الثورة – إيمان زرزور:
أثار إعلان وزارة الداخلية القبض على وسيم الأسد، ارتياحاً شعبياً واسعاً في سوريا، باعتباره واحداً من أبرز وجوه الفساد المرتبطة بعائلة الأسد، وأحد رموز التسلط والنهب اللذين ارتبطا بمنظومة النظام البائد، وقد تباينت ردود الفعل الرسمية والشعبية بين الترحيب بخطوة “طال انتظارها”، والدعوة لمحاسبة شاملة تطال كل المتورطين في جرائم الحرب والفساد.
وسيم الأسد، ابن عم “بشار الأسد” المخلوع، اشتهر خلال السنوات الماضية كواجهة للميليشيات والشبكات الاقتصادية التي عملت تحت حماية النظام، متورطاً في عمليات نهب أراضٍ وممتلكات، وتمويل ميليشيات محلية موالية، فضلاً عن صلات وثيقة بتجارة الكبتاغون وشبكات تهريب المحروقات والسلاح، وبالنسبة لكثير من السوريين، لم يكن وسيم الأسد مجرّد شخص نافذ، بل يمثّل “مركّباً من الفساد العائلي، وقد جسّد صورة النظام البائد في أبشع حالاتها.
جاءت أولى الردود الرسمية من “وزير العدل الدكتور مظهر الويس”، الذي عبّر عن تهنئته للشعب السوري بمناسبة اعتقال وسيم الأسد، مؤكداً أن العدالة “ستأخذ مجراها بحق كل من تلطخت يداه بدماء السوريين الأبرياء”، في إشارة إلى أن هذا الاعتقال ليس خطوة رمزية، بل بداية مسار قضائي واضح.
كما صدر عن “وزارة الداخلية” بيان مقتضب أشاد بجهود الأمن الداخلي والاستخبارات العامة في تنفيذ العملية على الحدود السورية اللبنانية، ما يعكس تنسيقاً أمنياً عالي المستوى، وتنفيذاً لقرارات السلطة الانتقالية بملاحقة المطلوبين من أركان النظام السابق.
وقال وزير الداخلية “أنس خطاب” “إن القبض على المجرم المطلوب وسيم الأسد يأتي في إطار جهود متواصلة تبذلها الوزارة والدولة السورية لتقديم المتورطين في جرائم النظام البائد إلى العدالة”، لافتاً إلى أن الوزارة “لن تتهاون في ملاحقة كل من تلطخت أيديهم بدماء السوريين، وستُخضعهم لمحاكمات عادلة ضمن مسار العدالة الانتقالية”.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة نور الدين بابا، إن “وسيم الأسد قد يكون أول المقبوض عليهم من زمرة آل الأسد، لكنه بالتأكيد لن يكون الأخير”، مشدداً على التزام الحكومة بتوسيع عمليات الملاحقة حتى تشمل كامل شبكة المتورطين في الإجرام والفساد.
أما وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى، فاعتبر أن وسيم الأسد “جسّد لسنوات صورة الانحدار الأخلاقي الذي بلغه النظام السابق” وقال إن “وسيم” ظلّ لسنوات مادة شبه يومية في وسائل الإعلام، تُذكّر السوريين بجرائم الإذلال والاستغلال التي مورست بحقهم.
وأكد أن “اللحظة التي طال انتظارها قد حانت، وأصبح تاجر المخدرات وممول الميليشيات في قبضة العدالة، بعد كمين دقيق نفذته وزارة الداخلية”، معتبراً أن هذه العملية تمثّل جزءاً من نهج تصاعدي في ملاحقة المتورطين بارتكاب الانتهاكات خلال حقبة الأسد.
في وسائل التواصل الاجتماعي، شهد الخبر تفاعلاً استثنائياً، حيث امتلأت منصات السوريين بالتعليقات التي اختلط فيها الفرح بالغضب المكبوت، من التعليقات المتداولة: “هكذا يسقط الطغاة… واحداً تلو الآخر”، “وسيم الأسد في قبضة العدالة… بداية النهاية لعصابة آل الأسد”، “ما ضاع حق وراءه شعب… هذا يوم ننتظره منذ عقد”.
عشرات المنشورات طالبت بمحاكمته علناً وكشف شبكات الفساد المرتبطة به، لا سيما في الساحل السوري ومناطق سيطرة الميليشيات، كما انتشرت مقاطع فيديو وصور أرشيفية تظهر مظاهر البذخ والاستعلاء التي اتسم بها سلوكه، باعتبارها رموزاً لـ”زمن الإهانة” الذي عاشه السوريون في ظل النظام البائد.
اعتقال وسيم الأسد لا يُقرأ بوصفه إجراءً قضائياً فحسب، بل يُنظر إليه كمؤشر سياسي مهم يحمل عدة دلالات، منها “تفكيك تدريجي لعائلة الأسد ومحيطها الضيق” كخطوة ضرورية في مسار العدالة الانتقالية، واستعادة ثقة الجمهور السوري” بأن زمن الحصانة انتهى، وأن الدولة تسير نحو المساءلة والمحاسبة، وتوجيه رسالة لحلفاء النظام السابق بأن أي حماية سياسية لم تعد كافية أمام قرارات المرحلة الجديدة.
فرح السوريين بخبر اعتقال وسيم الأسد لم يكن مجرد ارتياح لمحاسبة شخصية نافذة، بل كان تعبيراً عن لحظة تاريخية يرى فيها السوريون “بداية سقوط طبقة كاملة من المستبدين والفاسدين” الذين ارتبطوا بعقود من القمع والإفلات من العقاب، وفي الوقت الذي ينتظر فيه السوريون مزيداً من المحاكمات والمساءلات، يبقى هذا الحدث علامة فارقة في طريق بناء سوريا جديدة على أسس العدالة والكرامة وسيادة القانون.