الثورة – نور جوخدار:
مع التغيرات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة، والانفتاح العربي والدولي المتزايد لإعادة دمشق إلى المسار الإقليمي واحتضانها من جديد بعد قطيعة دبلوماسية استمرت لأكثر من عقد عن العالم العربي، بدأت العواصم العربية تعيد حساباتها وترتب أوراقها السياسية وفق مستجدات المشهد.
وفي هذا السياق، اتخذت المملكة المغربية قرارًا استراتيجيًا لافتًا تمثل في إعادة فتح سفارتها بالعاصمة السورية وطي صفحة القطيعة، وجاء ذلك على لسان وزير خارجيتها ناصر بوريطة وبتوجيه من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، خلال مشاركته في القمة العربية الرابعة والثلاثين التي انعقدت يوم السبت الماضي في العاصمة العراقية بغداد.
البلعمشي: خطوة دبلوماسية ناضجة
وفي تصريح خاص لصحيفة “الثورة” أوضح رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط عبد الفتاح البلعمشي: إن قرار المملكة المغربية بإعادة فتح سفارتها في الجمهورية العربية السورية يُعد خطوة دبلوماسية ناضجة، مما يعكس موقفاً متقدماً ومشرفاً للمغرب تجاه الأخيرة ويعكس عمق العلاقات التاريخية والسياسية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، مضيفًا أن هذه المبادرة تؤكد زوال أسباب القطيعة التي امتدت لأكثر من 13 سنة، كما تعكس مواكبة المغرب ودعمها الصريح للواقع السوري الجديد وعودة الدولة لنشاطها الدبلوماسي في الساحة العربية والدولية، من منطلق جديد يفتح آفاقًا واعدة للتعاون والعمل المشترك.
وعن خلفية هذا القرار، أشار البلعمشي إلى أن العلاقات بين البلدين شهدت توترًا كبيرًا خلال الحراك السياسي والاجتماعي بسوريا زمن “الربيع العربي” وما عرفته من أحداث عنف شديد، حيث اتخذت الدبلوماسية المغربية آنذاك موقفًا صريحًا من الأحداث الدامية التي عرفتها سوريا، في ظل امتناع النظام السابق عن فتح حوار وطني مسؤول لاحتواء الأزمة، وظهور تداعيات الواقع على الأرض في سوريا على توازنات إقليمية ودولية غاية في الخطورة، وكان لها انعكاس مباشر على الشعب السوري داخل وخارج أرض الوطن، مبينا أن هذا الأمر دفع المغرب إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية مع دمشق وسحب السفير الراحل محمد الاخصاصي، وإغلاق السفارة المغربية في سوريا.
الدبلوماسية المغربية
وتابع البلعمشي أنه وبرغم هذا التوتر، بقيت الدبلوماسية المغربية تتابع عن كثب تطورات الأوضاع التي تجري على الأرض في سوريا، مع الاهتمام بالأوضاع الإنسانية كلما اشتد الوضع على الشعب السوري، عبر مبادرات فعلية أو من خلال اهتمام نشاط المغرب داخل المنظمات الدولية الحكومية.
وكان العاهل محمد السادس أكد في رسالة تلاها وزير الخارجية المغربي أمام القادة العرب المشاركين في القمة، على “دعم ومساندة الشعب السوري لتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته الوطنية” مجددا التأكيد على موقفه التاريخي الثابت، مبينا أن القرار”سيسهم في فتح آفاق أوسع للعلاقات الثنائية التاريخية بين بلدينا وشعبينا الشقيقين”.
وشدد البلعمشي على أن العلاقات بين الشعبين المغربي والسوري ثابتة ومتينة سواء من الناحية التاريخية، أو من حيث اصطفاف القوى الوطنية والحية بالمملكة إلى جانب طموحات الشعب السوري في التغيير والحرية والكرامة بالإضافة إلى الدعم المتبادل لكليهما في دعم القضايا الجوهرية للبلدين.
ومن المنتظر أن يقوم وفد تقني مغربي بزيارة مرتقبة إلى دمشق خلال الفترة القريبة القادمة، من أجل استكمال الترتيبات الفنية اللازمة لإعادة فتح السفارة.