جيلٌ كُسرت طفولته.. عمالة الأطفال في سوريا بعد الحرب

إيمان زرزور – كاتبة صحفية

بعد أكثر من عقد على الحرب التي مزقت النسيج الاجتماعي السوري، وأفرزت مآسي لا حصر لها، تتصدر “ظاهرة عمالة الأطفال” المشهد بوصفها واحدة من أكثر الآثار فتكًا بالجيل الجديد، والذي يُفترض أن يكون ركيزة المستقبل، لا ضحيته، لأن هؤلاء الأطفال هم العمود الفقري الذي سيبني الوطن ويساهم في إعادة النهضة.

أدت ظروف الحرب التي استمرت لعقد ونصف لتعطل المنظومة التعليمية وتفشي الفقر، وجد مئات الآلاف من الأطفال السوريين أنفسهم خارج المدارس، وفي مواقع العمل، يكدحون في بيئات لا تراعي أعمارهم ولا حقوقهم، فكانوا رجالاً قبل أوانهم، وتحملوا أعباء عائلات فقدت معيلها، يكدحون في أعمال ثقيلة على أجسادهم المنهكة، لتحصيل لقمة العيش ومواجهة الحاجة.

تتنوع الأعمال التي يُجبر الأطفال على ممارستها بين الأعمال الزراعية واليدوية، والعمل في ورش الصناعة، أو البيع في الشوارع، وحتى أنشطة شديدة الخطورة مثل جمع الخردة وسط الأنقاض أو تفكيك مخلفات الحرب، ما يعرضهم لمخاطر صحية ونفسية هائلة، عدا عم توجه الكثير منهم للتسول.

ولعل أبرز الأسباب التي دفعت فئة كبيرة من الأطفال في سوريا لترك التعليم والتوجه للعمل منها “فقدان المعيل الأساسي بسبب الوفاة أو الاعتقال، تدمير البنية التحتية التعليمية، وتحول المدارس إلى ملاجئ أو ثكنات”، هذا عدا عن الفقر والعوز بسبب الوضع الاقتصادي المتردي للأسر ذات الدخل المحدود، وتشير دراسات ميدانية إلى أن أكثر من 65% من الأطفال العاملين هم خارج أي إطار تعليمي، في حين يعاني 40% منهم من أعراض اضطرابات نفسية مرتبطة بالعمل المبكر والحرمان من الطفولة.

وعرّفت منظمة العمل الدولية (ILO) عمالة الأطفال بأنها: “العمل الذي يحرم الأطفال من طفولتهم، وإمكاناتهم، وكرامتهم، ويؤثر سلبًا على نموهم البدني والنفسي”. وتشمل هذه الأعمال جميع الأنشطة التي تُمارس من قبل أطفال دون السن القانونية، والتي تعيق تعليمهم أو تُعرضهم لمخاطر جسدية أو نفسية.

ويترتب على عمالة الأطفال الكثير من الآثار السلبية، تؤثر على مستقبلهم وتفكيرهم، إذ يتعرض الأطفال العاملون لمخاطر جسدية نتيجة بيئات العمل الخطرة، أو الجهد البدني المفرط، كما يواجهون حالات من التوتر، والقلق، وانعدام الاستقرار النفسي، وقد تظهر عليه سلوكيات عدوانية أو انسحابية.

وتتسبب العمالة في انقطاع الأطفال عن الدراسة، أو تراجع تحصيلهم، ما يؤدي إلى إعادة إنتاج الفقر والجهل، في وقت تقل فرص الأطفال العاملين في الحصول على وظائف لائقة مستقبلًا، مما يكرس التهميش الاجتماعي والاقتصادي.

ومع انتهاء الحرب، يحذر المختصون من أن إهمال هذه القضية سيؤدي إلى فقدان جيل كامل من السوريين، ما يُضعف أي جهود مستقبلية لإعادة الإعمار أو تحقيق الاستقرار، ويؤكدون أن الفرصة باتت مواتية للبدء فعليًا في إعادة تأهيل الأطفال العاملين، ووضع حد لهذه الظاهرة التي تُعد أحد أخطر إرث المرحلة السابقة.

وبات من الضروري التصدي للظاهرة بإجراءات ورؤية شاملة، من خلال بناء استراتيجيات وطنية جادة تُعالج جذور الظاهرة، خاصة الفقر والتهميش، وتقديم دعم مالي واجتماعي حقيقي للأسر ذات الدخل المحدود، مع تحسين نوعية التعليم وتسهيل الوصول إليه في المناطق المهمشة والنائية، وفرض رقابة فعالة على أماكن العمل، وتطبيق القوانين الرادعة بحق من يستغل الأطفال، كذلك إطلاق حملات توعوية تثقيفية تُعيد تعريف الطفولة كحق مقدّس لا يُمَس.

آخر الأخبار
سوريا: التوغل الإسرائيلي في بيت جن انتهاك واضح للقانون الدولي محافظ درعا يحاور الإعلاميين حول الواقع الخدمي والاحتياجات الضرورية جامعة إدلب تحتفل بتخريج "دفعة التحرير" من كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال وزارة الداخلية تُعلق على اقتحام الاحتلال لبيت جن: انتهاك للسيادة وتصعيد يهدد أمن المنطقة شريان طرطوس الحيوي.. بوابة سوريا الاستراتيجية عثمان لـ"الثورة": المزارع يقبض ثمن القمح وفق فاتورة تسعر بالدولار وتدفع بالليرة دور خدمي وعلاجي للعلوم الصحية يربط الجامعة بالمجتمع "التعليم العالي": جلسات تعويضية للطلاب للامتحانات العملية مكأفاة القمح.. ضمان للذهب الأصفر   مزارعون لـ"الثورة": تحفيز وتشجيع   وجاءت في الوقت المناسب ملايين السوريين في خطر..  نقص بالأمن الغذائي وارتفاع بتكاليف المعيشة وفجوة بين الدخول والاحتياجات من بوادر رفع العقوبات.. إبراهيم لـ"الثورة": انخفاض تكلفة الإنتاج الزراعي والحيواني وسط نمو مذهل للمصارف الإسلامية.. الكفة لمن ترجح..؟! استقطاب للزبائن وأريحية واسعة لجذب الودائع  إعادة افتتاح معبر البوكمال الحدودي مع العراق خلال أيام اجتماع تحضيري استعداداً للمؤتمر الدولي للاستثمار بدير الزور..  محور حيوي للتعافي وإعادة الإعمار الوط... حلم الأطفال ينهار تحت عبء أقساط التعليم بحلب  The New Arab : تنامي العلاقات الأمنية الخليجية الأميركية هل يؤثر على التفوق العسكري لإسرائيل؟ واشنطن تجلي بعض دبلوماسييها..هل تقود المفاوضات المتعثرة إلى حرب مع إيران؟ الدفاع التركية: هدفنا حماية وحدة أراضي سوريا والتعاون لمكافحة الإرهاب إيران.. بين التصعيد النووي والخوف من قبضة "كبح الزناد" وصول باخرة محملة بـ 8 آلاف طن قمح الى مرفأ طرطوس