الثورة – سومر الحنيش:
مع اقتراب صيف تصل حرارته إلى ذروتها، تواجه سوريا كارثة مائية تلوح في الأفق، إذ تنذر المؤشرات بتحول كبير في المشهد المناخي والموارد المائية، فانخفاض الهطولات المطرية إلى أكثر من نصف معدلاتها السنوية، وانتشار الآبار غير المرخصة، وتهالك البنية التحتية، تدفع الملايين نحو مواجهة يومية مع شح مياه الشرب.
بينما يحذر خبراء من أن الاستجابة البطيئة قد تحول الأزمة إلى سيناريو لا يحتمل، خاصة مع تصاعد ظاهرة “اقتصاد الصهاريج” الذي يستنزف جيوب السكان.
على حافة الانهيار
تشير بيانات المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق وريفها إلى تراجع خطير في الموارد المائية، وانخفضت كميات الهطول المطري على حوض “الفيجة”- المصدر الرئيسي لمياه العاصمة- إلى 34 بالمئة من معدلاتها السنوية، فيما وصل الانخفاض إلى 28 بالمئة في أحواض محيط المدينة.
وتفاقمت الأزمة مع خروج مئات الآبار عن الخدمة خلال السنوات الـ14 الماضية بسبب الاستنزاف الجائر وعدم الصيانة، في حين يصل العجز اليومي في توفير المياه إلى نحو 159 ألف متر مكعب، وسط توقعات بمزيد من التراجع مع اشتداد الحر.
تحولت أزمة المياه إلى كابوس يومي للسكان، كما يروي “أبو سليم” من حي التضامن: “نعتمد على تعبئة الكالونات من الصنابير، بسبب عدم وصول المياه إلى الخزانات”.
أما “أبو محمد” القاطن في حي الزاهرة، فيشير إلى أن عائلته تحتاج إلى 10 براميل ماء كل 3 أيام، بتكلفة تصل إلى 300 ألف ليرة سورية، قائلاً: “الراتب لا يكفي.. أصحاب الصهاريج يتحكمون بنا”.
من جهته، يؤكد “حسان” بائع خزانات في سوق المناخلية أن الإقبال على الخزانات تضاعف، مع ارتفاع أسعارها والتي تتراوح من 500 ألف ليرة إلى 1.5 مليون ليرة للخزان الواحد، وارتفاع تكاليف التركيب.
قوة ضخ المياه خلال أوقات التزويد يعتبر خطوة إيجابية تستحق الإشادة، خاصةً عندما ترافق بحملات توعوية مكثفة كتلك التي تنفذها مؤسسة المياه، حيث يعاني غالبية المجتمع من ضعف الوعي بثقافة ترشيد الاستهلاك.
يطالب الخبير المائي المهندس “سامر الجاسم” بخطوات عاجلة، أبرزها: ضبط الآبار غير الشرعية، عبر ختمها بالشمع الأحمر وتركيب عدادات لفلاحي الأراضي الزراعية كي لا يستهلك أكثر من الحاجة، وتشغيل مشاريع تحلية مياه البحر، وجر المياه من نهر الفرات، وبناء سدود صغيرة لحصاد الأمطار وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل المضخات.
مضيفاً: “الأهم هو حملات توعية لترشيد الاستهلاك المنزلي والزراعي، في كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لأننا نعاني كثيراً من سوء استهلاك وهدر المياه.
لا بد من العمل على أمرين بالتوازي الأول هو الإسراع بالحل قبل أن تعطش البلاد، ومع هذا يجب مراعاة أن تكون الحلول مستدامة وليست تجميلية أو إسعافية وسط تغير مناخي قادم وفصول شتاء نادرة أو خالية الأمطار.