الثورة – فؤاد مسعد:
تواجه الدراما السورية العديد من التحديات، ليس أولها التمويل الذي أجبر أعمالاً للخروج من سياق العرض في شهر رمضان، وليس آخرها التزام العديد من نجوم الفنانين بأعمال تُنجز خارج البلد وتحتاج وقتاً طويلاً من التصوير، ويُضاف إلى ذلك كله توقف عجلة التصوير لفترة زمنية لم تتجاوز عشرة أيام خلال الفترة الأولى من التحرير، ومن ثم عاودت الكاميرا دورانها وفق المعايير السابقة نفسها.
وضمن هذا الإطار يقول نائب رئيس اللجنة الوطنية للدراما ضياء قعدان لـ”الثورة”: “شركات الإنتاج التي كانت تصوّر أعمالها استكملت التصوير بناء على التصاريح القديمة، ولكنها جددت التصاريح ولم يتم تعديل النصوص”.
منافسة شرسة
العديد من الأعمال استطاعت التعاطي مع هذه التحديات وتجاوزها لتكون حاضرة بقوة على الشاشات والمنصات ومواقع الانترنت خلال الشهر الفضيل، وبعضها سيكون منافساً شرساً، إلا أن هناك مسلسلات تم تأجيلها وبقيت خارج معادلة العرض كحال مسلسلي “حبق” إخراج باسم السلكا، وتأليف بلال شحادات، و”سكرة حب” إخراج مروان بركات وتأليف بثينة عوض.
من أبرز سمات المسلسلات التي ستُعرض تحقيقها حالة من التنوع، حيث يجد فيها المتابع طيفاً واسعاً من الموضوعات ضمن الأعمال الاجتماعية المعاصرة، إضافة إلى حضور الكوميديا ومسلسلات البيئة الشامية والأعمال التي توصف بالملحمية والتي غالباً ما تعتمد إظهار على البطل الأوحد، أما المسلسلات التاريخية فستكون أعمالاً عربية يشارك فيها مبدعون سوريون، ونعرض خلال السطور التالية أهم المسلسلات التي ستُعرض مع بداية الشهر الفضيل..
بين التشويق والأكشن
حاكت العديد من الأعمال الدرامية خيوط حكاياتها ضمن إطار اجتماعي معاصر متناولة مجموعة من القضايا الإشكالية والصراعات، ولعل القاسم المشترك الذي يجمع بين أغلبها لجوءها إلى التشويق والإثارة والأكشن.
نتلمس في مسلسل “البطل” قصة إنسان تحوّل فجأة إلى بطل لأنه مد يد المساعدة إلى فتى مراهق حين ضحى بنفسه لإنقاذه من النيران المشتعلة، فتحول من إنسان عادي إلى بطل، ولكن هذا الأمر سيترتب عليه صراع بين الأخلاق والقيم من جهة، وبين السلطة والنفوذ من جهة أخرى، والعمل مأخوذ عن فكرة للكاتب الراحل ممدوح عدوان، إخراج الليث حجو، وتأليف مشترك بينه وبين رامي كوسا، سيناريو وحوار رامي كوسا، معالجة درامية لواء يازجي.
في حين يتناول مسلسل “تحت سابع أرض” إخراج سامر البرقاوي، وتأليف عمر أبو سعدة، حكاية ضابط يكتشف أن أخويه يزوران العملة، فيجد نفسه أمام مأزق أخلاقي، إما أن يتركهما يواجهان العصابات بمفردهما أو إدارة هذا العمل القذر بنفسه لحمايتهما، وبذلك يكون قد تورط ضمن آلية الفساد، ولكن تبقى العائلة بالنسبة إليه خطاً أحمراً ومن يقترب منها يصبح تحت سابع أرض.
يحكي مسلسل “قطع وريد”، إخراج تامر اسحق، وتأليف سعيد حناوي ومحمود ادريس، عن جريمة قتل غامضة تقع في قرية، ويبدأ التحقيق للبحث عن الجاني بين أفراد عائلتين تعيشان فيها فتتكشف أسرار صادمة تؤدي إلى تدمير العائلتين.
أما مسلسل “دوار شمالي – مسار إجباري” إخراج عامر فهد، وتأليف حازم سليمان، فتدور أحداثه فترة تسعينيات القرن الماضي، متناولاً حكاية رجل يقرر السيطرة على حي شعبي فيلجأ إلى طرق ملتوية لتحقيق ما يريد، منتقلاً من الخاص إلى العام.
درما اجتماعية
وضمن إطار الدراما الاجتماعية نتابع أيضاً مسلسل “سوق الحرامية” إخراج إياد نحاس، تأليف وحوار علاء المهنا، ومعالجة درامية خالد إبراهيم، والذي تدور أحداثه ضمن إطار بوليسي لا يخلو من الجرائم والمطاردات، متناولاً فئة من قاع المجتمع مسلطاً الضوء على أنشطة غير مشروعة، ونتابع من خلاله شخصية كانون الذي يعمل على مد يد المساعدة خاصة فيما يتعلق بكشف الجرائم، قام بتربيته منذ الصغر رجل سكير يعتبر “شريراً عتيقاً وصاحب مشكلات” فكان بمثابة الأب له، لكنه يُعد أحد أسباب التشوه الداخلي الذي أصابه.
تنطلق قصة مسلسل “بدم بارد” إخراج عاطف كيوان، وتأليف بسام جنيد، من التشويق والغموض، حيث يلتقي شاب بفتاة في “الكورنيش البحري” فيكتشف أنها مقتولة منذ ثلاث سنوات، وخلال محاولته البحث عن خفايا الجريمة يُفاجأ بالعديد من الحقائق التي تدخله ضمن صراعات لا تتوقف. أما مسلسل “نفس” وهو إنتاج لبناني يشارك فيه مبدعون سوريون، فيتجه نحو الحالة الرومانسية، ويطرح موضوع الحب وما يترتب عليه من تضحيات، حيث يواجه الأبطال تحديات تحكمها المشاعر والصراعات الداخلية، وهو من إخراج إيلي سمعان وتأليف إيمان سعيد.
يدور المحور الأساسي لعشارية “دافع مشروع” إخراج يمان إبراهيم وتأليف رضوان شبلي، حول جريمة قتل يلفها الغموض، ولكن لا تلبث خيوطها أن تتكشف رويداً رويداً، حيث يتم توريط أحدهم ليتم اعتباره مريضاً والاستفادة من مرضه.
وعن حضور الخط النفسي في العمل، يؤكد مخرجه أنه يحكي عن مرض الشيزوفرينيا، ولكن لم يتم الدخول كثيراً في تفاصيله، مشيراً إلى ما فيه من تشويق وغموض و”فلاش باك”.
شامي وملحمي
رؤية مختلفة تغلف العديد من الأعمال التي تدور أحداثها في أجواء البيئة الشامية، مبتعدة عن السائد، في محاولة لطرح الأفكار بقالب درامي وبصري جاذب، ومن أهم تلك الأعمال مسلسل “ليالي روكسي” إخراج محمد عبد العزيز، تأليف ورشة كتابة تضم كل من “محمد عبد العزيز، شادي كيوان، معن سقباني، بشرى عباس.
تدور أحداث “ليالي روكسي” فترة عشرينيات القرن الماضي في حارات الشام، ملقياً الضوء على فترة زمنية محددة مليئة بالتغيرات الاجتماعية والسياسية، ومركزاً على قضايا اجتماعية متنوعة، متناولاً حياة شخصيات متعددة تتشابك مساراتها في إطار درامي مليء بالصراعات، كما يضم صالة عرض سينمائي فنتابع تأثيرها على محيطها وعلى من يريدون إنجاز أول فيلم سوري، ليشكّل المسلسل “بشكل أو بآخر” حالة تأريخ لفن السينما في سوريا منذ دوران كاميرا أول فيلم روائي طويل، وما رافق ذلك من أحلام وتحديات.
سعى صانعو مسلسل “تحت الأرض” إلى تشويق الجمهور عبر تعريف عملهم بعبارة “مو كل نار بتنطفي.. في نار بتاكل الأخضر واليابس”، وهو من إخراج مضر إبراهيم، وتأليف شادي دويعر وسلطان اليابس، وتدور أحداثه في دمشق مطلع القرن الماضي متناولاً حدوث جريمة، طارحاً حقبة زمنية مليئة بالصراعات على النفوذ والقوة، مقدماً تفاصيل مليئة بأحداث تسلط الضوء على الصراعات.
مسلسل “العهد” إخراج محمد زهير رجب، تأليف عدنان ديوب، تجري أحداثه بداية القرن العشرين متناولاً قصة فتنة يزرعها أحدهم لبث روح الانتقام بين عائلتين، مستغلاً خلافات بسيطة فتتطور الأمور إلى صراع دموي لا يلبث أن يتصاعد إلى أقصى حد.
أما مسلسل “بنات الباشا” إخراج عمار تميم، وتأليف وحوار ماهر بشار، فيحكي عن صراعات تحدث بين أم تسعى إلى تحصيل حقوق أولادها ممن غدر بهم وبزوجها، ونتابع رحلة الانتقام طيلة حلقات العمل.
مسلسل “السبع” إخراج فادي سليم، تأليف وسيناريو مشترك بينه وبين سيف رضا حامد، قصة بشار مارديني، يعج العمل بالصراعات التي تجمع بين الفانتازيا والتشويق، ووصفه صانعوه بأنه حكاية ملحمة الحرية والتمرد في وجه الطغيان والتجبر وقصة الدم والحب خارج كل قيد.
الحضور الكوميدي
بعد شح ملموس في الأعمال الكوميدية خلال الأعوام الأخيرة، نتابع في رمضان القادم عدة أعمال، من أهمها مسلسل “نسمات أيلول” إخراج رشا شربتجي ويزن شربتجي، تأليف علي معين صالح، وهو كوميديا اجتماعية منفصلة متصلة الحلقات، تطرح تفاصيل الحياة الريفية بعناصر كوميدية ساخرة ولطيفة، متناولة مشكلات وهموم وألام وآمال الشباب.
وعن النص أكدت المخرجة أن فيه شخصيات حقيقية وساخرة، وهي بالوقت نفسه تشبهنا ولا تشبهنا ولم يُطرح مثلها، وأشارت إلى أنه عمل مليء بالحب، وأجمل ما فيه شراكتها مع أخيها يزن شربتجي، وكأن هذه التجربة خلاصة جميلة لحلم والدها المخرج الراحل هشام شربتجي.
في حين يتناول مسلسل “ما اختلفنا 2” تفاصيل الحياة بإطار ناقد ساخر عبر الكوميديا السوداء، طارحاً قضايا وظواهر تلامس المجتمع بالصميم، وهو من إخراج وائل أبو شعر، يشارك في كتابته عدد من الكتاب، منهم ممدوح حمادة ومازن طه ومعن سقباني.
وهناك مسلسل من إنتاج أردني يشارك فيه مبدعون سوريون بعنوان “يا أنا يا هي” إخراج فادي وفائي، وتأليف إيناس سعيد، منفصل متصل الحلقات، تدور أحداثه في منزل ورثته صاحبته من أهلها وتريد أن تبيعه، ولكن تقوم مدبرة المنزل بمحاولات لإفشال عملية البيع.
الدراما التاريخية
لم تشهد الدراما السورية إنتاج أي عمل درامي تاريخي على الرغم من أنه كان أحد سماتها، خاصة في شهر رمضان، ولكن هناك إنتاجين عربيين شارك بهما مبدعون سوريون، يُنتظر أن يكون لهما مكانة بارزة عند الجمهور.
مسلسل “معاوية” إخراج طارق العريان، وتأليف خالد صلاح، ويحكي ضمن إطار درامي تاريخي قصة رجل استطاع أن يصنع دولة مواجهاً التحديات كلها، ثم تحولت لدولة عظيمة واجهت العالم لاحقاً.
أما مسلسل “سيوف العرب” إخراج سامر جبر، وتأليف الدكتور محمد البطوش، فيقدم من خلال مجرياته تاريخ السيف العربي ودوره في صناعة الحدث، مبرزاً دوره كرمز للقوة والشجاعة والنبل، ومتتبعاً تطور صناعته واستخدامه، عبر توثيق أبرز المحطات التي مر بها العرب عبر العصور، انطلاقاً من فترة ما قبل الإسلام وانتهاء ببداية الخلافة الأموية، مسلطاً الضوء على حكايات وشخصيات تاريخية متناولاً بأسلوب سردي يجمع بين الدراما والتوثيق معلومات تاريخية عن الحروب والشعر والأدب والعادات والتقاليد والقيم والأخلاق التي سادت في تلك الفترة.
#صحيفة_الثورة