شوارع وأسواق دمشق تتنفس بعد إزالة الإشغالات..المحافظة: لن نسمح بعودة التعدّي على الأملاك العامة والإساءة للمظهر الحضاري
الثورة – ثورة زينية:
بدأت شوارع وأرصفة معظم أحياء ومناطق دمشق تتنفس قليلاً بعد حملة إزالة الإشغالات والبسطات العشوائية التي اكتظت بها تلك الشوارع، وزادت حدة التعديات على الأملاك العامة وحتى الخاصة من خلال وضع الإشغالات العشوائية عليها، عدا الازدحام التي سببته في الأسواق الرئيسة، مثل سوق الحميدية والصالحية والميدان، في ظل غياب الرقابة وتراجع الإجراءات التنظيمية، بالتزامن مع تدفّق كميات كبيرة من البضائع والملابس “البالة” القادمة من إدلب وشمال سوريا.
ومن جهة ثانية كان عدد من أصحاب المحال التجارية في سوق الصالحية قد أعلنوا إضرابهم عن العمل وأغلقوا محالهم، احتجاجاً على استمرار انتشار البسطات أمام متاجرهم، وما تسببه من إزعاج وخسائر نتيجة التعدّي على واجهات المحال، وعدم تجاوب المحافظة مع شكاواهم.كما أن عدداً من التجار كانوا قد طالبوا بتأمين بدائل مناسبة ، بعيداً عن الطرقات الحيوية والأسواق النظامية، لضمان الحفاظ على حقوق الطرفين.
“القط والفار”
لكن لعبة القط والفأر التي سادت في مراحل عدة أيام النظام البائد بين شرطة المحافظة والباعة عادت للظهور خلال الأيام القليلة الماضية التي تلت حملة إزالة الإشغالات، التي نفذتها محافظة دمشق الأحد المنصرم في الرابع عشر من الشهر الجاري، بعد إنذار من المحافظة لأصحاب البسطات والإشغالات بإخلائها قبل ذاك التاريخ، لكن بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي للعاملين في المحافظة يعود العشرات من أصحاب البسطات للانتشار في أماكنهم المعتادة.عدم التقيد بالأماكن المخصصة
ولدى سؤال صحيفة الثورة لعدد منهم عن سبب عدم تقيدهم بالأماكن التي خصصتها المحافظة لهم، بينوا أن هذه الأماكن متفرقة وبعيدة ولا توجد فيها حركة للمارة بشكل كثيف، كما هو الحال في الأماكن التي اعتادوا التموضع فيها، وحسب قولهم إن تلك المواقع خالية تماماً من المرافق الضرورية للمكوث ساعات طويلة، فيما تذرع البعض بأن طلباتهم للحصول على مكان في تلك الأماكن لم يوافق عليها، وبالتالي هم مضطرون لارتياد الأماكن القديمة وإلا فإن أسرهم ستجوع في ظل توقف الكثير من الشركات والمعامل وارتفاع نسب البطالة.وحسب تعبير لأحد المواطنين من أصحاب البسطات، “إن اليوم الذي لا تعمل فيه لن تستطيع فيه إطعام أولادك”، فيما دحض عدد آخر من أصحاب تلك الإشغالات المزاعم بشأن المواقع الجديدة التي خصصت لهم وأشادوا بها، وأنها منظمة جداً وتناسب الجميع، وتخفف من الازدحام المروري والتجمعات العشوائية، كما أنها تتموضع في مناطق حيوية تعج بحركة المواطنين.حملة شاملة وكانت محافظة دمشق، أطلقت الأحد الماضي حملة شاملة لإزالة جميع الإشغالات العشوائية المنتشرة على الأرصفة والطرقات والممتلكات العامة، وذلك بعد انتهاء المهلة التي منحتها لأصحاب هذه الإشغالات والبسطات المخالفة المنتشرين في عدد من أحياء العاصمة حتى مساء السبت الفائت في الثالث عشر من الشهر الجاري، لإزالة إشغالاتهم والتعدّيات على الأرصفة والطرقات والأملاك العامة، تحت طائلة الإزالة والمصادرة، وشملت خطة الإزالة عدداً من المناطق الحيوية في دمشق، من بينها: البرامكة خلف الساحة، جسر الحرية، شارع الثورة، كراج العباسيين، القاعة، التضامن، مخيم اليرموك، برزة، والمرجة.وجاءت هذه المهلة بعد إعلان المحافظة الانتهاء من تجهيز أسواق بديلة وتأمين أماكن نظامية للباعة الجوالين، وجرى تخصيص أسماء المستفيدين المقبولين ضمن هذه المواقع الجديدة.تسيء للمظهر الحضاريوأكدت المحافظة في بيان لها، على التزامها الكامل بعدم السماح بعودة أي مظهر من مظاهر الفوضى أو التعدّي على الأملاك العامة، مؤكدة أن هذه الإشغالات كانت تسيء للمظهر الحضاري وتعيق تنقل المواطنين.التوازن بين حقوق الباعة ومصلحة المستهلكوحددت محافظة دمشق 11 موقعاً مؤقتاً كساحات بيع بديلة عن الإشغالات المخالفة، بهدف تنظيم عمل أصحابها وتحويلها إلى مواقع منتظمة، تلبي احتياجاتهم وتخدم المواطنين بشكل أفضل، واعتبرت المحافظة أن هذا الإجراء يأتي ضمن خطتها لتنظيم الأسواق الشعبية والحد من العشوائية، بما يحقق التوازن بين حقوق الباعة ومصلحة المستهلك.وتوزعت المواقع المخصصة تتوزع على النحو الآتي: السويقة جانب المؤسسة العامة للتبغ، وحديقة ابن عساكر، والزاهرة شارع برج سيرتيل جانب ثانوية عصام كعور، وكراج صيدنايا مقابل دائرة خدمات سوق الهال، وحديقة دوار المطار قرب مخفر الشاغور، وفي الزاهرة جانب جامع الرضا، وموقع في ساحة الوسيم جانب جامع الوسيم في شارع اليرموك، وموقع في ركن الدين جانب مستشفى ابن النفيس، وفي مساكن برزة ساحة قره جولي، وفي دمشق القديمة مقابل دوار المطار، وفي منطقة كفرسوسة موقع في الساحة قرب نادي المحافظة.
وقد تم تخصيص نسبة جيدة من هذه المواقع لذوي الشهداء والمصابين بالحرب والأشخاص من ذوي الإعاقة، ضمن توجه يعكس البعد الاجتماعي في القرار.
وتبيع البسطات عادة كل أصناف المعلبات والغذائيات المستوردة والمحلية، والمكسرات والموالح، والأحذية، والسجائر ومعسل النرجيلة، ومعدات المطابخ، والنظارات، والملابس الجديدة والبالة، إلى جانب المأكولات والحلويات.
يذكر أن البسطات في زمن النظام البائد كانت شبه ممنوعة في دمشق إلا لبعض المقربين من أجهزة الأمن في النظام المخلوع، والتي يضطر أصحابها لدفع إتاوات يومية للضباط في الجيش أو الأمن أو الشرطة لاستمرار عملهم في ظل عمليات الفساد التي كانت تأكل الدولة والشعب على السواء.
تصوير- فرحان الفاضل