الثورة – رفاه الدروبي:
للحكواتي تسميات عدَّة كالراوي والقصَّاص والقاصّ، وتعدّ “عادة شعبية تقليدية”، كونه شخص امتهن سرد القصص في المنازل والمحال والمقاهي والطرقات، حيث يحتشد الناس حوله، ولا يكتفي بسرد أحداث القصة بتفاعل دائم مع جمهوره، بل يدفعه الحماس لأن يجسِّد دور شخصية يحكي عنها بالحركة والصوت، مع قدوم الشهر الفضيل يبدأ الحكواتي عصام سكر، ابن حي الميدان، بسرد حكاياته المفيدة، كونه أحبَّ المهنة وتعلق بها مذ كان يقصد المقاهي برفقة والده بعد صلاة التراويح في ليالي رمضان ومنها مقهى النوفرة، وكم كانت السهرات تزداد حلاوتها عندما تشتدُّ عقدة الأحداث لحكاية متسلسلة يروي جزءاً منها كلَّ يوم، بينما يتشوَّق الحضور لمعرفة بقية الرواية، شدَّت الحكواتي عصام السهرات، فاعتلى منابر الحكايات المختلفة، وعمد إلى تقليدها حتى امتهنها كي يروي ما في جعبته من قصص الموروث الشعبي القديم الأصيل، وخلاصة ما حملته الذاكرة الإنسانية، مستقياً قصصه الشعبية من حكايات الفروسيَّة والبطولات، مستنداً لأشهر القصص أمثال عنترة بن شداد أبو الفوارس، الزير سالم أبو ليلى، المهلهل، قصة تغريبة بني هلال، والملك الظاهر.. وغيرها، قصص الحكواتي “سكر” يرويها باللهجة العامية الشامية، وبطريقة سلسة تحمل عذوبة السرد ويحبها المستمع وينجذب لسماعها المتلقي، لأنَّ أحداثها لم تعد تستند إلى التاريخ أو الأساطير والتخيلات الشعبية كما كانت في الأيام الخوالي باعتبارها مصدر تجدُّدها وانتعاشها، فقد لجأ إلى مشاركة الجمهور في صياغة القصة بشكل أو بآخر، لأنَّ الحكاية الشعبية من أبرز الوسائل لإيصال أفكار معينة فيها الفائدة والتسلية، لكن اختلف نمطها في الأيام الراهنة، إذ اقتصرت على المدد القصيرة، وأصبح يُردِّد حكايات الجدَّات لما فيها من العبرة والمضمون التربوي والتوجيهي.
