“سوريا متحف الهواء الطلق”.. النظام المخلوع استغل ملف حلب القديمة لتحقيق مكاسب سياسية

الثورة – جهاد اصطيف وحسن العجيلي:

بين الأزقة القديمة والبيوت المهدمة، بين حجارة كانت شاهدة على حضارة امتدت لآلاف السنين، وبين صمت الجدران التي نطقت بالقهر هناك قصص لا تنتهي.
هنا حلب، المدينة التي عانقت التاريخ وشهدت على أقسى الجرائم أيام النظام البائد، كل زاوية فيها تحمل ذكرى، وكل شارع ينطق بحكايات من رحلوا ومن بقوا ليعيدوا بناء الحياة من بين الركام، حيث وصل الدمار والنهب إلى الكثير من النفائس التراثية والأثرية في سوريا، التي وصفها أحدهم بأنها “متحف في الهواء الطلق”، ورغم صعوبة ترميم ما دمر لأسباب مادية وبشرية، وتحتاج إلى فترة زمنية طويلة، إلا أن حلب، تبقى الشاهدة الحية التي لا تفنى أو تموت.
تدمير كامل أو جزئي
هناك، وبحسب المعلومات المتوفرة، سبعة مواقع مهمة تمثل روح المدينة القديمة بحلب تعرضت لتدمير كامل أو جزئي على يد النظام البائد، أهمها الجامع الأموي الذي احترق قسم كبير من فنائه الداخلي في تشرين الثاني عام ٢٠١٢ ودمر الكثير من أجزائه أيضاً، وانهارت مئذنته في نيسان ٢٠١٣، التي تعود إلى العهد الأيوبي وتمتاز بهندستها الرائعة وزخرفاتها البديعة، ولحسن الحظ تم إنقاذ المنبر وإخفاؤه في مكان آمن وعودته الآن سالماً.
أما البازار “سوق المدينة الأثري” الذي يعود تاريخ تأسيسه للعهد الهلنستي، ويبلغ طوله مع تفرعاته حوالى ١٢ كيلومتراً، فقد أتى حريق هائل على قسم كبير منه، ما أدى إلى انهيار نحو ٦٠% منه، لتتعرض دار ” السراي ” إلى دمار كامل، كما تعرضت دار الجوازات، التي تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، وتم ترميمها سابقاً بدعم من “مؤسسة الآغا خان” لدمار كبير جداً، ولحق بدار الفتوى دمار وصل إلى حوالى ٥٠%.
أما المساجد والجوامع القديمة فقد تضرر ما يقارب ٣٥ منها، بينها مئذنة جامع “المهمندار”، التي تعد فريدة من نوعها في سوريا وتعود للقرن الثالث عشر، كما حصد الدمار ما يقارب ٥٠% من البيوت القديمة التي يبلغ عددها حوالى ٦٠٠٠ ويعود تاريخ بنائها إلى ما بين القرنين الرابع والثامن عشر، ليقتصر الدمار في قلعة حلب على مدخلها وبابها الذي يعود للعهد الأيوبي، ولحق بعض الضرر ببعض الآثار الموجودة بالحديقة.

حلب حاضرة
ومع اندلاع الثورة السورية عام ٢٠١١ حضرت حلب في المشهد السوري، وفي منتصف تموز ٢٠١٢ سيطر الجيش السوري الحر على نحو ٧٠% من المدينة، شملت أكثر من ثلاثين حياً وشكلت النصف الشرقي من حلب، وبعضها يقع في الجزء القديم والتاريخي من المدينة، هذه الأحياء كانت هدفاً دائماً لقصف جوي ومدفعي استمر بين عامي ٢٠١٢ و٢٠١٤، حيث بدأت قوات النظام البائد بقصف حلب بالبراميل المتفجرة، مما دفع حينها أكثر من نصف مليون من سكانها إلى النزوح، ومنذ الأسابيع الأولى للتدخل العسكري الروسي في سوريا مطلع أيلول ٢٠١٥، كان نظام الأسد المخلوع واضحاً في إعلانه أن استعادة حلب هي هدفه الأول، ليبدأ بعدها بحملة كبيرة لاستعادة السيطرة على كامل المدينة في تموز ٢٠١٦، إلى أن حررها الثوار خلال يومين في ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢٤ بعد بدء عملية “ردع العدوان”.
شعب يحب الحياة
وعلى الرغم من أن مشاهد الدمار الهائل الموجودة في مدينة حلب وتحديداً أسواقها القديمة، التي تعطي شعوراً باليأس لمعظم الزائرين الغرباء إليها، إلا أنها بالنسبة لأهالي حلب، لم تكن تلك المشاعر موجودة لديهم لأنهم شعب يحب الحياة، ويعمل على إعادة الحركة التجارية والألق القديم لبعض تلك الأسواق في المدينة القديمة، وبالرغم من الأضرار التي لحقت بالجزء الشرقي من المدينة، حيث تقع حلب القديمة، كانت هائلة ومروعة، إلا أن الدمار الذي حدث هناك والصعوبات الناشئة عن العقوبات الغربية التي فرضت على سوريا لم تثن أهل حلب عن إعادة بناء مناطقهم بأيديهم لتصبح مقصداً للراغبين برؤية المدينة وأسواقها، حيث لا تزال عملية الإصلاح وإعادة البناء مستمرة ولا يزال الضرر في الكثير من المباني واضحاً.
قصف وحشي
هذه الآثار كلها كانت عرضة للقصف والتدمير بشكل ممنهج من قبل النظام البائد، مما دفع “اليونسكو” لوضع مدينة حلب على قائمة مواقع التراث العالمي المهدد بالخطر عام ٢٠١٣، الأمر الذي جعل ملف الآثار والمدينة القديمة موضع اهتمام وقلق بالغ للمختصين في هذا المجال نتيجة حجم الدمار الهائل الحاصل في المدينة القديمة والتخوف من قدرة النظام البائد على التعاطي بحرفية وموضوعية مع هذا الملف مع نقص الكوادر والإمكانيات المادية لتغطية الاحتياجات المرحلية، ومع ذلك أستغل النظام المخلوع هذا الملف لتحقيق مكاسب سياسية كما فعل بمدينة تدمر، حيث بدأ بتنفيذ عدد محدود من مشاريع الترميم وإعادة التأهيل لبعض أسواق مدينة حلب الأقل تضرراً كما بدأ بترميم وإعادة بناء مئذنة الجامع الأموي بحلب، من خلال شراكات وتمويل مع عدة جهات دولية، كالأمم المتحدة ومؤسسة الآغا خان وغيرها.
ماذا بعد!

يبقى التحدي الأهم الآن الذي يواجه المشاريع قيد التنفيذ، هو تقييم مراحل الإنجاز وإعداد دراسات لاستكمال العمل الذي بوشر فيه مجدداً، خاصة أعمال الجامع الأموي، مع أمل استكمال بقية الأسواق في المدينة القديمة التي لا يمكن لأحد أن يتصور حلب الشهباء من دون رؤية مدينتها القديمة بحلتها الكاملة التي تليق بها وبأهلها.
لنقول أخيراً: في خضم هذا الدمار الهائل فيها، تبرز الحياة على شكل ورقة خضراء تنبت من نبات ميت، أو واحة خضراء في قلب الصحراء، تسعد العين وتطفئ العطش بعد رحلة متعبة وشاقة تستحقها حلب وقلعتها ومدينتها القديمة.

 

آخر الأخبار
أمطار غزيرة باللاذقية حتى يوم الخميس وثلوج على ارتفاع 800 متر بعد انخفاض أجرة السرافيس إلى ألفي ليرة.. سائقون لا يلتزمون بالتسعيرة توزيع بذار البطاطا مستمر في حماة.. و5 ملايين ليرة سلفة يدفعها المزارع تفنيد للشائعات السفير عبد الهادي لـ"الثورة": ترامب واهم والشعب الفلسطيني لن يكرر مأساة 67 و48 صديق وفي التعادل يفرض كلمته في ديربي مدريد سلتنا في قطر استعداداً للنافذة الآسيوية الثالثة مساعٍ لتشكيل لجنة تطبيعية في اتحاد الكرة.. الفيفا لم يوافق على لجنة التسيير فكيف بلجنة تطبيعية؟! ليفركوزن يهدر نقطتين في سباق البوندسليغا فوز ميلان وأتلانتا في الكالتشيو ناشئات كرتنا يفتتحن مشوارهن بالخسارة! مهرجان الأطفال للجمباز نجاح وعروض شيقة كار الزراعة والمناخ معرض "لون الحرية" في طرطوس دُمى " كراسي" على خشبة قرطاج لفنون العرائس بعد ثلاثة أيام من الإبداع.. "خان الحرير" يودّع زواره بصفقات ناجحة مصدر في وزارة المالية لـ"الثورة": تأسيس شركة وساطة تأمين جديدة يدعم التسويق أستاذ جامعي لـ"الثورة": لابد من تصحيح السياسة النقدية بنتشيتش تحقق أول ألقابها في "أبو ظبي"