المدارس الخاصة ورياض الأطفال… سباق في الرسوم وعبء ثقيل يئن منه الأهالي … هل ستتمكن الوزارة من فرض الأقساط المحددة؟
الثورة – تحقيق مجد عبود ونيفين أحمد:
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر فيها سوريا، يجد العديد من الأهالي أنفسهم أمام تحديات مالية كبيرة عند محاولة تسجيل أطفالهم في المدارس الخاصة ورياض الأطفال.
وعلى الرغم من القرارات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم التي تحدد سقوفاً لرسوم التسجيل السنوية، إلا أن هناك العديد من المدارس ورياض الأطفال الخاصة لا تلتزم بهذه القرارات، ما يزيد من الأعباء المالية على الأسر.
أقساط التربية
قامت وزارة التربية والتعليم بتحديد أسعار سنوية للرسوم في المدارس الخاصة ورياض الأطفال للعام الدراسي 2024-2025، وتراوحت هذه الرسوم بين 700,000 ليرة سورية و2,450,000 ليرة سورية بحسب المرحلة الدراسية.. ومع ذلك، فإن هذا المدى يظل بعيداً عن الواقع الذي يعيشه العديد من الأهالي في ظل الزيادة الكبيرة في الرسوم التي تفرضها بعض المدارس الخاصة.
وعلى الرغم من التوجيهات التي وضعتها وزارة التربية، إلا أن الواقع في العديد من المدارس الخاصة ورياض الأطفال يختلف تماماً، ففي بعض المدارس، يتم فرض رسوم تتجاوز كثيراً الحدود التي حددتها الوزارة.
أقساط الواقع
وعلى سبيل المثال، فإن مدرسة مشعل الحرية بدمشق التي تستقبل الطلاب من الصف الأول حتى الصف السادس، فرضت رسوماً سنوية تصل إلى 8 ملايين ليرة سورية في العام الدراسي الماضي، وهو مبلغ مرتفع بالنسبة للعديد من الأسر التي تجد صعوبة في تحمل هذه التكلفة، خصوصاً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية.
وفي مدرسة عش البلابل بدمشق التي تقدم التعليم من الروضة حتى الصف السادس، فقد وصلت الرسوم في العام الماضي إلى 12 مليون ليرة سورية، ما يعكس الفارق الكبير بين الرسوم المحددة من قبل الوزارة والواقع الذي يعيشه الأهالي، وعادة تتضمن هذه الرسوم تكاليف الأنشطة الإضافية والمرافق الخاصة التي تتفاوت من مدرسة إلى أخرى.
أما في روضة بوران صلاح الدين في منطقة بركن الدين، فقد كانت رسوم السنة الماضية 5 ملايين ليرة سورية، ومع ذلك طلبت المدرسة من الأهالي دفع مبلغ 3,5 ملايين ليرة سورية لتثبيت التسجيل لهذا العام.
هذا المبلغ كان يشكل عبئاً إضافياً على الأسر التي لم تتمكن من دفعه في الوقت المحدد، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
الأهالي
بدا العديد من الأهالي في التعبير عن قلقهم بشأن الرسوم المرتفعة التي تفرضها المدارس الخاصة ورياض الأطفال.. ومع تزايد تكاليف التعليم، يواجه الأهالي تحديات مالية كبيرة في محاولة تأمين رسوم التعليم لأبنائهم.
وفيما يلي بعض الآراء التي تم جمعها من الأهالي الذين تواصلنا معهم:
المواطن حاتم إبراهيم من منطقة دمر قال: “إن زيادة الرسوم بشكل متكرر يشكل عبئاً لا يمكن تحمله، حيث نعيش في وضع اقتصادي صعب، ولا يمكننا تحمل دفع 8 ملايين ليرة سورية لكل طفل، نحتاج إلى تدخل الوزارة لتحديد سقف واضح للرسوم والحد من هذه الزيادة غير المبررة”.
مواطنة من منطقة الميدان بدمشق، طلبت عدم ذكر اسمها قالت: “رسوم المدارس الخاصة أصبحت عبئاً كبيراً، ليس فقط بسبب سقفها العالي، ولكن أيضاً بسبب الرسوم الإضافية التي تفرضها المدارس تحت مسميات مختلفة.
وفي كثير من الأحيان، نكتشف أن هناك رسوماً إضافية لم يتم الإعلان عنها في بداية العام الدراسي.
” المواطن طارق إبراهيم، وهو والد طالب روضة خاصة في حي المزة قال: “مع تزايد الأسعار في كل المجالات، لا نستطيع تغطية تكاليف التعليم في المدارس الخاصة، نتمنى أن تلتزم هذه المدارس بالحدود التي وضعتها وزارة التربية لضمان عدم استغلال الأهالي”.
توجيهات وزارة التربية والتعليم
وزارة التربية والتعليم أصدرت مجموعة من القرارات المهمة التي تلزم المدارس الخاصة ورياض الأطفال بالإعلان عن رسومها السنوية بشكل واضح وشفاف قبل بداية العام الدراسي.
كما أكدت على ضرورة تحديد لجنة خاصة في كل مدرسة لعرض قيمة القسط السنوي مع كافة التفاصيل المتعلقة بالنقل والأنشطة الإضافية.
وأوضحت أنه يجب على المدارس الخاصة التي تسجل الطلاب قبل صدور القرارات، أن تلتزم بإعادة المبالغ المالية الزائدة التي دفعتها الأسر، مع توفير إيصالات رسمية تُوضح هذه المعاملات المالية.
وشددت الوزارة على أنها، في حالة عدم الالتزام، ستتخذ إجراءات قانونية ضد المدارس المخالفة.
إجراءات مرتقبة للوزارة على الرغم من القرارات الصادرة عن وزارة التربية، لا يزال العديد من الأهالي ينتظرون أن تجد الوزارة آليات صارمة للمراقبة وتطبيق هذه القرارات، وتعتبر العديد من الأسر أن الرقابة على المدارس الخاصة ورياض الأطفال تحتاج إلى تشديد أكبر لضمان عدم تجاوز الرسوم المحددة، ويأمل المواطنون أن تبدأ الوزارة بتنفيذ حملات تفتيش على المدارس الخاصة للتأكد من التزامها بالأسعار المحددة، مع فرض عقوبات على المدارس المخالفة، وهذا يثير الأمل بين الأهالي في أن تتوافر بيئة تعليمية أكثر عدلاً وشفافية.
رأي الوزارة
صحيفة الثورة توجهت بالسؤال لمدير التعليم بوزارة التربية الأستاذ محمد سائد قدور عن الآلية المفترضة لإلزام رياض الأطفال والمدارس الخاصة بأسعارها، فقال: “ظهرت المنشآت التعليمية الخاصة لتؤدي خدمة مضاعفة مدفوعة الثمن، ووجود المدارس الخاصة ضرورة لتطوير التعليم، فالدول لا يمكنها تطبيق أحدث البرامج والمناهج التعليمية من دون توفير الأرضية المناسبة لذلك (المدرسة والطالب والمدرس).
ونظراً لعدم توافر هذه الأرضية في المدارس العامة بشكل دائم برز دور التعليم الخاص، فأنت لا يمكنك أن تشغل القطار السريع على السكك القديمة، ولا يمكنك تغييرها دفعة واحدة دون شركاء، ولا شكّ أن تعدد التجارب التعليمية من شأنه أن يطوّر التعليم.. ومن هنا كان لا بدّ من تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار والتطور وتقديم الخدمة الأفضل.
وبيّن أن تحديد ثمن الخدمات من شأنه أن يقلّصها أحياناً.. ونحن بصدد الانفتاح على برامج تعليمية غير معتادة، من شأنها تغيير واقع التعليم، وهو ما يقتضي جودة أعلى وإنفاقاً مادياً أكبر.
لذلك عملت الوزارة- حسب قدور- على الحلول والبدائل مع المحافظة على تطوير التعليم وتشجيعه.. فكان التوجه الأول إعادة التوازن إلى العملية التعليمية من خلال إعادة النظر بمدارس المتفوقين وزيادة عددها وعدد ساعاتها وتوزعها الجغرافي وزيادة رواتب المدرسين فيها، وبذلك نكون قد قدمنا البديل بدايةً للمتفوق، الذي لا يستطيع الحصول على الرعاية المطلوبة بشكل كافٍ.
في الختام
تبقى قضية الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة ورياض الأطفال من المواضيع الشائكة التي تواجه العديد من الأهالي في سوريا، وبينما يأملون من الوزارة السيطرة على هذه المشكلة من خلال وضع القوانين والإجراءات التنظيمية، يظلّ تساؤل الأهالي قائماً: هل ستتمكن الوزارة من فرض أقساطها أم سيستمر التلاعب بالرسوم على حساب الأهالي؟.