Tesaaworld  بين الحاجة وعدم الاستغناء.. سوريا تعمل مع جميع القوى العظمى دون الخضوع لأحد 

الثورة – ترجمة هبه علي: 

تتحول سوريا اليوم إلى ساحة تنافس بين ثلاث قوى عظمى، الولايات المتحدة وروسيا والصين، حيث تسعى كل واحدة منها جاهدةً لإعادة رسم خريطة النفوذ في سوريا الجديدة.

ترى واشنطن في سقوط نظام الأسد فرصة ذهبية لتحقيق ما عجزت عنه لعقود، وهو انتزاع سوريا من المحور الروسي الإيراني، فلم تكن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية ولقاؤه بالرئيس السوري أحمد الشرع، إلى جانب رفع العقوبات الغربية عن دمشق، مجرد خطوات دبلوماسية عابرة، بل جزء من استراتيجية أوسع لربط سوريا بالغرب وتحويلها إلى حليف استراتيجي.

إلا أن الحكومة السورية الجديدة، ورغم انفتاحها على الغرب، تدرك أن التبعية المطلقة لأمريكا تعني خسارة أي ورقة تفاوض مع موسكو أو بكين، إضافةً إلى ذلك، لن يتقبل الشارع السوري، الذي عانى لعقود من الحكم الشمولي، بسهولة تحول بلاده إلى قاعدة عسكرية أو سياسية لأي قوة أجنبية.

أما روسيا، فلا تزال تمسك بأوراق مهمة، أبرزها قاعدتها العسكرية في طرطوس، التي تعتبر بوابة نفوذها في البحر المتوسط، وتؤكد زيارة وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني إلى موسكو أن دمشق لا ترغب في قطع علاقاتها مع الكرملين تماماً.

إلا أن التحدي الأكبر الذي تواجهه روسيا هو إقناع القيادة السورية الجديدة بقدرتها على تقديم ما هو أكثر مما يقدمه الغرب، ففي ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب حرب أوكرانيا وتدهور اقتصادها، يصعب على روسيا منافسة الاستثمارات الأمريكية أو الخليجية في إعادة الإعمار.

وبينما تشتد المنافسة الأمريكية الروسية، تدخل الصين من الباب الخلفي، حاملةً حقيبة مليئة بالاستثمارات، وتمنح “مبادرة الحزام والطريق” بكين ورقة رابحة في سوريا، لا سيما وأن دمشق في أمسّ الحاجة إلى مئات المليارات لإعادة الإعمار، ولطالما حرصت الصين على تقديم نفسها كشريك اقتصادي غير سياسي، مما يجعلها خياراً مقبولاً نسبياً للحكومة السورية.

ومع ذلك، تواجه الصين تحدياً آخر، كيف تستثمر في سوريا دون استفزاز واشنطن؟ قد تمنع المنافسة العالمية الشديدة بين الولايات المتحدة والصين سوريا من أن تصبح مركزاً رئيسياً لمشاريع بكين.

علاوة على ذلك، قد يفتح تراجع النفوذ الإيراني في سوريا الباب أمام الصين لملء الفراغ، لكن هذا لن يكون سهلاً في ظل اليقظة الأمريكية، فالحكومة السورية الجديدة، من جهة، بحاجة إلى الدعم الغربي لإنقاذ اقتصادها المنهار، ومن جهة أخرى، لا يمكنها الاستغناء عن الروس والصينيين، الذين قد يكونون أبطأ في العطاء، لكنهم أقل تطلباً من الغرب فيما يتعلق بالسيادة.

السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن تسعى دمشق إلى العمل مع جميع الأطراف من خلال تبني سياسة “عدم الانحياز العملي”، أي الانفتاح على الجميع دون الخضوع لأحد، لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، فالقوى العظمى لا تقدم شيئاً بالمجان.

في النهاية، تقف سوريا عند مفترق طرق، إما أن تنجح في استغلال هذا التنافس الدولي لإعادة بناء دولة مستقرة، أو أن تتحول إلى ساحة أخرى لحروب بالوكالة، يدفع السوريون ثمنها مجدداً، لن يحسم الاختيار بين هذين المسارين في موسكو أو واشنطن أو بكين، بل في دمشق نفسها.

آخر الأخبار
تصريحات ضبابية تثير مخاوف اللاجئين السوريين في ألمانيا   "اللاعنف".. رؤية تربوية لبناء جيل متسامح انفتاح العراق على سوريا.. بين القرار الإيراني والتيار المناهض  تحدياً للدولة والإقليم.. "حزب الله" يعيد بناء قدراته العسكرية في جنوب لبنان سوريا بلا قيود.. حان الوقت لدخول المنظمات الدولية بقوة إلى سوريا قوات إسرائيلية تتوغّل في ريف القنيطرة الاقتصاد السوري يطرق أبواب المنظومة الدولية عبر "صندوق النقد" القطاع المصرفي عند مفترق طرق حاسم إسرائيل في حالة تأهب قصوى للقاء بن سلمان وترامب الآباء النرجسيون.. التأثير الخفي على الأطفال والأمهات بناء الثقة بالحكومة من بوابة التميز في خدمة المواطن مشروع الهوية التنموية.. تحديات وفرص رفع معدلات القبول يشعل جدلاً واسعاً بين طلاب المفاضلة الجامعية "تجارة وصناعة" دير الزور تسعى لإطلاق مشروع تأهيل السوق المقبي البحث العلمي في جامعة اللاذقية.. تطور نوعي وشراكات وطنية ودولية حين يختار الطبيب المطرقة بدل المعقم محادثات أميركية ألمانية حول مشروع توريد توربينات غاز لسوريا قطر والسعودية وتركيا.. تحالف إقليمي جديد ضمن البوصلة السورية  الرؤية الاستراتيجية بعد لقاء الشرع وترامب.. "الأمن أولاً ثم الرخاء" ترامب يعد السوريين بعد زيارة الشرع.. كيف سينتهي "قيصر"؟