طرطوس – فادية مجد:
تغزو بيئتنا البحرية أسماك وقاعيات تسبب خطراً على صحة الإنسان والبيئة البحرية، وهنا لابد من التوعية والتحذير حفاظاً على النظام البيئي والصيد.
صحيفة الثورة التقت مع الناشط في البيئة البحرية محمود هلهل، الذي أشار إلى أن البيئة البحرية السورية تتمتع بتنوع حيوي فريد في البحر الأبيض المتوسط، ولكنها تواجه اليوم غزواً صامتاً من كائنات دخيلة تُهدد هذا التوازن، وقد تسللت هذه الأنواع عبر السفن أو قناة السويس، وتأقلمت بسبب التغيرات المناخية، لتحتل موائل الكائنات الأصلية وتُخلّف آثاراً مدمرة على النظام البيئي والصيد.
أسماك غريبة
وأضاف: تتصدر سمكة النفيخة السامة قائمة الغزاة، إذ انتشرت بشكل كبير على السواحل السورية، ولم تكتفِ هذه السمكة بالقضاء على كائنات مثل قنافذ البحر (التوتيا) وموائلها الغذائية، بل تحمل سماً قاتلاً تسبّب في عدة وفيات بشرية في سوريا بسبب استهلاكها، أما أسماك الأسد ذات الزعانف السامة، فقد وجدت في المياه السورية بيئة مثالية للتكاثر من دون وجود مفترسات طبيعية، ما سمح لها بالتهام اليرقات والأسماك الصغيرة، الأمر الذي أدى إلى تراجع أعداد الأنواع المحلية مثل (القجاج والفريدي والمنوري والصلبن)، لافتاً إلى الخطر الذي تشكله سمكة (سلور القط المخطط الغازية)، التي تفتقر إلى أي قيمة اقتصادية أو غذائية، فضلاً عن سميتها وخطرها على الصيادين وانتشارها الكبير.
وأوضح هلهل أن الأسماك ليست وحدها الغازية، فالـطحالب أيضاً، ومن أنواع متعددة، تُشكل خطراً آخر، حيث تُغطي هذه الطحالب قاع البحر، فتُخنق الأعشاب البحرية الأصلية، وتُقلص مساحات التفريخ للأسماك، مؤكداً أن الأخطر فيها أن بعضها يفرز سموماً تهدد الحياة البحرية والبشر، كما تُسبب ملامستها تهيجاً جلدياً، وقد تتراكم فيها معادن ثقيلة كالزئبق، ما يعرض الكائنات والبشر لأخطار التسمم.
اختفاء أنواع محلية
وأشار إلى تسلل كائنات أخرى إلى السواحل البحرية مثل القواقع البحرية المدمرة لبيئات المحار المحلي، وسرطان البحر الأزرق الذي ينافس الأنواع المحلية على الغذاء، وقنافذ البحر الغازية السامة التي تُدمر الموائل الطبيعية من دون أن تُقدم أي فائدة اقتصادية، وهناك أيضاً السرطان القمري الرملي الذي غزا المياه الضحلة السورية وتكاثر فيها بشكل كبير جداً.
وحسب هلهل- فإن كل ما سبق ذكره سبب كوارث متشعبة، أبرزها بيئياً: اختفاء أنواع محلية، وتدهور الشعاب المرجانية، واختلال السلسلة الغذائية، واقتصادياً انخفاض إنتاج الصيد بنسبة كبيرة في بعض المناطق، وفقاً لتقارير محلية، أما صحيّاً فحدثت تسممات بشرية وتهديد السياحة البحرية بسبب تراجع جودة المياه.
وطالب الناشط في البيئة البحرية بضرورة الانتقال من المراقبة إلى التسلح بالوعي، وهنا لابد من استخدام تقنيات المراقبة الحديثة لاكتشاف الغزاة قبل انتشارهم، والتنسيق مع الصيادين على التعريف بالأنواع الضارة، وتشجيع صيد المفيد منها مثل أسماك الأسد بعد نزع زعانفها السامة كونها سمكة جيدة اللحم، وكذلك تشجيع المطاعم على استثمار لحمها اللذيذ بأطباق شهية تجذب الزبائن، مع ضرورة القيام بمبادرات لتنظيف القيعان الضحلة والشواطئ بشكل دوري، وإجراء مسابقات لصيد أسماك الأسد والنفيخة.
وأكد على ضرورة فرض قيود على مياه صابورة السفن، وتعزيز التعاون الإقليمي عبر اتفاقيات دولية، وإمكانية استقدام كائنات من نفس أنواع الكائنات المنقرضة أو النادرة وأعداء حيويين لهذه الأنواع، بعد إجراء دراسات معمقة.
ولفت إلى أنه علينا معرفة أن الحفاظ على الحياة البحرية السورية هو مسؤولية جماعية، يتطلب الأمر دعم الأبحاث المحلية، وإشراك الصيادين في صنع القرار، وتعزيز التعاون مع دول البحر المتوسط، ومن دون تحرك عاجل، سنخسر ليس فقط تنوعنا البيولوجي، بل مصدر رزق آلاف العائلات التي تعتمد على البحر.