جاك وهبه
في الوقت الذي يشهد فيه سوق العمل تغيرات سريعة وتطورات تكنولوجية متلاحقة، تبرزالحاجة إلى كفاءات مهنية قادرة على مواكبة هذه التحولات، ورغم الدورالمحوري الذي تلعبه المعاهد التقانية التابعة لوزارة الصناعة بتأهيل كوادرفنية متخصصة، إلا أن هذه المؤسسات تواجه تحديات حقيقية تتعلق بمواءمة مناهجها مع احتياجات السوق الفعلية، وسط دعوات لتحديث برامجها وربطها بشكل مباشر بالقطاع الصناعي.
ثلاثة مجمعات
وفي هذا السياق، أوضح المكلف بتسيير مديرية التدريب المهني والتأهيل في وزارة الصناعة، معاذ بقش، في تصريح خاص لـ”الثورة”، أن الوزارة تشرف على ثلاثة مجمعات تدريب مهني رئيسة في دمشق، حمص، وحلب، بالإضافة إلى مجمع آخر في دير الزورتعرض للدمار الكامل بسبب الحرب، وأوضح أن هذه المجمعات تقدم برامج تدريبية في مختلف التخصصات الصناعية، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في وجود فجوات كبيرة في المناهج التدريبية، ما يستدعي إعادة تقييمها وربطها بمتطلبات سوق العمل المتغيرة.
مواكبة التقدم
وأشار بقش إلى أن المعاهد التقنية تضم خمسة معاهد، ثلاثة منها في دمشق، وواحد في حمص، وآخر في حلب، وتغطي تخصصات مثل الغزل والنسيج، الصناعات الكيميائية، والتغذية، إلا أن بعض هذه البرامج باتت بحاجة إلى تطوير، خاصة في مجالات الميكانيك والإلكترونيات، لمواكبة التقدم التكنولوجي ورفع كفاءة الخريجين في مجالات أكثر طلباً في سوق العمل.
استراتيجيات التحديث
ولمواجهة هذه التحديات، كشف بقش عن خطة طويلة الأمد لإعادة تقييم المناهج وتحديثها وفق المعاييرالعالمية، حيث تم إرسال خبراء متخصصين في التعليم المهني لتقييم المناهج الحالية والاستفادة من بعض النماذج المطبقة في التعليم المهني بالدول الناشئة حديثاً، مثل النموذج الماليزي، التركي، والفيتنامي.كما أكد أن التمويل الذاتي للمعاهد يفرض تحديات إضافية،ما يستلزم وضع خطط عاجلة لضمان استمرارية عملها وتوفيرالموارد اللازمة لتحديث التجهيزات والمعدات وتطويرأساليب التعليم العملي والتطبيقي.
الشراكة مع القطاع الخاص
وشدد على أهمية دورالقطاع الخاص في دعم التدريب المهني، مستشهداً بتجارب دولية تعتمد على شراكة قوية بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال، لكنه أوضح أن تطبيق هذا النموذج في سوريا لا يزال يواجه صعوبات، نظراً لحاجة القطاع الصناعي للتعافي من آثار الحرب، ورغم ذلك- والكلام هنا لبقش- هناك دراسات لتشريعات جديدة تتيح للقطاع الخاص المساهمة بشكل أكبرفي تمويل وتطوير برامج التدريب المهني، مما يضمن تخريج كوادر مؤهلة تلبي احتياجات السوق.
مواجهة البطالة
وأشار إلى أن ضعف فرص العمل لخريجي بعض التخصصات يعد من أبرز التحديات، وإن العديد من هذه التخصصات موجهة للقطاع العام، الذي يعاني بدوره من الركود والبطالة المقنّعة، لذلك، يجري العمل على إعادة هيكلة بعض التخصصات وتحديث المناهج بما يتماشى مع الاحتياجات الاقتصادية والصناعية الحالية، لضمان فرص عمل أوسع وأكثراستدامة للخريجين.
التحرك السريع
ختاماً.. يبقى تطوير المعاهد التقانية والتدريب المهني خطوة ضرورية لدعم الاقتصاد السوري وتأهيل كوادر قادرة على المساهمة في إعادة الإعمار، لكن تحقيق ذلك يتطلب تكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص، والعمل على تحديث المناهج والتجهيزات، بما يضمن مواكبة التطورات الصناعية والتكنولوجية، وخلق فرص عمل حقيقية تساهم في الحدّ من البطالة وتعزيز التنمية المستدامة.