النحيب القَطَري الفرنسي على أطلال المربع الأول

ثورة أون لاين: -بقلم رئيس التحرير-علي قاسم:
يصعب على العقل البشري أحياناً استيعاب ما يتفوه به القَطَري ولو جاء على لسان من دفعت القلة والعوز السياسي وأحكام الأطماع ونزوات الاستعمار أن يكون وزيراً لدويلة تخطئ الخارطة في لحظها، ويصعب عليه أن يصدق ما يطرحه الخطاب الفرنسي،

ولو كان من ينطق به شخص حكمت مقتضيات الزمن الرديء ليكون بمرتبة رئيس لدولة تُصنف في عرف السياسة ولو على مضض بأنها كانت كبرى وتتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن!!‏

رغم الفارق في التوقيت والمكان، والاختلاف في التوصيف والدور، والتناقض في الموقع والحجم، يبدو من الصعب الفصل بين ما تفوه به الرئيس الفرنسي هولاند وما نطق به وزير خارجية دويلة قطر، حيث التناغم في نهاية المطاف يكشف خبايا كواليس السياسة وأسرار الأقبية الاستخباراتية وملفات أدراجها، وهي ترسم وظائف الأدوار الإقليمية ومسار النزعات الاستعمارية الغربية، كما يحدد الأجندات المستجدة في المرحلة المقبلة.‏

السعار المشترك في لغة التحريض والكذب والنفاق يُؤشر إلى الحاجة الغربية لإعادة خلط الأوراق بالتوافق مع الرغبة الأميركية والإسرائيلية، في وقت بَدَت فيه مجمل الخيارات التجريبية في المشروع الغربي قد وصلت إلى الحائط المسدود، حيث العودة إلى تداول ما احترق من أوراق يعكس حالة الإفلاس ويترجم موجة العجز القائمة.‏

فالوزير القَطَري المستاء لأن التحالف لا يباشر العدوان على سورية كلها، والمستغرِب لماذا لا يلقى تحريضه آذاناً صاغية، لم يكن ينطق بلسانه، بل يعرض نتاج حالة استدعتها الضرورة الوظيفية والمهمة المستعجلة، التي اقتضت إعادة الطرح بلغة بائسة ومفلسة، فيما كان الرئيس الفرنسي يحاكي أوهامه ومعطياته التي يستخدم فيها الكذب لغة وحيدة يجيدها، ويذهب بها بعيداً بغض النظر عن المقارنة الخاطئة التي حاول تسويقها.‏

في كل الحالات، ما يمكن قراءته من تقاطع في الطرحين يقود إلى النتيجة ذاتها، بما تحمله من عودة إلى النبش في رماد المربع الأول بعد أن تجاوزته الأحداث والتطورات، وبات خارج التداول منذ زمن بعيد، حيث وزير دويلة الغاز والنفط يستجدي العدوان كحل أخير يمكن له أن يطيل وجوده الوظيفي المهدد على خلفية التطورات الأخيرة في مشيخات الخليج، في حين يجسد الرئيس الفرنسي الصورة المأساوية للقادة في الغرب ولرجال السياسة في فرنسا بعد أن اكتسحت الساحة السياسية الفرنسية قامات هزيلة يشعر أغلبية الفرنسيين من حرج وجود ساسة لديهم من نوع هولاند ووزير خارجيته.‏

اللافت في التوقيت أنه يأتي في ظروف وتطورات بالغة الأهمية، وفي أجواء من جردة الحساب التي تعيد فيها واشنطن تقييم أدواتها وتابعيها الإقليميين والأوروبيين، حيث الحصيلة الهزيلة لما آلت إليه النتائج دفعت بالإدارة الأميركية إلى إعادة تحريك أبواقها للترويج لما يعتقدون ويتوهمون أنه بمقدورهم إعادة النفخ فيه، أو إعادة الحياة إلى عروقه بعد أن تيبس نتيجة الخيبة.‏

لا نريد الدخول في دحض ما هو بالأساس لا يصلح حتى للنقاش، ولا يجوز تحت أي مسمى الجدل حوله وفيه ما ينسفه من أساسه، إذ إن العدوان الأميركي لا يحتاج إلى من يحرض عليه لو أن النتائج مضمونة، وأن الإدارة الأميركية لا تنتظر أن يشير عليها القَطَري أو أن يقدم نصائحه لها، لو كان بمقدورها تحمّل عقبات مثل هذا العدوان، خصوصاً أن عينات العدوان المتنقل التي مارستها أميركا بتوكيل مباشر لإسرائيل لم تكن مشجعة، ولا يبدو أن الأمر سيكون أفضل لو انخرطت بنفسها.‏

لذلك كان على القطري هذا أن يجنب نفسه حرج النفخ في قربة مثقوبة، وحاله في ذلك حال الرئيس الفرنسي الذي ما كان يحتاج إلى ضخ كل هذه الأكاذيب ويفضح نفسه بهذا الشكل في مقاربات من النفاق الوضيع، حيث لو كان الكذب يجدي والنفاق يثمر لما وصلت الأمور إلى حيث وصلت ولما حشرت أميركا والغرب وأدواتها الإقليمية في جحيم ما تشهده المنطقة والعالم.‏

والأكثر من ذلك أن ما جرى وما يجري يقدم حقيقة لماذا تفكر أميركا وغيرها بإعادة النظر بأدوار أدواتها وتابعيها، ولماذا تشعر الدول الوظيفية بالخطر الداهم بعد أن فشلت في تلك الأدوار وتدرك بحكم التاريخ والجغرافيا والحساب والرياضيات أن وجودها الوظيفي قد وصل إلى خط النهاية، وأن الإحداثيات والخرائط لم تعد تقوى على ذكرها في نسخها القادمة.‏

وبالقدر نفسه أيضاً تقدم تفسيراً لماذا هولاند في أدنى شعبية لرئيس فرنسي بتاريخ الجمهورية, والأكثر من ذلك لماذا لم تصغِ واشنطن على هلوساته، وقد توضح لماذا هو نادم لأن العدوان على سورية لم يحصل في الماضي، ولماذا يتحسّر على ذلك الآن..!!‏

 

a.ka667@yahoo.com

 

آخر الأخبار
إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The Media line: لقاء الرئيسين الشرع وعباس لحظة نادرة من التفاعل السوري الفلسطيني  The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس حمص.. حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال تستهدف ١٤٣١٤ طفلاً الخليفي: قطر ستناقش مع واشنطن تخفيف وإزالة العقوبات عن سوريا 4 آلاف معلم ومعلمة في إدلب يطالبون بعودتهم للعمل تأهيل محطة مياه الصالحية.. وصيانة مجموعات الضخ في البوكمال بدء التقدم للمفاضلة الموحدة لخريجي الكليات الطبية والهندسية "العمران العربي بين التدمير وإعادة الإعمار" في جامعة حمص توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم