الياسمينة المنسية .. نازك العابد.. امرأة قاومت بالكلمة والبندقية

الثورة – عمار النعمة:

أديبة وصحفية وناشطة اجتماعية وسياسية وهي واحدة من رواد النهضة الفكرية في الوطن العربي ورمز من رموز الحركة الوطنية، قارعت المستعمر، وأسست الجمعيات والمجلات الأدبية، وقاومت بالكلمة والبندقية معاً، ولقبت بالسيف الدمشقي وبجان دارك سوريا.

إنها نازك العابد التي شاركت في معركة ميسلون ضد زحف الجيوش الفرنسية إلى سوريا جنباً إلى جنب مع يوسف العظمة، وبدأت بتنظيم المظاهرات للفتيات تنديداً بالاحتلال، وقد نفتها سلطاته مرات عدة، لكنها تابعت نضالها، وهي خارج سوريا، وبعدها عادت، وشاركت في ثورة عام ١٩٢٥م.

ربما لم تكن نازك العابد استثناء بين بنات جيلها من طبقة النخبة المتعلمة، لكنها كانت بفرادتها المشهود لها نجمة يشحذ تألقها عملها الدؤوب الناجم عن هواجسها الإنسانية والوطنية ووعيها لحاجات وطنها في تلك المرحلة التاريخية وإحساسها العميق بالواجب تجاه بنات جنسها ومجتمعها، وكان أحد وجوه فرادتها أنها جمعت بين الأصالة والحداثة وبين الشخصية العربية الشرقية المتنورة، والشخصية المنفتحة على الغرب بوعي متحفز من دون انبهار.

راحت تتلمس لقضيّة بلادها آفاقاً واسعة، وتنشر فيها أخبار الثورة العربية وحق بلادها في الحرية والاستقلال وساعدتها شجاعتها ويسارةُ عيشها على التجوّل في أميركا والغرب لتشرح مطالب بلادها فحظيت بالإعجاب والتقدير.

“نازك العابد” عنوان كتاب صدر حديثاً، ضمن سلسلة “أعلام ومبدعون” إعداد: إيمان النايف، وقد سبق نشره إلكترونياً على موقع الهيئة العامة السورية للكتاب.

و”نازك” كلمة تركية تعني اللطيفة أو الرقيقة، وقد عُرِفَتْ تلك الفتاة الدمشقية بالشجاعة، وتحدت الاحتلال الفرنسي، وكانت تُعرف باسم “نازك العابد بيهم” نسبة إلى كنية زوجها، كما أنها إضافة إلى ما ذكرنا، لقيت بألقاب عدة منها: سيف، دمشق، نجمة ميسلون، الوردة الدمشقية، الياسمينة المنسية، رائدة تحرر المرأة السورية.

نعم، إنها من الشخصيات المهمة التي كان لها أثر كبير في العمل الوطني في سوريا وخارجها، وقد امتد نضالها إلى فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني.

الولادة والنشأة

ولدت نازك العابد عام ۱۸۸۷م في دمشق لأسرة سياسية عريقة، سكنت حي الميدان الدمشقي العريق، وتعود أصول الأسرة إلى مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب، وقد هاجرت إلى دمشق في القرن الثامن عشر، ووالدها هو مصطفى باشا العابد من أعيان دمشق، تولى محافظة الكرك وولاية الموصل في أواخر الحكم العثماني، وكان عمها أحمد عزت باشا العابد مستشاراً للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني، أما والدتها فهي فريدة الجلاد من النخبة المتنورة من نساء المجتمع الدمشقي.

نشأت نازك العابد في بيئة النخبة، وتعلمت مبادئ اللغتين العربية والتركية في المدرستين الرشيدتين الدمشقية والموصلية بدمشق، وتعلمت مبادئ اللغتين الفرنسية والألمانية على أيدي مدرسين مختصين.

نُفِيَتْ مع أسرتها إلى تركيا بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني، فدخلت مدرسة الفردوس للمرسلين الأميركان في إزمير، حيث تعلمت التصوير الضوئي وفن الرسم والموسيقا والعزف على البيانو، واهتمت بعلم التمريض والإسعاف.

كانت نازك العابد ذات شخصية قوية، وتتمتع بروح قيادية، وكانت تلقي الخطابات في مناسبات كثيرة، وقد اشتهرت بفصاحتها وقوة تأثير كلماتها، بدأت نشاطها الأدبي بعد عودتها من المنفى في أواخر عام ١٩١٨م، وكتبت في بعض الصحف باسم مستعار، ومنها “لسان العرب”، وانضمت إلى أسرة مجلة العروس في حمص، وهي مجلة لماري العجمي أُسست عام ١٩١٠م، وتُعد أول مطبوعة عربية تنادي بحقوق المرأة كي تكون سيدة مجتمع مثقفة تُدرك ما يجري حولها، وتشارك فيه، ومع إعلان الأمير فيصل تأسيس الحكومة العربية في دمشق عام ۱۹۱۸م، أسست نازك العابد في ١٤ آذار عام ١٩١٩ م جمعية نور الفيحاء التي تعنى بتعليم النساء وتثقيفهنّ، ثم أصدرت مجلة شهرية نسائية في بداية عام ١٩٢٠ م باسم نور الفيحاء، وهي مجلة أدبية اجتماعية تهدف إلى النهوض بدور المرأة في المجتمع.

ولا ننسى أيضاً أنها ساهمت مع فاطمة مردم وسلوى الغزي في تأسيس جمعية يقظة المرأة الشامية التي ضمت نخبة سيدات دمشق، وهي منظمة ذات هدف اجتماعي تربوي لتعليم السوريين ورعاية الشباب، كما قدمت فيها دورات تعليم اللغة الإنجليزية والخياطة للفتيات اليتيمات من ضحايا الحرب، ونظمت ورشات مهنية لتعليمهن الصناعات اليدوية، وفي غضون ذلك كانت العابد قد أسست مدرسة بنات الشهداء ومكتبتها.

مناصرتها للمرأة

المهندسة ميسون, [19/05/2025 01:42 م]
ناصرت العابد في كتاباتها المرأة وحقوقها، وخاصة في الانتخاب، وقد طرح ذلك في المؤتمر السوري عام ١٩١٩م، وتحدثت باسم الجمعية، واستكتبت سيدات دمشق العرائض اللازمة لتأييد الاستقلال في أثناء وجود لجنة (كينغ كراين) الأميركية التي شكلت بناءً على اقتراح الرئيس الأميركي ويلسون للوقوف على رغبات المواطنين في فلسطين وسورية ولبنان وشرق الأردن،

تمهيداً لتقرير مصير المنطقة، وقادت العابد تظاهرات نساء المعارضة، وهذا ما أثار إعجاب أحد أعضاء لجنة “تشارلز كراين” بذكائها وقوة حجتها، وقبل أن يغادر البلاد طلب منها أن تختار عدداً من الطالبات، لينفق على تعليمهن في الكلية الأميركية للبنات.

كانت العابد ذات شخصية قيادية، واشتهرت بقوة شخصيتها وفصاحتها وقوة تأثيرها، وكانت تلقي الخطابات في كثير من المناسبات، وهذا ما جعلهم يلقبونها في بيروت بنازك بيك، بدلاً من نازك خانم، وكانت اللغة عندها أداة لممارسة أفعال، وبذلك يصبح الخطاب قابلاً للتحقق، ولاسيما أنها كانت تلقي خطاباتها على نحو مدروس ومؤثر، وتعرف كيف تصل بحجتها وهدفها إلى قلب المتلقي وعقله في آن واحد، لذلك كانت مميزةً جداً بين أبناء جيلها.

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض