الثورة – عبد الحميد غانم:
يعتبر موضوع انحباس الأمطار والجفاف المتكرر من أكثر التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، نظراً لتأثيره المباشر على انخفاض منسوب المياه الجوفية وتخازين السدود.
معدلات متدنية
رئيس دائرة التخطيط الإنتاجي في مديرية الاقتصاد والتخطيط الزراعي المهندسة ميساء الحايك، أكدت في تصريح لـ”الثورة” أن الجفاف في سوريا لا تقتـصر آثـاره عـلى نقـص الميـاه، بـل تمتد لتشـمل القطـاع الزراعـي بأكملـه، مشيرة إلى أن سوريا تعتبر واحدة من البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات التغيرات المناخية، ويتجلى ذلك من خلال الظواهر المناخية المتطرفة التي لم تعهدها من قبل، كانحباس الأمطار، والانزياح في مواسم الهطول وطول الموجات الحارة.
ونوهت المهندسة الحايك، بأن تلك الظروف أدت إلى تدهور كبير في المناطق الجافة وشبه الجافة، وحدوث موجات حارة ترافقت مع تراجع الغطاء النباتي، وأدت إلى انخفاض المساحات المزروعة، ولاسيما المساحات البعلية (التي تعتمد على الهطولات المطرية وتشكل ثلثي المساحات المستثمرة في الزراعة، وبالتالي تراجع غلة المحاصيل الزراعيـة التي تعتمد على الأمطار، ما يؤثر على الأمن المائي والغذائي).
وحول معدلات الهطولات المطرية خلال الموسم الحالي 2024-2025، بينت الحايك أنها معدلات متدنية لم تصل إلى المعدل السنوي لاسيما في المناطق الشرقية والشمالية، وكان للهطول المطري المنخفض هذا العام الأثر الواضح على تخازين السدود (والتي لها الدور الكبير في تنفيذ خطة الزراعات الصيفية)، منوهة بأن شكل التخزين الأعظمي للسدود للعام الحالي وصل إلى 50 بالمئة مقارنة بالموسم السابق.
تراجع المساحات المزروعة
قلة الهطولات المطرية انعكس، كما أكدت الحايك، على تراجع المساحات المزروعة بالمحاصيل الشتوية ولاسيما المحاصيل الاستراتيجية، وإن المساحات المزروعة بمحصول القمح بلغت 1099 ألف هكتار، مقابل 1276هكتاراً للموسم السابق، ناهيك أن 60 بالمئة من هذه المساحات بعلية، أي أنها خرجت من الإنتاج بسبب التغييرات المناخية الحاصلة من حيث تأخر موسم الهطول المطري وقلة الهطولات المطرية وارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في تقديرات الإنتاج، وبالتالي الاعتماد بشكل أكبر على الاستيراد لسد الاحتياجات اللازمة لتأمين الخبز.
ونوهت الحايك بأن المساحة المزروعة بمحصول الشعير تراجعت من 1360 ألف هكتار للموسم السابق إلى 1025 ألف هكتار للموسم الحالي، في حين تأثر الموسم الزراعي للبقوليات الغذائية بشكل كبير، ولاسيما لمحصول الحمص، كون معظم المساحات المزروعة من محصول الحمص تزرع في الربيع بعد الهطولات المطرية، حيث تراجعت المساحة المزروعة بالبقوليات الغذائية من 177 ألف هكتار إلى 98 ألف هكتار.
مخازين السدود
ولفتت إلى انخفاض مستوى مخازين السدود في كل المحافظات بشكل كبير مقارنة مع مخازينها في الفترة نفسها من العام الماضي، فقد تمّ إعادة النظر في خطة الزراعات الصيفية وتعديلها، إذ خفضت المساحة المخططة بمقدار (18781/ هكتاراً زراعات رئيسية صيفيةــــ 3645/ هكتاراً زراعات صيفية تكثيفية)، وتوقعت أن هذا الأمر يؤثر بشكل مباشر على الكميات المصدرة من المحاصيل والخضار الصيفية.
وبينت الحايك أن القطاع الزراعي يستهلك حوالي 88 بالمئة من الموارد المائية بالمقارنة مع 9بالمئة للشرب و3بالمئة للقطاعات الأخرى، ما يستوجب التوجه نحو ترشيد الاستخدام في هذا القطاع.
حلول “الزراعة”
ومن هنا تقوم وزارة الزراعة باتخاذ حلول للحفاظ على استدامة المياه عبر وضع خطط زراعية لزراعات تلائم ندرة الموارد المائية المتاحة، أي الزراعات التي تحتاج لمياه أقل وذات عائد اقتصادي جيد، فضلاً عن العمل لتأمين مصادر بديلة عن طريق معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي قبل صرفها إلى المجاري المائية، وذلك بهدف استخدامها في الري الزراعي، كمصدر إضافي وحماية الموارد المائية من التلوث.
إلى جانب الاستمرار بدعم التحول إلى منظومة الري الحديث الذي يوفر نحو 50 بالمئة من مياه الري مقارنة بأساليب الري التقليدي، ويرفع كفاءة الاستخدام إلى حوالي 90بالمئة.
الرّي الجماعي
إضافة إلى نشر ثقافة الري الجماعي والتشاركية في مجال استخدام المياه عن طريق تشكيل جمعيات مستخدمي المياه بهدف الاستخدام التشاركي الأمثل للموارد المائية بشكل فعال، بما يضمن رفع كفاءة استخدام المياه ومراقبة كميات المياه المستجرة، والاستمرار بتنفيذ مشاريع حصاد المياه عن طريق إنشاء السدود والسدات المائية والحفائر والخزانات لمختلف الأغراض (شرب، ري، درء فيضان وغيرها).