نداء إنساني عاجل لتأمين الأدوية.. الصحة: تأثير كارثي لنقص أدوية السرطان، وتعاون مع كل شريك راغب في مدِّ يد العون
الثورة – نور جوخدار
عقدت وزارة الصحة مؤتمراً صحفياً تحت عنوان “نداء إنساني عاجل: أزمة حادة في توافر أدوية السرطان في سوريا وتأثيرها على مرضى الأورام”، في مقر وزارة الإعلام بدمشق، بحضور مدير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور زهير القراط، ورئيس اللجنة الوطنية الاستشارية للدم والأورام الدكتور جميل الدبل، ومدير الرقابة الدوائية إبراهيم حساني، ورئيس دائرة التحكم بأمراض السرطان الدكتور كرم ججي، للحديث عن التحديات التي يواجهها القطاع الصحي، بما في ذلك نقص أدوية السرطان في سوريا.
أعقد التحديات
وأكد مدير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور زهير القراط، أنه في لحظة فارقة، وخاصة فيما يتعلق بواحدة من أعقد التحديات التي نواجهها، وهي نقص أدوية السرطان، وتأثيره الكارثي على حياة آلاف المرضى وعائلاتهم في مختلف أنحاء البلاد، لقد أصبح هذا النقص أزمة صحية حقيقية، بل إنسانية بامتياز، تطول شريحة من أكثر الفئات ضعفاً وهشاشة.
نداء إنساني
وأضاف د. القراط: إن هذا المؤتمر ليس اجتماعاً تقنياً، بل هو نداء إنساني عاجل، نطلقه من دمشق، من وزارة الصحة، لكل الجهات الفاعلة في المجتمع الدولي: (الأمم المتحدة، منظمة الصحة العالمية، منظمة اليونيسف، الاتحاد الأوروبي) وللدول الشقيقة والصديقة وللصناديق الإنسانية وللمنظمات غير الحكومية.
ونطلق نداءنا هذا باسم المرضى الذين ينتظرون جرعتهم القادمة، باسم الأمهات والآباء الذين لا يملكون ثمن الدواء، باسم الأطباء الذين يعملون بلا أدوات، وباسم كل من يؤمن بأن الصحة حق لا ترفاً.
وأوضح الدكتور القراط أننا لا نطلب المستحيل، بل نطلب ما هو ضروري وعاجل، مؤكداً استعداد الوزارة الكامل للتعاون مع كل شريك راغب في مد يد العون، ووضع خارطة طريق عملية، قائمة على التنسيق والشفافية، لضمان وصول العلاج إلى مستحقيه.
معاناة مضاعفة لمرضى السرطان
رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية للدم والأورام الدكتور جميل الدبل قال: نعلم جميعاً حالة الفقر التي يعاني منها شعبناً حالياً، بالإضافة لصعوبة تأمين بعض الأدوية وغلاء ثمنها، وهذه المعاناة تتضاعف مرات ومرات عند مرضى السرطان في سوريا بسبب ندرة توافر أدوية السرطان في سوريا حالياً وارتفاع ثمنها، وعدم قدرة المرضى على شرائها، حيث لا يتوفر لدينا حالياً سوى 20% من احتياجاتنا الفعلية في أحسن الأحوال لبعض أنواع السرطانات بينما نفدت الكمية تماماً لأنواع أخرى، مما ينذر بكارثة صحية هائلة تطول الأطفال والبالغين على حد سواء.
وأشار الدكتور الدبل إلى أنه في ظل هذا النقص الحاد في الأدوية، فإن آلاف المرضى في سوريا عرضة لفقدان الفرصة في العلاج المناسب والفعال، مما يزيد من نسبة الوفيات ويعمق معاناة الأسر التي تعاني بالفعل من الأعباء النفسية والمالية الناتجة عن هذا المرض.
17 ألف حالة سنوياً
كما دعا الدكتور الدبل وسائل الإعلام المحلية والدولية إلى تسليط الضوء على هذه الأزمة الصحية الحرجة، بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الحكومة والمنظمات الصحية المحلية لمحاولة تأمين الإمدادات الأساسية من الأدوية اللازمة والإسعافية لمرضى السرطان في سوريا، مشجعاً المجتمع الدولي على تقديم الدعم المطلوب، سواء من خلال التبرعات أم المساعدات الإنسانية، لضمان وصول الأدوية اللازمة لإنقاذ الأرواح.
وحول سؤال عن إحصائيات مرضى السرطان في سوريا وما هو عدد المراكز الموجودة لمعالجه السرطان، أجاب الدكتور الدبل: إن عدد حالات الأورام السرطانية في سوريا 17 ألف حالة جديدة سنوياً، تشمل 1500 حالة أطفال سنوية جديدة، عدد المراكز الموزعة على المحافظات تقريبا 16 مركزاً للبالغين والأطفال كلها بحاجه لأدوية أساسية، ولا يمكن لأي مركز أن يتخلى عن أي دواء من هذه الأدوية.
معمل واحد مرخص
وفيما يخص سؤال هل هناك إنتاج محلي لأدوية السرطان وهل هناك دعم خارجي، وما هي أسباب توقف الدعم الخارجي- إن وجد؟ قال الدكتور إبراهيم حساني: إنه بالنسبة للإنتاج المحلي لدينا معمل واحد مرخص وهو “يوني فارما” والأدوية فقط هي ثمانية أصناف بامتيازات أميركية وهندية، ولكنها لا تغطي الكمية التي يحتاجها المرضى لدينا كما أنها قليلة، وأن هناك معامل أخرى تعمل على ترخيص.
وأضاف: سابقاً بسبب سيطرة الأدوية الإيرانية على خط الكيماوي والتي كانت تشكل جزءاً كبيراً من الأدوية المنتشرة في سوريا، إلا أن هذه الاتفاقية توقفت قبل التحرير.
وعن مدى تأثير العقوبات واستمرارها على القطاع الصحي بين الدكتور حساني أن العقوبات الدولية أثرت على سلاسل التوريدات وعلى استيراد المواد الخام من خلال عملية تحويل الأموال وكذلك وجود أدوية ذات جودة ونوعية عالية لأن الدول التي تنتج هذه الأدوية النوعية لا تعطي تراخيص لسوريا بسبب العقوبات الاقتصادية، فتضطر الشركات لاستيراد أو لتأمين الأدوية من الشركات الهندية أو الإيرانية ذات الجودة المنخفضة.
مراجعة العقود
وحول إلغاء العقود مع القطاع الصحي يقول الدكتور القراط: تم إلغاؤها فقط للمراجعة والتدقيق القانوني وألغيت ريثما ينتهي قسم المراقبة الدوائية في وزارة الصحة من متابعة هذه المعامل التي تنتج هذه الأدوية والتأكد من كفاءتها وجودتها، وأن القطاع الخاص سيكون شريكاً أساسياً معنا.
وحول سؤال عن وجود دراسة لفعالية الدواء وأثره في الشفاء قال الدكتور القراط: إن من أولى أولويات الوزارة هو الطب الوقائي والصحة النفسية والتوعية المجتمعية للوقاية من أمراض السرطان وكل الأمراض المزمنة، وأن هناك برنامجاً واضحاً تعمل عليه الوزارة سيكون تطبيقه قريباً خلال هذا العام.
شركات جديدة
بخصوص شركات تصنيع الأدوية والمستوردة قال الدكتور حساني: إنه تم فتح المجال أمام الشركات الكبيرة من أجل إنشاء مقتدرات لدراسة التكافل الحيوي والدراسات السريرية بإشراف وزاره الصحة، وهذا الأمر يحتاج إلى قواعد ناظمة بما فيها القضاء، ونحن الآن في مفاوضات مع شركات كندية وألمانية.
نسب عالية للشفاء
وأضاف الدكتور كرم ججي أن حالات الشفاء من مرض السرطان في مراحله المبكرة في سوريا نسبتها عالية، وضمن اللجنة نعمل على برنامج الكشف المبكر عن السرطان لثلاثة أنواع “سرطانات الثدي، وعنق الرحم، والرئة” بالتعاون مع وزارة الصحة، وعندما يتم توفر الدواء لدينا كوادر بشرية متوفرة، نحن الآن بحاجة لرفع العقوبات حتى عن أدوية اليود المشع وومضان العظام الخاص بمرضى سرطان الغدة الدرقية.
والحالة الإسعافية التي نحاول العمل عليها هي المساعدة مع بعض الدول، مثل تحويل بعض المرضى الذين هم بحاجة لدواء اليود المشع إلى تركيا، وصورة ومضان العظام، ونحن بحاجة لتأمين الأدوية عن طريق جهات قادرة على تأمين هذا مثل الكم الهائل من الأدوية بشكل مباشر عن طريق وزارة الصحة.
تصوير- نبيل نجم