الثورة – ترجمة ختام أحمد:
إن إعادة بناء البنية التحتية في سوريا مهمة ضخمة يجب أن تعطيها الحكومة الجديدة الأولوية بعد سقوط نظام الأسد. فبعد ما يقرب من 14 عاماً من الصراع المطول، تواجه البلاد تحدياً هائلاً في استعادة خدماتها الأساسية وصناعاتها واقتصادها. لقد ترك الدمار الذي خلفته الحرب الكثير من البنية التحتية في سوريا في حالة خراب، حيث تحمل مدن مثل حلب وحمص العديد من الندوب.
لقد تم تدمير الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس ومحطات الطاقة، مما ترك الملايين من السوريين بدون إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية.
إن فهم كيف وصلت سوريا إلى هذه الحالة المزرية يؤكد على ضرورة التركيز على إعادة الإعمار.
كان الصراع، الذي بدأ في عام 2011، حرباً متعددة الأوجه شملت العديد من التدخلات الأجنبية والعواقب الإنسانية المدمرة. لقد أدى القتال المستمر والغارات الجوية والحصار إلى تدمير المناطق الصناعية والأراضي الزراعية والبنية الأساسية العامة، تحولت المراكز الحضرية، التي كانت ذات يوم مراكز نابضة بالحياة للنشاط الاقتصادي، إلى أنقاض.
لقد نزح ما يقرب من نصف سكان سوريا، سواء داخلياً أو خارجياً، مما أدى إلى خلق أزمة لاجئين أثقلت كاهل الدول المجاورة وأوروبا.
وقد أدى انهيار البنية التحتية إلى تفاقم المعاناة، مع محدودية الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية مما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية المزرية.
إن إعطاء الأولوية لإعادة بناء البنية الأساسية أمر ضروري لتعافي سوريا، ولن يعمل ذلك على معالجة الاحتياجات الفورية للسكان فحسب، بل سيشكل أيضاً الأساس لإحياء الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي.
إن إعادة بناء البنية الأساسية في سوريا تتطلب أيضاً نهجاً متعدد الجوانب من جانب القيادة الجديدة. فالاستقرار السياسي شرط أساسي لجذب الاستثمارات وتأمين الدعم الدولي، ويتعين على الحكومة أن تثبت التزامها بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الشفاف، وهذا لن يكتسب ثقة الشعب السوري فحسب، بل سيشجع أيضاً المجتمع الدولي على المشاركة البناءة في تعافي البلاد.
إن الشراكات بين القطاعين العام والخاص قادرة على الاضطلاع بدور حاسم في تسريع وتيرة إعادة الإعمار من خلال إشراك الشركات الخاصة في مشاريع مثل إنتاج الطاقة والنقل والإسكان. ومن الممكن أن يستغل هذا التعاون الموارد والخبرات الإضافية، مما يضمن جهود إعادة الإعمار الفعّالة.
وتتمتع سوريا أيضاً بفرصة للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ومع تعرض البنية التحتية التقليدية للطاقة لأضرار جسيمة، يمكن لمشاريع الطاقة المتجددة معالجة نقص الكهرباء في حين تعمل على تمكين سوريا من مستقبل أكثر استدامة واستقلالية في مجال الطاقة.
إن مكافحة الفساد تشكل جانباً آخر بالغ الأهمية في عملية إعادة الإعمار. فقد عانت سوريا تاريخياً من الفساد، ولابد أن تتضمن جهود إعادة الإعمار تدابير صارمة لضمان الشفافية والمساءلة. إن إعادة بناء البنية الأساسية في سوريا من شأنه أن يعود بفوائد تحويلية على الأمة. فهو من شأنه أن يعيد تأسيس سوريا كدولة فعّالة قادرة على الانخراط بشكل هادف في الشؤون الإقليمية والعالمية. والواقع أن البنية الأساسية القوية تدعم التنمية الداخلية ومن شأنها أن تضع سوريا في موقع مركز تجاري محتمل، نظراً لموقعها الاستراتيجي عند مفترق الطرق بين الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا.
كما أن إعادة بناء المساكن والمدارس ومرافق الرعاية الصحية من شأنها أن تساعد في تلبية احتياجات ملايين النازحين السوريين، سواء داخليا أو خارجيا. كما أن توفير المساكن الآمنة والخدمات الأساسية من شأنه أن يشجع اللاجئين على العودة، مما يساعد في التعافي الديموغرافي للبلاد وتجديد القوى العاملة. وقد أعربت المنظمات الدولية مثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن استعدادها للتعاون مع القيادة السورية الجديدة لدعم العودة الآمنة وإعادة دمج اللاجئين.
المصدر _ ArabNews
#صحيفة – الثورة
التالي