في البدء كانت الكلمة.. وتبقى كلمة السوريين هي الأعلى في القاموس الوطني، وهي الأجدر بلمِّ شمل السوريين حول طاولة الحوار السوري السوري وعلى أرض دمشق ودمشق فقط.. دونما طائرات وتذاكر تشحن طاولة المؤتمرات السورية إلى عواصم المصالح الدولية، حيث كانت تترجم الحوارات بين السوريين بلغة التدخل الخارجي، ويكتب البيان الختامي بأصابع اللعب بمصير السوريين.
في البدء كانت الكلمة.. والكلمة اليوم سورية صرفة لا تشوبها الإملاءات، لذلك يسمع ضجيج التشاور بين السوريين من العاصمة ومن المحافظات، ويتمحور حول السيادة والدستور والانتخابات ومستقبل سوريا، خاصة بعد أن خبر السوريين قباحة الأيادي الخارجية في رسم المراحل الوطنية، حيث كانت تغتال بين السطور كل معنى للسيادة، وتنتهك حرمات البلاد وتضع خيراتها في جيوبها ثم تنظر بعين الارتياب إلى ما يجري على أنه حرب أهلية.
ربما أول خطوة تحسب للسوريين بعد التحرير هي إعادة طاولة المؤتمرات السورية إلى أرضها، حيث اختطفت عشرات المرات وعُقدت خارج سوريا وسرقة الكلمة الفصل من أفواه السوريين، أما اليوم يأتي مؤتمر الحوار ليكون الإنجاز الوطني الأكبر بعد أن طغى صوت الحرب وتجبر على صوت العقل واخترق جدار أمان السوريين وآمالهم.
على سوريا أن تعبر بالكلمة إلى مستقبلها ممسكة بأيدي أهالي المعتقلين والشهداء والمفقودين لترتقي فوق كل الجراح وبضماد العدالة الانتقالية، وعلى السوريين أن يجتمعوا بكل أطيافهم وشرائحهم رجالاً ونساء على كلمة سواء تحت سقف السيادة والوطن، فالمرحلة دقيقة وخطرة والنصر لم يكتمل.
التحديات كبيرة وثقيلة بدءاً من محاولات العبث بأمن سوريا وليس انتهاء باستمرار العقوبات.. ولا يبدو أن النظام العالمي يوزع هدايا الاستقرار للدول، بل على كل شعب صناعة استقراره وانتزاع القرارات الدولية لصالحه، وربما صرخة السوريين برفع العقوبات قد تكون مسموعة في مؤتمر الحوار الوطني.

السابق