The Conversation لماذا لا يعود العديد من اللاجئين السوريين إلى ديارهم؟

الثورة – ترجمة هبه علي:

 

عندما انتشر خبر سقوط بشار الأسد في الثامن من كانون الأول 2024، أي بعد مرور 13 عاماً على بدء الانتفاضة السورية، ابتهج السوريون في مختلف أنحاء العالم.

لقد فرحنا معهم، بعد أن أمضينا العقد الماضي في الحوار مع السوريين النازحين إلى البلدان المجاورة مثل الأردن ولبنان وتركيا، حيث نقوم بالبحث عن المساعدات الإنسانية في مخيمات اللاجئين والثوار في المنفى.

قضيتُ الأيام والأسابيع التي تلت الإطاحة بالأسد على الهاتف مع الأشخاص الذين تعرفنا عليهم منذ أن تغيرت حياتهم جذرياً عام ٢٠١١، آملين أن يكون عام ٢٠٢٥ نقطة تحول في رحلة طويلة ومرهقة.

قال قاسم، البالغ من العمر 42 عاماً، متحدثاً من منزله في مخيم الزعتري، ثالث أكبر مخيم للاجئين في العالم، شمال الأردن: “لم يتخيل السوريون في كل مكان، داخل سوريا وخارجها، أننا سنصل إلى هذه المرحلة، لم يتوقع أحد سقوط الأسد ومغادرته البلاد”.

مثل 80 ألف نازح آخرين في المخيم الصحراوي، أمضى قاسم العقد الماضي يستعيد حياته في الأردن، منذ فراره من درعا، جنوب غرب سوريا، عام 2013، عمل في عدة وظائف مستقلة، وكوّن شبكة من العملاء، ووفّر لقمة عيشه من خلال عمله نقداً لدى منظمات الإغاثة في المخيم، وتقديم خدمات الدهان والتجصيص خارجه.

لكن في سوريا، كما قال: “لا يوجد منزل، ولا يوجد عمل، ولا يوجد شيء”، وقد أصبحت عائلته المكونة من أربعة أفراد 11 فرداً، ودخلت بناته اللاتي غادرن سوريا في سن صغيرة سنواتهن الأخيرة في المدرسة الثانوية.

الآن، مع رحيل الأسد بين ليلة وضحاها- ومع احتفال الثورة بذكراها الرابعة عشرة في آذار- أصبح حلم العودة إلى الوطن، أو حتى إمكانية إنهاء عقد من المنفى، فجأةً في متناول اليد، لكن هذا الحلم يطرح الآن أسئلة وجودية وعملية وقانونية، بعد عقد من المنفى، كيف تُقتلع نفسك وعائلتك من الجذور؟ كيف تفسر عودة أصغرهم سناً، الذين لم يعرفوا سوى الحياة خارج سوريا؟ أي نوع من الحياة ينتظرهم على الجانب الآخر من الحدود؟

للعودة إلى سوريا ثمنٌ باهظ أيضاً- فعائلة قاسم المكونة من 11 فرداً، تبلغ تكلفة عبور الحدود 550 دولاراً أمريكياً فقط- ولم يحظَ العديد من السوريين في المنفى باستقرارٍ اقتصاديٍّ كافٍ للاستعداد لتكاليف العودة. بالنسبة للكثيرين لا تزال العودة إلى سوريا حلماً بعيد المنال، يضطرون إلى العمل لتوفير المال اللازم له، سيستغرق تعافي ما تبقى من سوريا بعد سقوط الأسد سنوات، وقد حذّرت المنظمة الدولية للهجرة من أن سوريا ليست مستعدة لاستقبال العائدين.

في كانون الثاني، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجميداً على المساعدات الخارجية الممولة من الولايات المتحدة، ما أثر على ما يصل إلى 90% من الأنشطة الإنسانية في بعض المناطق السورية، وفقاً لمكتب تنسيق المساعدات الطارئة التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، وقد أحدث ذلك تداعيات مدمرة على سوريا والدول المضيفة المجاورة.

ورغم ذلك، لا تزال القوى الغربية تفرض عقوباتها على سوريا، حيث يعيش 90% من السكان بالفعل تحت خط الفقر، ويحتاج 70% منهم بشدة إلى المساعدات الإنسانية.

ويتصدر سؤال العمل والدراسة أذهان العديد من السوريين، وقد أشار العديد ممن قابلناهم إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا تجعل من الصعب الحصول على عمل، وخاصةً لرواد الأعمال مثل قاسم الذين يعتمدون على وجود مستمر للعملاء.

بالنسبة لمن يرغب بالعودة إلى وطنه، فإن العودة إلى سوريا تتطلب الالتزام بتذكرة ذهاب فقط، فبمجرد عبور الحدود، تصبح إمكانية العودة ضئيلة، وقد وضعت الدول المضيفة قواعد تمنع عودة السوريين الذين لا يحملون إقامة قانونية أو تصريح إقامة (وهو ما ينطبق على معظم اللاجئين).

وكما يتعين على السوريين العائدين من الأردن دفع رسوم قدرها 50 دولاراً أمريكياً وتوقيع اتفاقية تُعفيهم من العودة إلى الأردن لمدة خمس سنوات، لكن الكثيرين في مخيم الأزرق يخشون إجبارهم على العودة، حتى بعد أن أرسلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رسالة نصية قصيرة إلى سكان المخيم تُطمئنهم فيها بأن قرار العودة إلى سوريا سيظل “طوعياً وآمناً وكريماً”.

المصدر- The Conversation

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"