسار جديد من التعاون جامعة دمشق تُدرج ضمن تصنيف QS العالمي لعام 2026 كأول جامعة سورية تحسين البنية التحتية وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ضروري .. الكردي لـ"الثورة": سوريا تمتلك الكثير م... مدير عام "الصناعات الغذائية" تكشف لـ "الثورة":  معامل المؤسسة تطرح للاستثمار وفق جدواها الاقتصادية ... انتظار ممل من الثورة إلى الدولة: حين يتحوّل الحلمُ إلى مسؤولية مدرسة تمريض وأقسام جديدة في مستشفى بصرى الشام بدرعا محافظ درعا يلتقي أمناء السر ورؤساء المراكز الامتحانية مسلسل "ضياع الحمضيات" مستمر بالعرض رغم فشله.. حلقات من التخبط والنتيجة "ضحك على ذقن الفلاح" محافظة دمشق تعد بحلّ إشكاليات المرسوم التشريعي 66 "حماية المستهلك" في اللاذقية: الأسعار تخضع لسوق حر تنافسي قرارٌ يثير الجدل.. وكلية الحقوق توضّح مدير "زراعة طرطوس" يقر بصعوبات الإنتاج الزراعي تصحيح الأسئلة المؤتمتة يدوياً يرفع نسبة الخطأ.. حبوب: لجان للتصحيح وأخرى للمتابعة والتدقيق درعا.. أنشطة تفاعلية لدعم الأطفال زمن الأزمات والحروب