الثورة – غصون سليمان:
لعل الكلمة الطيبة تجد مكاناً في كل قلب، والمحسن حي، وإن نقل إلى منازل الأموات.. وما شهر رمضان المبارك إلا امتحان للنفوس خيرها وشرها، وبالتالي كيف ينظر الإسلام إلى فعل الأخلاق ومكانها في الحديث الشريف. يؤكد الشيخ عبد الرحمن كوكي خطيب جامع المرابط في منطقه المهاجرين أن مدرسة رمضان هي أعظم المدارس، فشهر رمضان هو شهر القرآن والوحي، وشهر سنة النبي عليه الصلاة والسلام بأخلاقها الفاضلة ومعانيها النبيلة، فمن آداب الصيام أن يبتعد الصائم عن الشهوات، فإذا كان الصائم يترك الطعام والشراب والشهوة لله تبارك وتعالى فحري به أن يترك كل الشهوات والمعاصي والموبقات ومساوئ الأخلاق.
فائدة الصيام
وأضاف الخطيب كوكي في لقائه مع صحيفة الثورة: من هنا جاءت الأحاديث التي تحض المسلم على التخلق بأخلاق رمضان والابتعاد عن كل مساوئ الأخلاق، ولفت إلى أنه في الحديث الصحيح قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إن كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يسخط فإن سابه أحد أو شاتمه، فليقل إني صائم”، فالرفث هو الكلام الفاحش، وأيضاً كل كلام بذيء من كذب أو غيبة، أو نميمة أو عدوان أو بهتان أو سب أو شتم، كل هذه من البذاءات التي ينبغي على الإنسان أن يتركها وكذلك الغضب. ونوه بأن الصائم، وكما أثبت العلم أنه من خلال الجوع ينقصه هرمون السعادة هرمون “السيروتيسين”، وحين ينزل أو ينخفض هذا الهرمون يرتفع عند المرء مستوى الانفعال والغضب، وهنا تكمن فائدة الصيام بالشهر الفضيل، فإذا أصبح الإنسان لديه استعداد للاستفزاز واستطاع أن يمتلك نفسه أثبت حقيقة أنه صائم، مذكراً في هذا السياق حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي يقول فيه: “ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”، فالصائم ليس الصائم الكامل هو الذي يظهر عضلاته ويظهر صخبه ليقول للناس إنه غضبان لأنه صائم ويعاني من الجوع، إنما الصائم الحقيقي إذا استغضب لا يغضب مع وجود المحفز للغضب، والمحفز للجوع والعطش لكنه لا يغضب ولا يسخط.
قول الحقيقة
وتابع حديثه بالقول: من أخلاق رمضان في هذا السياق، ما يتعلق بالكذب وهو شهادة الزور، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”، فمن كمال صوم الإنسان إذا ترك قول الزور والعمل به أن يكون ذلك تبعاً لتخلقه بأخلاق القرآن وأخلاق الصيام. فإذا ترك الكذب، فمن باب أولى أن يترك الزور وشهادة الزور وقول الزور، مشدداً على ألا يغرر إنسان أن شهادة الزور متعلقة بالمحكمة فقط، وإنما شهادة الزور لها علاقة بالمجتمع، فإذا سئل على سبيل المثال لا الحصر الشخص عن إنسان يتعلق بوظيفة أو زواج أو جوار، فعلى المرء أن يقول الحق من دون زيادة أو نقصان، فلا يجوز أن يشهد بإنسان لا يصلح للزواج، وأن يقول: إنه يصلح للزواج، ولا يجوز أن تشهد في رجل لا يستحق وظيفة، فتقول يستحق وظيفة، ولا يجوز أن تشهد في رجل سيئ الأخلاق أو أنه يأكل أموال الناس بالباطل، فنقول هذا رجل جيد، أو كما يقال في التعبير العامي “آدمي”.. قال تعالى: “ولا تكتم الشهادة”.. هذه بعض من أخلاق رمضان.