الثورة – حسين صقر:
لا شك في أن مفهوم العدالة الانتقالية، والمحاور التي تقوم عليها كمفهوم، خاصة إرساء سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، تجد لها بنياناً قوياً في الفقه الإسلامي، كما أن أهداف العدالة الانتقالية تتفق مع مقاصد التشريع الإسلامي التي تدعو إلى حماية الضروريات الخمس بما تنطوي عليه من صون حقوق الإنسان الأساسية ضد كل مساس بها، خاصة حفظ النفس وهو أعظم مقصد من مقاصد الشريعة، ليس نفس المسلم على المسلم فقط، ولكن كل النفس التي حرم الله قتلها. ولتوضيح مفهوم العدالة الانتقالية، تواصلت “الثورة” مع المحامي سامي الحكواتي، والذي قال: إن الفقه الإسلامي تبنى نظرة شاملة في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان ومعالجة آثارها، خاصة خلال المراحل الانتقالية، والإسلام اتبع نهجاً في التعامل مع الأمصار المفتوحة، التي تتسم بالتسامح، وتتناسب مع كل مجتمع، وتتفق في مضمونها مع أهداف العدالة الانتقالية في صورتها المعاصرة، وذلك بما يكفي لحمل المبادئ والقواعد الكلية نحو فكرة العدالة الانتقالية وتفعيل آلياتها، وذلك بما يضمن ترسيخ أعلى المعايير الدولية لتطبيق آليات العدالة الانتقالية. وقال الحكواتي: إن العدالة الانتقالية متجذرة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويقع على عاتق الدول الالتزام بتوفير سبل فعالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وتلبية حقوقهم في الحقيقة والعدالة والجبر، وأنه من أجل الوفاء بهذا الالتزام، وكي تكون العدالة الانتقالية قادرة على المساهمة بفعالية في السلام والمصالحة المستدامين، لا بد من اتباع طرق شاملة تسعى إلى إحراز تقدم على مستوى جميع أبعاد العدالة الانتقالية وبطريقة متكاملة. وأضاف: تشمل عمليات العدالة الانتقالية، تقصي الحقائق ومبادرات الملاحقات القضائية وأنواع مختلفة من التعويضات ومجموعة واسعة من التدابير لمنع تكرار الانتهاكات من جديد، بما في ذلك الإصلاح الدستوري والقانوني والمؤسسي، والمبادرات الثقافية، وصون المحفوظات، وإصلاح تعليم التاريخ، بحسب اقتضاء واحتياجات كلّ سياق. وأوضح الحكواتي أن عمليات العدالة الانتقالية تشمل تقصي الحقائق ومبادرات الملاحقات القضائية وأنواعاً مختلفة من التعويضات ومجموعة واسعة من التدابير لمنع تكرار الانتهاكات من جديد، وإصلاح تعليم التاريخ، بحسب اقتضاء واحتياجات كلّ سياق، كما أنها لا تفهم على أنها ممارسة تتطلع إلى الماضي فحسب، بل أيضاً كفرصة للتطلع إلى المستقبل فتحقق تحولاً مجتمعياً جذرياً من خلال تلبية الاحتياجات العامة، ومعالجة أسباب الانتهاكات، بما في ذلك التفاوتات الجسيمة وهياكل السلطة غير العادلة والتمييز المترسخ والإقصاء وأوجه القصور المؤسسية والإفلات الهيكلي من العقاب وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي تهدد السلم والأمن أو تولدهما.
