الثورة – معد عيسى:
قبل أيام دعا وزير النفط والثروة المعدنية غياث دياب إلى تشكيل لجان فنية لاستلام حقول وآبارالنفط والغاز في شرق سوريا، وإعداد تقاريرعن الواقع الفني لهذه الآبار.
دعوة الوزير دياب جاءت خلال اجتماعه مع كوادر وزارة النفط والمؤسسات والشركات التابعة لها لمناقشة آلية استلام والإشراف على حقول وآبار النفط والغاز شرق سوريا.
الشريك الأجنبي ينتظر حصته
الأخبار المتتابعة بعد توقيع الاتفاق بين الإدارة الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية عن تدفق النفط والغاز من شرق سوريا إلى الداخل، خلقت حالة من التفاؤل عند المواطنين بجميع قطاعاتهم لتوفرالمشتقات النفطية وانخفاض أسعارها، وبما ينعكس إيجاباً على جميع القطاعات ولاسيما النقل والزراعة والصناعة.
الأمر ليس بالبساطة التي تناقلتها الأخبار أو التصريحات التي أطلقها المعنيون، فقطاع النفط في سوريا معقد جداً، ومدمربشكل كبير، ولا توجد حتى أرقام دقيقة ومتقاربة لكميات الإنتاج، وهذا يعود لغياب الإدارة الموحدة لكامل القطاع، وبالتالي الأرقام تُطلق من الجهات التي تسيطر على الحقول والآبار، وعليه لا يمكن تحديد الحصص والكميات التي سيتم ضخها إلى الداخل السوري قبل فترة طويلة.تحديد الكميات المُنتجة من الحقول والآبار وتقاسمها ليس محصوراً بالإدارة الجديدة وقوات سورية الديمقراطية فقط، فهناك شركاء حقيقيون في الإنتاج وتقاسم الحصص وأقصد الشركات النفطية التي كانت في سورية قبل عام 2011 وخرجت تحت تصنيف القوة القاهرة، فلهذه الشركات حصص واضحة من الإنتاج وربما سيكون الملف أكثر تعقيداً فيما لو طالبت هذه الشركات بالحصول على تعويض لحصصها عن الفترة الممتدة من عام 2011 الى الآن، هذا أولاً، وثانياً: القوات الموجودة على الأرض تحصل هي الأخرى على قسم من النفط السوري والجميع تابع ويتابع قوافل الصهاريج المحملة بالنفط التي تُخرجها القوات الأميركية من الأراضي السورية الى العراق وبالتالي لا بد من اعتبار ذلك في تقاسم النسب لكلّ جهة .
دمارواستنزاف
والتحدي الآخر لزيادة الإنتاج النفطي السوري تتجسد في أن القطاع مدمر بشكل كبير، هناك آبار محروقة، وأخرى تمّ تشغيلها واستنزافها بطرق خاطئة، كما أن كثيراً من الآبار يتم ضخها بمولدات كهربائية تعمل لساعات وليس على مدار الساعة لعدم وجود شبكة كهرباء وخطوط تغذي الآبار، إضافة إلى أن الإنتاج غالباً ما يُجمع في خزانات ويُنقل بالصهاريج بسبب تدمير شبكات نقل النفط.
فقد 70% من خبراته
لم يقتصر التدمير على الحقول والآبار والمنشات وشبكات نقل النفط ومشتقاته، فالتدمير طال الكوادر البشرية والخبرات والكفاءات المميزة في هذا القطاع والتي تأهلت على أيدي شركات النفط الأجنبية كشركة “شل” و”توتال” و”كونكو” الأميركية و”بتروكندا” حيث فقد قطاع النفط أكثر من 70% من خبراته بسبب السياسات الإدارية وقوانين العمل والرواتب المتدنية والتدخل الأمني في الإدارة والمتابعة والمحاسبة ، بدلاً من الأجهزة الرقابية والقضائية والتي أطاحت بأهم خبرات القطاع النفطي.
العقوبات الغربية تسدّ الطريق
التحديات أكثر من أن تُحصى في القطاع النفطي ولكن إعادة إحياء وإعمار هذا القطاع ليست بالمستحيلة رغم أنها تحتاج لوقت طويل واستثمارات كبيرة لا تجد حتى الآن طريقاً لها بسبب ضبابية الوضع في سوريا، وغياب الثقة في الإجراءات، ولكن رغم ذلك هناك أمل في إعادة إحياء هذا القطاع عن طريق الشركات الأجنبية الشريكة رغم أنها لا تزال مكبلة بالعقوبات الأميركية والأوروبية على سوريا، فهذه الشركات معنية بالأمر بشكل مباشروتملك المال وتملك التقنيات والتجهيزات الحديثة التي غابت ليس عن القطاع النفطي فحسب ، بل عن كلّ القطاعات لأكثر من عشر سنوات مضت.
تحرك باتجاه البحر ومواقع جديدة
قطاع النفط في سوريا ليس بحاجة إلى إعادة إعمار فقط، وإنما بحاجة إلى تحرك جديد باتجاه الحفر والاستكشاف بحثاً عن حقول جديدة وطبقات أخرى حاملة للنفط والغاز، ولاسيما أن الاحتياطات المؤكدة تشيرإلى وجود أكثر من 2.5 مليار برميل نفط وكميات كبيرة وواعدة من الغاز الطبيعي، ولاسيما بعد اكتشافات البحر الأبيض المتوسط وهذا بحدّ ذاته يعتبرحافزاً للشركات النفطية العالمية للسباق باتجاه سوريا في حال وفرت إدارة البلاد الجو المناسب للاستثماروالذي يستند الاستقراروالثقة وضمان حقوق المستثمرين بإخراج الأرباح والتقاضي أمام محاكم مستقلة.
أخيراً..
إن المجتمع السوري يعاني منذ سنوات طويلة من أزمة مشتقات نفطية، وكان لذلك انعكاس على جميع القطاعات ومعيشة الناس، وهو اليوم (المجتمع السوري) يعيش نتائج حرب شعواء نتيجة صراع دولي على مصادر وطرق مرورالنفط على أمل أن تكون الأيام القادمة مع الإدارة الجديدة فرصة للتنعم ولو بجزء من ثروات سوريا النفطية.