الثورة – غصون سليمان:
يكتسب الفرد ميوله واتجاهاته ويتعلمها نتيجة الخبرات والمواقف التي يمرّ بها أثناء تنشئته الاجتماعية، فهي أساليب يتعلمها لتساعده على التكيف مع بيئته والتوافق معها، والفرد يتعلم أن يخاف أو يتجنب أشياءً أو أشخاصاً لارتباطهم بأحداث غير سارة، كما يتعلم الإقبال على ما يرتبط بأحداث سارة، وهذا يفسر الجانب العاطفي والنزوع من الاتجاه ولا يبرز الجانب المعرفي.
اتجاهات أساسية
وهناك عدة مصادر تعمل على تكوين الاتجاهات وهي: العائلة التي تغرس في الطفل اتجاهات أساسية خلال سنوات تربيته الأولى حتى يصل إلى سن خمس أو ست سنوات، فالوالدان والأسرة عموماً من أقوى العوامل المكونة للاتجاهات عند الطفل، والتعصب عند بعض الأجناس يتكون تدريجياً عند الطفل بعد أن يتعرف على اتجاهات والديه، كذلك العلاقات بين الأفراد أو الجماعات الرسمية أو غير الرسمية التي يختلط بها فيما بعد في حياته.. أيضاً هناك تجارب الفرد الفريدة أو المعزولة، أو التجارب المماثلة التي تتكرر خلال سنوات حياته.
بالإضافة إلى شخصية الفرد، فإن تكوين الشخصية له أثره في تهيئة الفرد وإعداده لتكوين الاتجاهات المختلفة، فالمعروف عن طبيعة الشخصية التسلطية وفق منظور علم النفس الاجتماعي أنها أميل لاتخاذ اتجاهات معاديه نحو أفراد الأقليات، وهناك أيضاً التأثير الثقافي والاجتماعي الذي ينقل عن طريق وسيط، وهو عبارة عن العوامل والهيئات التي تقوم في المجتمع أو البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد، كالمدارس والمساجد والكنائس والنوادي الرياضية وغيرها.. ناهيك عن الصلة بين اتجاهات الفرد والأنظمة الاقتصادية والأخلاقية والسياسية التي يعيش فيها.
بعد ذلك يتعلم الفرد ويتطور أكثر بفضل ما يعرف بالتأثير الثقافي والاجتماعي المباشر سواء بنفسه أو بشكل معدل من الجماعات الاجتماعية التي ينتمي إليها، وبالتالي فإن طبيعة الاتجاهات ووظائفها يمكن تحديدها بعدة أبعاد، وهي:تطرف الاتجاه أي موقعه بين طرفين متقابلين هما التأييد التام والرفض، أو المعارضة المطلقة.
أيضاً يأتي المضمون أو المحتوى المعرفي أي المعنى الذي يحمله هذا الاتجاه عند الفرد، فالفرد يؤيد موضوعاً أو يعارضه، كاستجابة لأمر ذاتي هو مفهومه عن موضوع الاتجاه وليس المفهوم، أي الموضوع والصورة الموضوعية عنه.
والأمر الآخر هو وضوح المعالم: حيث تتفاوت الاتجاهات في وضوحها وجلائها، فمنها ما هو واضح المعالم بين التفاصيل، ومنها ما هو غامض.
أما الانعزال فتختلف الاتجاهات هنا من حيث درجه ترابطها ومقدار التكامل في بعضها البعض، فهناك اتجاهات منعزلة كموقف الفرد مثلاً من العلوم الطبيعية، والانعزال عن اتجاهه نحو التربية والتقدم الصناعي.
فيما تأتي القوة كعامل من العوامل حيث توجد اتجاهات تبقى قوية ثابتة على مرّ الزمن ويميل هذا الاتجاه عادة إلى القوة كلما ازدادت درجة وضوح معالمه.