الصحافة الورقيّة.. تُبصر النور قريباً وتستعيد حريّتها مؤسسة الوحدة.. أنموذجاً

الثورة – رنا بدري سلوم:

«أخشى من ثلاث جرائد، أكثر من خشيتي من مئة ألف حربة» مقولة نابليون لم تعد في زمانها ومكانها اليوم في ظل العالم الرقميّ الذي أزاح العالم الورقيّ جانباً، ليحل محلّه، ولاسيما أنّ جائحة “كورونا” آنذاك قد كمّمت أفواه الصحف مدة خمس سنوات، وأبعدتها بحجرٍ وعزلة عن متابعيها إلى اليوم، رغم إثبات الصحف براءتها من نقلها للفيروس بسبب أسطحها المساميّة- وفقاً لتقرير أعدته منظمة الصّحة العالميّة، لذا انضم الكثير منّا إلى العالم الرقميّ ليتابعوا الصّحف والمنصّات الإلكترونيّة فبرر استبعاد الصّحف الورقيّة ذريعة الجائحة والأوضاع الاقتصاديّة، أما البعض الآخر لم يجد سبباً مقنعاً لإيقاف إصدارها، أسوة بالدول التي تعاني ذات الارتدادات الاقتصادية التي فرضتها السياسة والجائحة في آن.

بعدَ مقدماتٍ عدّة عن “الصحف الورقية” هذا الكائن الحميمي الذي تجول به العالم وهو بين يديك وأنتَ جالس على كرسيك، أن تقرأ لغتك الأم حين تبصر عيناك النور، ولا يهون عليك “الخبز والملح” بينك وبينه، طالب آنذاك الكثير من الكتّاب والصحفيين أبناء هذه الأمّ الأوفياء بعودتها إلى الإصدار بعد طول الغياب، وباسترداد ولو جزء يسير من إنتاجها للتوثيق وليس للتسويق الذي فلح به الالكتروني.

حضارة من ورق

تقول الحضارات: إن حضارة إيبلا فيها أربعة وعشرون ألف رقيم مكتوب عليه، فالصحيفة آنذاك كانت من نخل العظام للكتابة وسُعف النخل، والحجارة وغيرها، معظم المؤرخين يؤكدون أنه ما من حضارة من دون كتاب وورق، الصحافة الورقيّة ليست وسيلة تجاريّة في نهاية الأمر، والصحافة الإلكترونية قد تكون واهية ويمكن أن تتلاشى في أي وقت…ولكل منا في ذلك رأيه الخاص! كنا نلتمس العذر لغياب الصّحف الورقية، “وأن مرحلة إيقاف الإصدار ستنتهي رغم مرارة هذه المرحلة واستيرادنا الورق بسعرٍ جنوني”، هذا ما كان يقال زمن النظام المخلوع الذي لم يكن مهتمّاً لعودة الصحف الورقيّة، ولسنا في صدد الدلائل التي تثبت ذلك، أما اليوم وفي ظل حكومة بناء سوريا الجديدة، نتوسّم خيراً في إعادة إصدار الصحف الورقيّة لما لها من أهميّة في توثيق الأحداث السياسيّة التي تمر بها سوريا، وما تحتويه من أرشيف وخاصة بعد نجاح الثّورة السّورية، وإنّ محبّة الصحف تفرض نفسها في نفوس قرائها ومتابعيها، وبالتالي لا يزال المعنيّون يدرسون إصدارها الورقيّ بحلّة جديدة وقريباً جداً ومؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر أنموذجاً.

شلّت الحركة الثقافية أيّما شلل، وأُبْعدت شريحة من المثقفين عن النشر الالكتروني الذي لا يفي بالغرض، ولا يلبي الطموح برأيهم، بعد إيقاف إصدار الصحف الورقيّة، فمعظم الكتّاب يحبذون أن يروا منتجهم في النشر الورقي، وأن جائحة “كورونا” ليست عائقاً للنشر الورقي، ففي بلدان اليمن والعراق والجزائر كانوا ينشرون الصحف الورقيّة رغم ما يعانونه من صعوبات اقتصادية، إذاً لم يكن هناك مبرر لتوقف الإصدار الورقي..

ذاكرة جماعيّة.. وثيقة وطن

هناك من يؤمن أن الإعلام ما زال محافظاً على سلطته الرابعة و”الصحف الورقية” لا تزال سلاحاً فعّالاً في وجه العدو أكثر من أي وقتٍ مضى، لا يفسّر غياب الصّحف الورقية لأن إعادة النشر الورقي ووجوده ربح سياسيّ وليس اقتصادياً، فالصحيفة الورقيّة تربط الذاكرة الجماعيّة، وتعدُ نافذة نطل من خلالها على المجتمع ونتلمّس هموم الناس ونرفعُ مستوى ثقافتهم، وهي إحدى أدوات الدولة وأولوية من أولوياتها، بحراك جدّي يعيد إصدار الورقيّ وإن كان ضمن الإمكانيّات وتخفيف الأعداد، وبالتالي تجديد الشكل والمحتوى لتكون الصحف الورقية قادرة على منافسة الإلكتروني، لتعود عجلة الإنتاج الورقي إلى دورانها.

هناك من يجد أن الصحافة الورقيّة هي أمّ عظيمة، فلا قيمة للأفكار من دون الورق، وعلينا أن نرجع إليها لتعود إلى عافيتها، لنعيد إليها كل هذا الحب والإدهاش، فالإصدار الورقي والإلكتروني تجربتان، وكل يمثل تجربته، لكن الصحافة لا يمكن الاستغناء عنها ولا يجب أن نتنازل عن مدّها العظيم، فهي وثيقة وطنيّة وأحلام وأفكار ومراحل من الزمن لا يمكن تعتيقها إلا بهذه الذاكرات التي تسمى الأرشيف الورقي ، فبالرغم من التقدم العلمي وظهور النشر الإلكتروني إلا أن للصحف الورقيّة الأهمية القصوى، فهي وثيقة للأجيال القادمة رغم تعلّق هذا الجيل بالعالم الأزرق إلا أنه لا يمكن أن يحل محل المصدر الورقي الذي سيبقى أساس التوثيق رغم الانتشار السريع للنشر الإلكتروني.

تعد الصحف الورقيّة مصدراً لثقافة المجتمع، الذي لا يدرك بعضه المهارة المعرفيّة في تتبّع ما تنشره المواقع الإلكترونيّة، واحتياجات النشر الالكتروني وأدواته “كهرباء وانترنت”، فبوقف الإصدار الورقيّ للصحف، افتقدنا وسيلة مهمّة من وسائل التواصل مع المواطن وما أحوجنا لهذه الصّلة، في وقت نجد الكثير من الدوريّات تُصدر الكُتب و المنشورات.

ثورة رقميّة

إن العالم الرقمي بمنصّاته يعتبر منبراً مهماً، وإن الثورة الرقميّة لا يمكن إيقافها وقد أثبتت براعتها في التسّويق والتوّثيق، وإن المستقبل للصحف الإلكترونيّة بلا منافس، ولا داعي لاستعادة الإصدار الورقي وما نعانيه من التكاليف الباهظة، إذا كان لابد من استعادة إصدار الصحف الورقيّة فيجب إيجاد صيغة جديدة بمحتوى جذّاب وجماليّة مُلفتة وإخراج إبداعي كي تستعيد الصحف ألقها وجاذبيتها للقراء.

أن تصدر الصحف الورقية أمر ليس بسهلٍ في مرحلة البناء والتأسيس، وأن تعبر هذه الصحف الحدود ليتم إيصالها إلى أبعد ما يكون أمر بغاية الأهميّة.. وهو ما نفذته في الأمس مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، ممثلة بمديرها العام خالد الخلف، بتوقيعه مذكرة تفاهم مع “الشركة العامة للطباعة” اللبنانية، والتي تهدف إلى دعم انتشار صحيفة الثورة بعد طباعتها ورقياً قريباً، وتحقيق عائد ماديّ من توزيعها، بالإضافة إلى تنظيم استيراد الصّحف والمجلات اللبنانية والعربيّة إلى السّوق السوريّة”، وقد جاء توقيع الاتفاقية خلال زيارة وفد لبناني برئاسة مدير “العامة للطباعة” زياد تويني إلى مقر “مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتووزيع” في دمشق، والقيام بجولة اطلاعية على مطابع المؤسسة وبحث سبل التعاون بين الجانبين في تحقيق صحافة ورقيّة تمتلك جناحين تؤدي رسالتها الفكريّة وتحلّق ملء إرادتها بحرية.

آخر الأخبار
الفرملي: تنسيق مع منظمتي "بلا حدود" و "حماية المدنيين" لتقديم منحة لدعم التأمين الرقمي  أهالٍ من القنيطرة يحتفلون برفع العقوبات عن سوريا احتفالات  في حمص برفع العقوبات رئيس اتحاد غرف التجارة السورية : رفع العقوبات سيسهم في عودة الاقتصاديين إلى وطنهم وتدفق الاستثمارات رئيس غرفة صناعة دمشق لـ"الثورة": رفع العقوبات هو التحرير الثاني لسوريا خبير اقتصادي  لـ"الثورة": رفع العقوبات يفتح باب الاستثمار ويحسّن مستوى الدخل الاقتصاد السوري بعد 13 أيار ليس كما قبله...  خربوطلي لـ"الثورة": فرص الاستثمار باتت أكثر من واعدة ماذا بعد رفع العقوبات..؟ الدكتور عربش لـ"الثورة": فتح نوافذ إيجابية جداً على الاقتصاد نائب وزير الطوارئ لـ "الثورة":  حرائق الغابات التهمت 150 هكتاراً جامعة دمشق تناقش أهمية إدخال تقنيات  الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار لتقديم أفضل مرور إنترنت في سوريا  الاتصالات تطلق مشروع "سيلك لينك" احتفالات كبيرة في طرطوس برفع العقوبات.. وإعادة التعافي للقطاعات  الشيباني: قرار ترامب برفع العقوبات نقطة تحول محورية للشعب السوري الأمم المتحدة ترحب بقرار ترامب رفع العقوبات على سوريا ترامب يعلن من الرياض رفع العقوبات عن سوريا "الاقتصاد والصناعة" تمنع تصدير الخردة الزراعة" و"أكساد" تطلقان دورة تدريبية لتشخيص الديدان الكبدية والوقاية منها إخماد حرائق غابات ريف اللاذقية انتهى.. والتبريد مستمر يوم حقلي لملاءمة أصناف القمح مع بيئة الشمال  الصحة: دعم الجهود الوطنية في التصدي لتفشي الكوليرا