الثورة – رفاه الدروبي:
ألقى المهندس محمد خيري البارودي محاضرة بعنوان “حوار تشاركي لحماية التراث”، عرَّف في بدايتها الإرث والمورَّوث أو التراث، وعلاقة كل منهما، فالإرث كل ما اختص من الأفراد أو الناس كأن يفارق إنسان الحياة فيكون تركته للأشخاص، أمَّا كلمة الموروث أو التراث فاشتقت من كلمة ورث، ويشير معناها لغةً واصطلاحاً إلى حصول الشخص على حصة مادية أو معنوية ممن سبقه، ويعتبر التراث نقلاً للموروث الحضاري والثقافي لأحد المجتمعات من جيلٍ إلى جيلٍ عبر الزمن من خلال عملية النقل بالتعليم والتعلم، فيطلق عليه مسمَّيات عدة، مثل: “التراث الاجتماعي، الحضاري، التراث الثقافي”، كما يتَّسم التراث بالسمات التراثية، والحضارية، والاجتماعية لواحدة من الأمم الماضية، فيعتبر موروثاً تتناقله الأجيال من جيلٍ إلى آخر سواء أكان الموروث مادياً أم معنوياً.
المهندس البارودي بيَّن خلال ندوة “تعزيز التشاركية لإدارة مخاطر التراث” في القاعة الشامية بدمشق أنَّنا كأفراد مسؤولون عن تراثنا وحمايته تجاه ما يهدِّده من مخاطر، وأهمها: الجهل به واتباع ما قاله المستشرقون رغم أنَّ كل ما قدَّموه كان تزييفاً لتراثنا، والهدف كي يؤكدوا عدم صلاحيتنا لحمل التراث، فحصل تدمير ممنهج له وخاصة التراث المعماري.
وأشار إلى أنَّ القباب لا تقوم على ثمانية أعمدة وتظهر خطأ ذكره المستشرقون في قبة السيد المسيح، وكنيسة القيامة وقبة الصخرة في القدس، هادفين من مقولتهم لطمس إرثنا أي هويتنا وحضارتنا، وأهمية المعماريين عندنا وخاصة المهندس أبولودور الدمشقي، حيث لم يسلط الضوء عليه كما يناله غيره من المهندسين المعماريين، ونجد ذلك حتى العصر الأموي ما قام به المهندسون في بناء الجامع الأموي ليبقى آبدة تاريخية تحكي مدى أهمية المعماريين وما تركوه من إرث حضاري وتميُّزه بزخارف دمشقية تظهر في خيوطها ورسوماتها، وليس لها مثيل، منوِّهاً إلى ما تعرَّض له تراثنا الحضاري من إزالة، وخصَّ بالذكر المدرسة الصادرية في ثمانينيات القرن الماضي المجاورة للجامع الأموي وتعود إلى العهد السلجوقي، وتعتبر أوَّل مدرسة إذ سبقت المدرسة البغدادية. كما انتقل إلى المهندسين المعماريين جان سوفاجيه، وميشيل إيكوشار من خطط المدن العربية لتخدم الاستعمار، وكتب عن هندسة مدينة دمشق أنَّها تعود إلى الأسلوب الشطرنجي، لكن بالعودة إلى المخطط الروماني الموجود لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف يثبت عدم اتباع الأسلوب ذاته، واعتبره البارودي خطأ لأنَّ تخطيط مدينة دمشق أسلوبه تماثلي عشوائي يعود للعهد الكنعاني مَنْ عبدوا إلهاً واحداً وبنوا دمشق، ويظهر من خلال البيوت الدمشقية ذات الدهليز والفناء تتوسطه البحرة وتحيط به القاعات والإيوان، ومازالت الشوارع والحارات والأزقة الدمشقية نفسها منذ العهدين الروماني والكنعاني، وكثيراً ما كانت الأبنية تهدم ليشيد مكانها عقار جديد.