الثورة:
ضياع أوراق خامنئي الإقليمية.. من سوريا إلى لبنان: نظام الملالي يغرق في أزماته
مهدي عقبائي – کاتب إیراني وعضو في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانیة
في 10 مايو 2025، ألقى خامنئي، الولي الفقيه للنظام الإيراني، خطاباً أمام العمال بمناسبة أسبوع العمل، تحدّث فيه عن قضايا المنطقة، خصوصاً سوريا وفلسطين.
في كلمته، وصف الأحداث الجارية في سوريا بأنها “علامة ضعف لا قوة”، مؤكداً أن “جَوَلان التيارالباطل لن يدوم” وأن “النصر الحتمي قادم بعزّة الله”، داعياً إلى عدم الانشغال عن قضية فلسطين رغم الشعارات والأحداث العارضة و زعم “أن الأعمال التي يقومون بها في سوريا ليست دليلاًعلى قوتهم، بل هي دليل على ضعفهم وستؤدي إلى مزيد من الضعف أيضا”.
هذه التصريحات جاءت في وقت يعيش فيه النظام الإيراني أسوأ مراحله داخلياً وخارجياً، حيث يشهد مشروعه التوسعي تراجعاً حاداً منذ السابع من أكتوبر 2023، عندما تورط في معركةٍ إقليميةٍ واسعة، أظهرت أن النظام قد ابتلع لقمةً أكبرمن حجمه.
سوريا: القلعة التي سقطت
لطالما اعتبر خامنئي سوريا “الجسر الذهبي” لتوسيع نفوذ نظامه في الشرق الأوسط.
فقد ضخ النظام الإيراني مليارات الدولارات لدعم نظام بشارالأسد، وأنشأ عشرات الميليشيات الطائفية لاستخدامها كأذرع لوجستية وعسكرية لفرض الهيمنة.
كانت سوريا شرياناً حيوياً لدعم حزب الله اللبناني والميليشيات الطائفية في العراق، حيث كانت تمرّعبرها الأسلحة والأموال والكوادر البشرية.
غير أن تغيّر المعادلة الميدانية ودخول قوات الثورة الوطنية السورية، فرض قيوداً صارمة على الدور الإيراني، وأدى إلى طرده من البلد الذي كان يحتله منذ سنوات، حيث تلقّى ضربة دراماتيكية من حيث لم يكن يحتسب.
تصريحات خامنئي عن “ضعف” ما يحدث في سوريا، تعكس قلقه العميق من فقدان أهم قاعدة نفوذ إقليمي كان يراهن عليها للبقاء.
حزب الله: الحليف المتآكل
لم يقتصر تراجع نظام الملالي على سوريا فحسب، بل امتد ليطول حزب الله، أداته الأهم في لبنان.
فقد خسر خامنئي أكبر أذرعه الإقليمية، حيث كان حسن نصرالله يعترف بوقاحة بأن جميع إمكاناته ومصادرتمويل حزب الله تأتي من إيران.
بل ذهب أبعد من ذلك حين أكد صراحةً أنه لا يسعى إلى إقامة جمهورية إسلامية مستقلة في لبنان، بل جمهورية تابعة لنظام الملالي القابع في إيران، تحت قيادة الخميني وخامنئي.خسر خامنئي لبنان وحزب الله نتيجة خطأه الاستراتيجي الكبير في 7 أكتوبر، حيث تلقّى حزب الله ضربة قاصمة من دون أن يتمكن من لعب أي دور فعّال لإنقاذ النظام الإيراني من الهاوية التي سقط فيها. كما ساهمت القوى الوطنية والشعبية اللبنانية بدور محوري في تحرير لبنان تدريجياً من قبضة النظام الإيراني عبر أداة حزب الله، مما وجّه ضربة مزدوجة لمشروع خامنئي الإقليمي.
محاولات يائسة لإعادة عقارب الساعة
محاولة خامنئي تصوير معارضي نظام الأسد ومقاومي الهيمنة الإيرانية كـ”جماعات باطلة”، هي محاولة عبثية لتبريرالهزائم المتلاحقة التي مُني بها مشروعه الإقليمي. لم تعد الألاعيب الدعائية قادرة على تغيير حقيقة أن النظام الإيراني يفقد أوراقه الواحدة تلو الأخرى، من سوريا إلى لبنان، ومن العراق إلى اليمن.
اليوم، يحاول خامنئي عبر التصريحات النارية تحفيز حلفائه المهزومين، وإرسال رسائل طمأنة إلى قواعده الداخلية المتآكلة، لكن الحقائق على الأرض تفضح إفلاسه.
الداخل الإيراني على صفيح ساخن
كان خامنئي قد صرح مراراً بأن النظام يقاتل في سوريا والعراق ولبنان واليمن لكي لا يضطر للقتال في شوارع طهران وأصفهان وشيراز.
إلا أن الأحداث تسير عكس ما يشتهي، فقد عادت نيران الغضب الشعبي إلى الداخل، مع توسع احتجاجات الشعبیة ونشاطات وحدات الانتفاضة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران، وتصاعد الدعوات للانتفاضات الشعبية الشاملة.
أصبح الشارع الإيراني أكثروعياً وجرأة، والنظام الملالي أكثر ضعفاً وتفككاً. تتسع رقعة الاحتجاجات الشعبية، وتتصاعد عمليات المقاومة الداخلية بوتيرة غير مسبوقة، ما يُنذر بانفجار اجتماعي كبير في المستقبل القريب.
الحصار الدولي يشتدعلى الصعيد الدولي
فإن المعارضة الإيرانية في الخارج، بقيادة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، زادت من وتيرة نشاطاتها.
آخر صفعة تلقاها النظام كانت كشف عن أنشطة النظام النووية الخفيّة وخططه الإرهابية، مما أحدث حالة من الهلع والتخبط داخل دوائر النظام.
في مؤتمر صحفي تمّ بثّه عبرالإنترنت يوم 8 مايو 2025 وتناولته وسائل الإعلام العالمیة كشفت سونا صمصامي، ممثّلة المجلس في الولايات المتحدة، وعلي رضا جعفر زاده، نائب المکتب التمثیلی للمجلس الوطنی للمقاومة; في واشنطن عن معلومات جديدة خطيرة تتعلق باستمرارالنظام الإيراني في برنامجه السري لتصنيع الأسلحة النووية، بما في ذلك تطويرقنابل هيدروجينية تحت غطاء مشاريع مدنية.
وأكّد المتحدثان أنّ المعلومات المستندة إلى شبكة داخلية نشطة لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران، تكشف مشروعاً سرياً جديداً تنفّذه منظمة الأبحاث الدفاعية المتقدمة (SPND)، وهي الجهة التابعة لوزارة الدفاع والخاضعة مباشرة لسيطرة حرس النظام الإيراني.
أعلنت سونا صمصامي أن النظام الإيراني يعمل على تطوير رؤوس نووية لصواريخ بعيدة المدى عبر مشروع سري يُعرف بـ«موقع قوس قزح» في إيوانكي، تحت غطاء شركات نفطية وهمية.
وأكدت أن هذا المشروع جزء من استراتيجية بقاء النظام وليس له أي طابع سلمي، مع إنفاق يفوق 2 تريليون دولار على حساب تدمير البنى التحتية.
ودعت المقاومة الإيرانية من خلال المؤتمر إلى تحرّك دولي عاجل لتفعيل آلية “العودة التلقائية للعقوبات” في مجلس الأمن، وتشديد الرقابة على المواقع النووية بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدة أن الحلّ الوحيد لإنهاء هذا التهديد النووي يكمن في دعم المقاومة المنظمة للشعب الإيراني.
الفضائح الدولية المتلاحقة تزيد من عزلة النظام، وتقلل من قدرته على المناورة، خاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية المفروضة عليه.
العد التنازلي لسقوط ولاية الفقيه
اليوم، يقف خامنئي ونظامه أمام حتمية سقوط مشروع ولاية الفقيه في الداخل والخارج.
لم يعد بمقدور النظام استخدام أدواته التقليدية لضمان بقائه، ولم تعد شعاراته قادرة على إقناع حتى أنصاره.
الهزائم الخارجية، والانهيار الداخلي، واتساع رقعة المقاومة، كلها عوامل تدفع باتجاه النهاية الحتمية لنظام الملالي.
إن جَوَلان باطل خامنئي، كما وصفه بنفسه، لن يدوم، والعد العكسي لنهاية حكمه قد بدأ بالفعل.