الثورة – همسة زغيب:
يمتلك النحات والفنان وليد نواف نوفل ذائقة فنية غنية بالإبداع والتجارب الفنية، جسدها من خلال منحوتاته لتعبر عن الجمال والفكر الإنساني بأشكال مختلفة تعكس مشاعر وأفكار وثقافات الشعوب عبر العصور، وتتحدث بلغة كل الشعوب وتنقل حضارتهم ومعتقداتهم وأفكارهم وهمومهم على حد تعبيره، نحت أعماله الفنية في منتهى الدقة والمهارة، إذ استطاع أن يخترق الفراغ وأن يحرر الكتلة من الفراغ سواء أكانت على الطين أو الشمع أو الخشب أو الحجر أو المعدن، وشكل الأشياء وصبّها وصنعها ثم دمجها بطرق مختلفة، والفنان دائماً على تماس مباشر بالحداثة، ويتماهى مع إرثه الحضاري العميق ليقدم منجزاً فنياً معاصراً.
وتحدث النحات عن فن النحت قائلاً: عرفت بلاد الشام فن النحت منذ عهود طويلة، وهو فن تجسيدي، ومن أكثر الفنون انتشاراً وتنوعاً في العالم، يختصر الزمن ويصمد أمام التلف وهو تقليد فني غني برع فيها الإنسان باستخدام خامات مختلفة تخلق صوراً فنية مرئية وملموسة بمساحة معينة، ولغة فن النحت التشكيلي تختلف عن لغات الفنون الأخرى لأن عملية الإبداع ممارسة للحظة التي يعيشها الفنان سواء أكانت سلبية أم إيجابية.
وأضاف: بدأت مع الرسم بقلم الرصاص والفحم وتمتعت بموهبة منذ طفولتي وتابعت اهتمامي وبدعم من الأهل وأساتذة الرسم في المدرسة إذ لم يكن في زمننا مراسم أو معاهد لتعليم الرسم وصقل المواهب لذلك كان اعتمادي على نشاطي الشخصي والتدريب إذ كنت أشارك في المعارض المدرسية وفيما بعد المرحلة الثانوية انتسبت لمركز أدهم إسماعيل في دمشق وبعد نجاحي تحولت إلى فن النحت متأثراً بما أشاهده من الواقع، فصنعت مجسمات طينية لأشكال طفولية، ثم نمت هوايتي وتعرفت على خامات مختلفة وانطلقت بأعمالي النحتية المختلفة على قطع خشبية صغيرة، والنحت بالإسمنت، وصقلت موهبتي التي مكنتني من النجاح في إنجاز العشرات من الأعمال النحتية باستخدام الأزميل والمطرقة في تكوين منحوتات بمختلف التفاصيل الدقيقة وما تتطلبه من مهارة، واستخدمت بعض الأدوات الكهربائية بغرض تنعيم الأعمال، أول عمل نحتّه على شكل يد بشرية لما تحمله اليد من رمزية جميلة في العمل الفني حيث اعتبرها مصدراً للعطاء، ونحت مجسم سمكة إضافة إلى عمل نحتي للاعب كرة قدم، كما قمت بتنظيم حدائق وشلالات بالإسمنت شبيهة بالشلالات الطبيعية.
يؤكد نوفل أنه يحرص على أن يكون العمل النحتي مفهوماً ومقروءاً، لأن هناك بعض الأعمال النحتية المغرقة بالتجريدية أو بالعبثية الغامضة، فالنحت والفنون التشكيلية جسور ارتباط مباشرة مع المتلقي.
ويتابع نوفل حديثه: إن الحرية شرط من شروط الإبداع الحقيقي وكلي أمل أن نستطيع كفنانين، مع كل السوريين، أن نساهم في نهضة مجتمعنا، وأن نكون مؤثرين إيجابيين في الحركة الثقافية والفنية في وطننا الجميل سوريا، لطالما كنت أبحث في أعمالي عن الجمال بحرية لصوغ المنحوتة من دون إغفال المضمون الإنساني والفكري، وكان ذلك ظاهراً في أعمالي، إذ إن للفن أهمية ثقافية وفكرية نهضوية تساهم في الارتقاء بالمجتمع، رغم كل الصعوبات التي كنا نعاني منها، ولم تعطنا أي فرصة للقيام بدورنا لو بالحد الأدنى بسبب سياسة الإقصاء والتهميش والإبعاد من قبل النظام البائد وأعمالي عبّرت عن منظومة الفساد والإفساد الممنهج الذي كان سائداً، وعندما قامت الثورة العظيمة في 2011 كنت من أول المشاركين فيها وحتى اليوم، لذلك أنا متفائل في هذه المرحلة العظيمة من تاريخ سوريا الحرية، وثقتنا بقدرة النحت السوري على الاستمرار والتطور مستقبلاً بفضل اجتهاد النحاتين السوريين وحبهم وشغفهم للفن.
وشارك النحات وليد نوفل بالعديد من المعارض الفردية والجماعية ومنها المعارض السنوية لوزارة الثقافة في خان أسعد باشا وفي المراكز الثقافية في المزة وصحنايا، وفي مهرجان بصري ضمن احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، وله عدة معارض في مدينة السويداء وكان آخرها المعرض الذي أقامته مؤسسة البازلت في السويداء بقصر الثقافة مع مجموعة من الفنانين.
#صحيفة_الثورة